مصيبة زلزال تركيا ومكاسب  أردوغان

بعد  أسبوع من الفاجعة التي تعرضت لها تركيا وسوريا نتيجة الزلزال المدمر الذي تجاوز ضحاياه إلى أكثر من “40” ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى مع تضاؤل  الأمل بوجود أحياء تحت الأنقاض ، وعلى وقعها انهالت المساعدات الدولية على أنقرة حيث أعلنت عدة دول عربية وغربية  عن أستعدادها لدعم تركيا في مواجهة الزلزال ومنها دول على خلاف شديد مع أنقرة مثل ” مصر واليونان و فرنسا والسويد “ولكن الحظ يمنح أردوغان فرصة لتحسين مواقفه المتوترة داخليا وخارجيا ، وقد يعكس التعاطف مع كارثة الزلزال تطورات سياسية تخدم أردوغان  في الوقت الذي تشن فيه واشنطن هجوما على الرئيس التركي على خلفية دعمه لروسيا في حربها مع أوكرانيا  وملفات عدة في المنطقة .

طلب جو بايدن الرئيس الأمريكي إلى وكالة التنمية الدولية بتقديم مساعدات عاجلة لأنقرة وقد يتعاطف معه الكونجرس الأمريكي لتمرير صفقة طائرات “اإف 16” بينما وعد الأتحاد الأوربي بتقديم مساعدات عاجلة لتركيا والمناطق المنكوبة وكما أعلن الأمين العام لحلف “الناتو “” ينس ستولتنبرغ ” عن تحرك سريع لتقديم المساعدة وبينما قررت السويد  إرسال مساعدات ربما تسهم في تحول موقف تركيا بالموافقة بضمها إلى الحلف الأطلسي والتي قد تسفر لاحقا ًعن تقدم في المشاورات وإعادة العلاقات بين الطرفين وعلى الرغم من تهديد أردوغان  السابق بغزو اليونان  على خلفية المسح الجيولوجي والتنقيب والتسلح  في بحر إيجة  قدم رئيس الوزراء اليوناني “كيرياكوس ميتسوتاكيس” تعازيه  لأسر الضحايا وأعلن عن حشد موارد بلاده لتقديم المساعدات وهذا كله ربما يعكس الموقف الإنساني  على تحسن العلاقة مع  أنقرة.

وداخليا بعد عدة أيام استنفر الرئيس التركي وأعضاء حكومته جميع أمكاناتهم  لمواجهة الكارثة  لكسب التأييد الشعبي الواسع وسط ظهور خجول من المعارضة ماعدا حزب الشعوب الديمقراطي التي استنفذ جميع طاقاته لمساعدة المنكوبين في المناطق ذات الغالبية الكردية أو مناطق الأخرى التي أصطدمت مع قوات الأمن التركية وأدت إلى مصادرة المساعات من قبل حكومة أردوغان المقدمة إلى المناطق المفجوعة .

ومع وصول المزيد من المساعدات الدولية والإقليمية  ستنتعش خزينة الحكومة التركية بعدما عانت من تضخم في الليرة التركية وأنهيارها بما يسمح بتحسٌن الوضع الأقتصادي المتردي والمتعثر خلال السنوات الأخيرة والذي بدوره سيجعل أردوغان في وضع أفضل أمام المعارضة قبيل الأنتخابات  الرئاسية والبرلمانية في مايو “أيار ” القادم مالم يتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى حسب مصلحة أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية )

فهناك عدة خيارات يمكن لأردوغان أن يلعب على أوتارها في المرحلة المقبلة وهي كالتالي :

  • لاشك بأن أردوغان سوف يستخدم ورقة زلزال مدينة أزميت عام “1999” التي كانت فيها  المعارضة تحكم تركيا وعدم كفاءة السلطات  آنذاك أدت إلى  فوز حزبه في الانتخابات بعد الكارثة بثلاث سنوات والتي من جهتها  تلعب المعارضة على نفس الوتر .

  • يعي أردوغان أن المحافظات الكردية لها الكلمة الفصل في الانتخابات القادمة من حيث أصوات الناخبين وخاصة أنه أمام تحدٍ تاريخي صعب جداً بعد الزلزال الأخير الذي ضرب   شمال كردستان وقلبها النابض مدينة  ( آمد )  لذلك قام بزيارتها مؤخراً بعد الزلزال وقدّم  الوعود للأهالي ببناء المساكن للمتضررين من الزلزال  والذي يعي جيدا بأن الزلزال السياسي في المناطق الكردية ( الانتخابات ) قد تطيح به وبحزبه إلى الابد ولذلك يقوم بتقديم الوعود بغية كسب الأصوات في مدن صانعي الملوك كما تعرف عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي .

  • في حال تأجيل الأنتخابات وترتيب أوراق وإجراء الانتخابات وعدم فوز أردوغان بكافة الوسائل فإن تركيا سوف تتجه إلى منعصف خطير وهي أن أردوغان لن يترك كرسي الرئاسة لأحد وهذا قد يتحوّل إلى حرب كلامية لا يحمد عقباها بين أردوغان من جهة و المعارضة التركية من جهة أخرى .

زر الذهاب إلى الأعلى