قراءة في قمّة آلاسكا بين بوتين وترامب.. ولقاء ترامب مع زيلينسكي والمجموعة الأوروبية

د. أحمد سينو

 كانت قمة آلاسكا يوم الجمعة في 15آب حدثاً هامّاً تناقلته جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ وذلك لما لتلك القمّة من أهمية في السياسة الدولية، ولما لها من انعكاسات على جميع مناطق التوتّر في العالم، وأعني القمة التي جرت بين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد قطيعة دامت لسنوات منذ الولاية الأولى للرئيس ترامب، ومن ثم اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية عام 2022م خلال ولاية الرئيس جو بايدن، وقد قال الرئيس ترامب عن تلك الحرب: (ما كانت الحرب تقع لو كنت رئيساً حينها للولايات المتحدة الأمريكية).

 يلاحَظ خلال هذه القمة أنّ الرئيس ترامب كان مرحِّباً؛ حيث استقبل بوتين على السجادة الحمراء وبالطائرات (ف 35) وبالقاذفات الأمريكية (ب2)، كما منح بوتين الحديث خلال المؤتمر الصحفي قبل المضيف ترامب؛ بمعنى أنّه تمّ استقبال بوتين بحفاوة مميّزة تليق بزعيم دولة عظمى، ولا يخفى أنّ اللقاء كان يهدف لوضع حدّ للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والسعي لوقف لإطلاق النار، ثم الدخول في مفاوضات بين الجانبَين؛ إلّا أنّ ذلك لم يتم كما كان يأمل ترامب، فقد طلبت روسيا الدخول في مفاوضات لوقف الحرب بشكل شامل وعادل حسب وصف الرئيس بوتين، والذي قال عن اللقاء مع ترامب أنّه جاء في الوقت المناسب وأنّه كان مفيداً، وأنّه يسعى إلى حلّ الأزمة الأوكرانية على أساس عادل، وأنّه يحترم موقف إدارة ترامب التي ترى ضرورة لوقف الأعمال القتالية، بقوله: ونودّ التحرّك لحل جميع القضايا بالطرق السلمية. ووصف بوتين المحادثات بالصريحة والموضوعية.

   من مطالب بوتين تخلّي أوكرانيا عن منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، والتخلّي كذلك عن ثلاث مناطق أخرى، منها منطقة خيرسون وزاباروجيا ودوينسك، ويتعهّد بوتين بعدم مهاجمة أوكرانيا أو أي دولة أوربية، وتجميد خطوط المواجه مع أوكرانيا، مع إصرار بوتين على عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وتقليص حجم القوات الأوكرانية، أي الجيش الأوكراني، وتحويله إلى دولة أوربية محايدة؛ بمعنى إعادة المحافظة على الأمن القومي الروسي في مواجهة حلف شمال الأطلسي ودول الاتحاد الأوربي، خاصة بعد انضمام كل من السويد وفلندا إلى حلف شمال الأطلسي رغم ابتزاز تركيا للموقف كما حدث سابقاً وكما هو معروف، بمعنى مبادلة الأرض بالسلام، والذي رفضته أوكرانيا والدول الأوروبية (رفض تغيير الحدود الدولية بالقوة).

والملاحَظ هنا أنّ روسيا قد حقّقت عدّة خطوات متقدّمة؛ منها إعادة التوازن إلى سابق عهده مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، والأهم من ذلك هو أنّها خرجت من العزلة التي فرضتها عليها الدول الأوروبية وأمريكا، وتخلّصت من العقوبات الدولية التي كانت تحضّر لتفرض عليها، كما عاد الإشراق إلى الدور الروسي مجدّداً مع كل من الصين وكوريا الشمالية وإيران؛ فقد اتّصل بوتين مع ولي العهد السعودي يخبره بحيثيات اللقاء في قمة آلاسكا ولقاء مجموعة الدول الأوروبية والأطلسية في واشنطن، خاصة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وزعيم حلف شمال الأطلسي.

اجتماع ترامب مع مجموعة الدول الأوروبية والأطلسية في واشنطن:

بعد أيام قليلة سافرت المجموعة الأوروبية والأطلسية إلى واشنطن للوقوف إلى جانب الرئيس الأوكراني في محنته، وذلك للتوصّل إلى حل للحرب الأوكرانية – الروسية في البيت الأبيض، وللاطلاع على نتائج المحادثات بين بوتين وترامب ومعرفة حقيقة الشروط الروسية والتي ستكون قاسية على أوكرانيا والدول الأوروبية، ويعتقد ترامب أنّه يمكن التوصّل إلى اتفاق مع روسيا في حال استوفت الشروط الروسية، في الوقت الذي يبدي فيه الرئيس ترامب انفتاحه على تقديم ضمانات أمنية امريكية لأوكرانيا في حال انتهاء الحرب، والتي لاتزال غير معروفة بالدقّة اللازمة، وأنّه سيناقش كل التفاصيل مع الرئيس الأوكراني زيلنسكي والقادة الأوربيّين والأطلسيّين خلال اجتماع آخر غير علني، ويمكن القول أنّ هذا اللقاء مع الرئيس الأوكراني بدأ  بمودّة وانفتاح، وأنّ ترامب متفائل في الوصول إلى سلام قد يكون دائماً وشاملاً وعادلاً للطرفين، وقد تدفع أوكرانيا ثمن التنازل عن قسم من أراضيها، كما ألمح ترامب منذ البداية إلى ذلك، وقد تنضمّ أوكرانيا إلى الاتحاد الأوربي لكنّها لن تنضمّ إلى حلف شمال الأطلسي؛ وذلك كي لا تشكّل تهديداً للأمن القومي الروسي كدولة جارة على حدود الاتحاد الروسي، وتبقى الدول الأوروبية المجاورة هي الخاسر الأكبر بسبب هذه الحرب الأوكرانية؛ نتيجة الدعم المالي والأسلحة والمعدّات التي تقدّمها تلك الدول لأوكرانيا في حربها، ناهيك عن أزمة اللاجئين الأوكرانيين الذين زحفوا إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة؛ ولكن رغم كل شيء، لا يمكن التكهّن بالدقّة المطلوبة بنتائج هذه القمم واللقاءات بين ترامب وبوتين ورؤساء الدول الأوروبية قاطبة؛ والسبب ببساطة لأنّه لازال المخاض مستمرّاً واللقاءات لم تنتهِ بعد، فترامب سوف يسعى للتحضير لعقد لقاء ثالث بين بوتين وزيلنسكي وترامب بشكل مباشر، ورغم أنّ بوتين اقترح أن يكون اللقاء في موسكو، إلّا أنّه لم يتم الاتفاق على مكان انعقاده بعد، ومن خلاله يمكن الحكم على نجاحه أو فشله.

التوقّعات بشأن تأثير اللقاءات الجارية على مناطق العالم:

 

وبداية – وكقراءة أوّلية – يمكن القول أنّ روسيا قد خرجت من شرنقة العزلة، وأنّ موقعها قد تعزّز دولياً أكثر من السابق، خاصة لدى كل من الصين والهند ودول مجموعة البركس وكوريا الشمالية، وكذلك لدى إيران التي تسعى مع الصين وروسيا لتثبيت حقّها في تخصيب اليورانيوم رغم تراجع الأذرع الايرانية في لبنان وفلسطين، وكذلك تراجع حماس التي باتت تميل إلى عقد صفقة شاملة لمسألة الرهائن والأسرى الفلسطينيين، ومساعدة كل من مصر وقطر على ذلك، ومحاولة الحشد في العراق ليثبت وجوده شرعياً عبر البرلمان العراقي، وربّما تتخلّص الصين والهند من العقوبات الأمريكية لأنّها تقوم بشراء النفط من روسيا، كما يمكن القول أنّ ترامب يلجأ إلى سياسة القوة لفرض السلام؛ وقد نجح في إنجاز سلام بين أذربيجان وأرمينيا، ويسعى إلى ذلك في لبنان وغزة؛ وهذا سوف يقلّص الدور التركي في القرم وفي عموم أوكرانيا إذا ما تحقّق وقف إطلاق النار؛ فتركيا كانت تبتزّ الطرفَين (الأوكراني والروسي) في قضايا نقل الغاز الروسي والقمح الأوكراني إلى أوربا والعالم، وتزعم أنّ القرم فيها أتراك وأنّ لتركيا حقوقاً تاريخية فيها، كما أنّ الاتفاق الأذربيجاني والأرمني قد يقلّص التدخّلات التركية في الحرب التي كانت تدور بين الجانبَين للوصول إلى الغاز الاذربيجاني والوصول إلى ممر زنغزور الذي صار يسمّى “ممر ترامب”، وسوف يتقلّص التدخّل والنفوذ التركي في سوريا ولبنان وإسرائيل بفضل التواجد الإسرائيلي الذي يمنع إقامة قواعد تركية في سوريا، وبفضل وجود اللجان الدولية، خاصة لجان التحقيق في الساحل والسويداء، وهجمات هيئة تحرير الشام وفصائلها الأجنبية ضدّ الكنائس والأقلّيات العرقية في مختلف مناطق سوريا، وسوف تعود سيادة الدولة اللبنانية بعد التفاهم مع إسرائيل وانسحابها من المواقع الخمسة المحتلة، وكذلك كما أشرنا بعد إنجاز الصفقة مع حماس بفضل توغّل إسرائيل التي تنوي احتلال كامل تراب غزة لفكّ أسر الرهائن الإسرائيليين؛ فالتغيّرات سوف تتّضح معالمها أكثر بعد إنجاز لقاء ثلاثي في قادم الأيام (زيلنسكي – بوتين – ترامب).

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush
https://se.net.ua/ amavi5d sesetoto situs slot ollo4d slot titi4d Situs Slot Toto Slot Situs Toto Situs Slot Situs Toto sontogel idrtoto akuntoto situs slot slot gacor situs slot slot88 leon188 naruto 88 naruto 88 Wikatogel babe138 slot login ikut4d slot Togel sgp deposit pulsa tanpa potongan sumsel toto toto slot situs toto toto togel https://id.desapujonkidul.net/ toto togel toto togel toto togel toto slot slot gacor titi4d karatetoto mmatoto situs gacor situs toto toto slot toto slot mahongtoto toto slot slot gacor situs toto toto slot toto togel toto togel toto slot sulebet Togel sgp Data sdy toto slot Keluaran hongkong ollo4d ollo4d https://news.stkipyasika.ac.id/ https://hmmti.stmb.ac.id/