تركيا الملجأ الأخير لداعش

بعد إعلان الخلافة الداعشية 29/6/2014 ومركزها مدينة الرقة السورية، وإطلاق سراح الرهائن الأتراك الذين احتجزوا عند استيلاء التنظيم على القنصلية التركية العامة في الموصل 20/9/2014 والتي حملت معها الكثير من علامات الاستفهام. ومن ثم سيطرة التنظيم على مساحات كبيرة من سوريا والعراق وتهديدها لأمن المنطقة والعالم بأكمله من خلال القيام بمجازر وعمليات انتحارية، استطاعت تركيا استغلال هذا التنظيم واستخدامه لتنفيذ أجندتها في سوريا والعراق، حيث جعل أردوغان من الأراضي التركية ممراً ومقرّاً لتجنيد عناصر داعش وتقديم الدعم العسكري والمالي واللوجستي لهم، وإرسالهم إلى سوريا والعراق لمهاجمة المناطق الكردية في روج آفا وباشور كوردستان وبعد سيطرتهم على مساحات كبيرة حاول التنظيم احتلال مدينة كوباني لربط حدود خلافته بالدولة التركية الداعم الرئيسي لها في المنطقة، إلا أن هذا التنظيم وبالرغم من زرع الرعب في العالم ” كما فعل جنكيز خان وهولاكو” تلقى أول هزيمة له على يد وحدات حماية الشعب والمرأة في كوباني في 27/1/2015، وبعد تشكيل قوات سوريا الديمقراطية من أبناء المنطقة “كرداً وعرباً وسريان وآشوريين وتركمان” في 10/10/2015 بدأت تلك القوات مع وحدات حماية الشعب والمرأة “حملة عاصفة الجزيرة” لتحرير مناطق سيطرة تنظيم داعش وحررت مدينة منبج في13/8/2016حيث تدخلت تركيا لحماية التنظيم وإفشال المشروع الديمقراطي بالوصول إلى عفرين حيث قامت بعملية عسكرية تحت مسمى درع الفرات باحتلال جرابلس والباب وإعزاز بحجة محاربة داعش. إلا أن قوات سوريا الديمقراطية استكملت مرحلة التحرير واستطاعت تحرير مدينة الرقة عاصمة الخلافة المزعومة في 20/10/2017، إلا أن تركيا وبالتوازي مع خسائر تنظيم داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية أصبحت تزيد من حدة لهجتها وتهدد بشن عملية عسكرية على شرق الفرات لمنح تنظيم داعش الفرصة لالتقاط انفاسه، والتي جعلت من حملة التحرير تتوقف أكثر من مرة لحماية المنطقة من الاحتلال التركي، ومع استمرار تحرير المناطق قامت تركيا بالقيام بعملية ثانية تحت مسمى عملية غصن الزيتون وبضوء أخضر روسي باحتلال عفرين في18/3/2018 وبدأت بعملية تغيير ديمغرافي في عفرين وجعلت المناطق الواقعة تحت احتلالها من جرابلس إلى إدلب مروراً بالباب وإعزاز وعفرين وكراً للجماعات المسلحة الإرهابية “درع الفرت، أحرار الشام، جبهة النصرة، داعش”. وبعد توقف حملة تحرير مناطق سيطرة داعش أثناء الاحتلال التركي لعفرين بدأت حملة عاصفة الجزيرة بتحرير المناطق، ورغم الضغوط التركية والتهديدات المستمرة تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من القضاء على تنظيم داعش وإنهاء تواجده جغرافياً وذلك بتحرير آخر معاقل التنظيم في الباغوز شرق الفرات في 23/3/2019 وتم تخليص العالم من شرور التنظيم الإرهابي إلا أن التكلفة كانت كبيرة والتي وصلت إلى 11 ألف شهيد و21 ألف جريح من قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة عدا الخسائر المدنية والخسائر الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. وقد أعلن القائد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني أنه بعد معارك استمرت خمس سنوات هُزِم تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، مشيراً إلى أن الحرب ضد “داعش” الإرهابي مستمرة حتى القضاء على وجوده كلياً. وقد كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن وجود خلايا نائمة شرقي الفرات، تستعد لتنفيذ عمليات اغتيال في صفوف قوات سوريا الديمقراطية والقوات التابعة لها. ونقل المرصد عن عدد من المصادر “الموثوقة” التي لم يسمها، أن بعض هذه الخلايا مرتبطة بتركيا، محذرة من عمليات قد تنفذها هذه الخلايا ضد مقاتلين وقادة في قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الديمقراطية. كما أن الذين استسلموا لقوات سوريا الديمقراطية طالبوا بالعودة إلى تركيا، وبحسب صحيفة “حرييت” التركية، فقد عرض أردوغان على ترامب أن تتولى تركيا مسؤولية نقل 800 مسلح من تنظيم داعش لدى قوات سوريا الديمقراطية، إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون “عفرين”، التي تسيطر عليها في شمال سوريا. والمعروف أن لتركيا علاقات قوية مع قيادات داعش، حيث يعمل أردوغان على استخدام ورقة داعش للضغط على الدول الأوربية لتنفيذ أجندته والانصياع له في المنطقة، من خلال قيام داعش بعمليات إرهابية في بعض المدن الأوربية والأمريكية بالإضافة إلى تهديده للدول الأوروبية بملف المهاجرين, وقيامه بعمليات داخل مناطق روج آفا “شمال وشرق سوريا” للضغط على الولايات المتحدة وفرنسا، خاصة بما يتعلق بالمنطقة الآمنة وعلاقة الولايات المتحدة بقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب و المرأة، لذا فإن تركيا من أجل تنفيذ مشروعها “الميثاق المِلّي” والسيطرة على المنطقة، ستعمل على إعادة إحياء تنظيم داعش وإعادة هيكلته من جديد في داخل الأراضي التركية واستخدامه لضرب مناطق حيوية سواء في شمال وشرق سوريا أو في داخل المجتمع الأوروبي وحتى الأمريكي، تؤثر على قرارات تلك الدول التي تقف في وجه مشروعها في المنطقة. وما يثبت أيضاً أن تركيا هي الموطن الأخير لداعش ما نشرته المجلة الأمريكية ذي اتلانتيك الأمريكية26/3/2019 عن أن تنظيم داعش قد نقل الجزء الأكبر من أصوله التجارية الى تركيا وكدس أموالاً طائلة وكميات كبيرة من الذهب في تركيا مما يعني انتقال مركز الخلافة لتنظيم داعش من الرقة إلى إسطنبول، وهذا يتطلب تحرك دولي ضد تركيا ومحاسبتها وعلى رأسها سلطان الجماعات المتطرفة رجب طيب أردوغان.

زر الذهاب إلى الأعلى