مجلس سوريا الديمقراطية والانفتاح الدبلوماسي

 

أقام مجلس سوريا الديمقراطي وعلى مدار الأشهر الماضية لقاءات جماهيرية مع أطراف فاعلة، وشخصيات وكيانات سياسية متعددة وقد أجمعت هذه الأطراف على أن الحل السياسي هو السبيل الأمثل للخروج من بوتقة الحرب السورية التي انهكت الشعب السوري.

إنّ الآراء و الأطروحات التي نتجت عن لقاءات مسد هذه، جذبت انتباه المعارضة السورية في الخارج وأدخلتها في حالة تخبط ، حيث قامت هذه الكيانات إلى المسارعة في تقديم المسببات والذرائع بهدف إفشال الجهود السياسية التي تقوم بها “مسد” بالإضافة لتكثيف الأطراف الداعمة لهذه القوى وعلى رأسها تركيا من وتيرة تهديداتها لسد الطريق وإشغال الداخل السوري بهجوم عسكري والذي قد ينسف كل الجهود التي يبذلها مجلس سوريا الديمقراطي إلا أن التغيرات التي طرأت على موضوع الهجوم العسكري وتناقضات الداخل، قد أتت بشكل مغاير للتوقعات التي كانت تتوقعها تلك الأطراف مما يعني أن محاولاتها قد فشلت الى حين.

جولات مكوكية لأطراف دبلوماسية أوربية إلى شمال شرق سوريا

حملت الزيارة التي قامت بها وفود أوربية مؤخراً إلى شمال شرق سوريا ولقاءاتها  مع ممثلين عن مجلس سوريا الديمقراطي وعن الإدارة الذاتية ملامح انفتاح أوربي على التجربة السياسية التي قادتها مسد في المنطقة والقدرة على إدارة مناطق شمال شرق سوريا وتحويلها إلى اكثر المناطق استقراراً في سوريا.

لقد حولت إدارة شمال شرق سوريا بشقيها السياسي والعسكري المنطقة إلى حاضنة  تمثل إرادة الشعب السوري بالإضافة إلى القدرة في تقرير مصير ومستقبل المنطقة ككل، حيث أن المشروع السياسي لمسد لا يشمل فقط مناطق شمال شرق سوريا، والأمر يثير المخاوف لدى العديد من الأطراف الخارجية والكيانات السورية المرتبطة باجندات خارجية أو احتلالية، ومع تأكيد مسد أن مشروعها يرمي إلى تقديم الحل السياسي لسورية وتمثيل كافة المكونات السورية لعل هذا الأمر هو الذي قد دفع مؤخراً نائبة رئيس اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية نادين مينزا إلى توصية الحكومة الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها فيما يتعلق بسوريا وإعادة النظر بالأطراف التي اثبتت نجاح تجربتها بجدارة في إشارة إلى تجربة الإدارة الذاتية ، من جانبٍ آخر فإن الوفود التي زارت شمال شرق سوريا مؤخراً أبدت الرؤية نفسها فيما يتعلق بمصير المنطقة.

الأطراف السياسية ومسد

تداول قادة رفيعو المستوى ضمن مجلس سوريا الديمقراطية على مدار الأيام الماضية سلسلة من التصريحات التي تتحدث عن قرب إطلاق مشروع سياسي مشترك ومذكرات تفاهم بين المعارضة السورية وبين “مسد” دون توضيح أي معالم حول الأطراف والشخصيات السياسية التي ستقوم “مسد” بتوقيع مذكرة التفاهم معها، وفقاً لما قالته الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطي إلهام أحمد في تصريحٍ أدلتْ به.

من جانبٍ آخر كانت قد أشارت مواقع إعلامية في الشمال السوري إلى انضمام بعض الشخصيات والكيانات السياسية المعارضة التي كانت قد انشقت مؤخراً عن الائتلاف الوطني السوري والمنصات المعارضة بالتقرب من الإدارة الذاتية و أكدت هذه الشخصيات على عدم جدية الأطراف التي كانت تعمل معها في السابق وضرورة اللجوء إلى الحل السياسي والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي 2254

من جانب آخرفقد أكدت العديد من الأطياف والكيانات التي تتواجد في جسم الائتلاف بأن القرار السياسي ضمن الائتلاف ليس للسوريين بل بيد أنقرة وما تراه يتماشى مع سياساتها، ولعل هذه المسوّغات أيضاً دفعت ببعض الشخصيات لعدم الثقة بأهلية المعارضة المتواجدة في اسطنبول و تمثيلها لمسار الحل في سوريا.

 

معادلة سياسية سورية جديدة

حملت التصريحات التي تداولتها الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطي إلهام أحمد مؤشرات لمسار سياسي جديد سينطلق من مناطق شمال شرق سوريا ولعل حديثها عن بناء مشروع سياسي مشترك سيكون مركزه شمال شرق سوريا ليس إلا قراءة موضوعية لما خلفته خضوع الأطراف السياسية للأجندات الخارجية، الأمر عينه أكدته بعض القوى السورية المعارضة وحاولت الخروج من كنف الدولة التركية ومعارضتها الشكلية واللجوء إلى الأطراف الأكثر فاعلية نظراً إلى الانفتاح الدبلوماسي لهذه الأطراف في المحافل الدولية والتعاطف الغربي القوي معها، ونقصد به هنا مجلس سوريا الديمقراطي والمكونات الفاعلة تحت مظلته السياسية.

يمكن القول بأن ما سيخلفه تشكيل جسم سياسي متحدة بين مجلس سوريا الديمقراطي وبين بعض الشخصيات والكيانات التي كانت محسوبة في وقتٍ سابق على المعارضة الخارجية سيكون له تأثيرات على سحب ورقة المعارضة السورية من بين مخالب الدولة التركية، وبالتالي انخراط قوى إقليمية جديدة في حلحلة المسار السياسي السوري، مما يمكن التكهن بان الأيام القادمة كفيلة بإعادة رسم خارطة المعارضة السورية من جديد، وتوجيه ضربة استباقية إلى الدولة التركية التي تحتكر ورقة المعارضة السورية التي تتواجد على أراضيها منذ سنين من عمر الأزمة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى