(روجافا) غرب كردستان في المعادلات السورية الجديدة

كرديار دريعي

منذ عام ٢٠١١، وفي خضم الصراعات والمواجهات بين القوى الدولية والإقليمية، باتت سوريا ساحةً لتصفية الحسابات والهيمنة، وبرزت مئات الجماعات المسلّحة التي تقاسمتها القوى الدولية والإقليمية، وباتت تلك الجماعات تتحرّك وفق أجندات تلك القوى. وفي شمال وشرق سوريا تأسّست وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، وقوات سوريا الديمقراطية؛ وذلك بهدف حماية أهالي المنطقة.

بعد تمدّد الجماعات الجهادية الإسلامية وانتشارها في المنطقة وارتكابها للمجازر، تصدّت وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية لتلك الجماعات، ولعبت دورًا رئيساً في تحرير شمال وشرق سوريا من براثن الإرهاب. ومع مرور السنين، تمكّنت تلك القوات من تأسيس إدارة ذاتية بمشاركة جميع مكوّنات المنطقة، وأصبحت لاعبًا أساسيًا في المعادلة السورية، وقد تعرّضت الإدارة الذاتية لهجمات مستمرّة، ولا سيّما من قِبل تركيا التي احتلّت (عفرين، كري سبي، سري كانييه) تحت ما سمّتها عمليات (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام)، وذلك بهدف فصل المناطق الكردية والقضاء على الإدارة الذاتية الديمقراطية؛ حيث شنّت تركيا، ومن خلال تفاهمات مع روسيا وأمريكا والنظام السوري وإيران، هجماتٍ متعدّدة ضدّ مناطق الإدارة الذاتية.

كان الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 زلزالًا في مسار الأزمة السورية بالنسبة جميع أبناء الشعب السوري، وكذلك بالنسبة للقوى الدولية والإقليمية والمحلّية، كما تداخلت حسابات جميع الأطراف واختلطت أوراقها؛ حيث هُزمت قوىً وانتصرت أخرى، وتراجعت جهات وتقدّمت جهات أخرى؛ فسوريا التي ستُحكَم بعد الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 ستختلف تمامًا عن سوريا ما قبل هذا التاريخ؛ حيث تغيّرت معادلاتٌ كثيرة في المنطقة، وبرزت معادلاتٌ جديدة على الأرض.

المعادلات الجديدة في سوريا

قبل سقوط الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، كانت القوى الفاعلة في الساحة السورية، على المستويين الدولي والإقليمي، هي: سوريا (جيش الأسد) وتركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة (التحالف الدولي)، بالإضافة إلى قوىً محلّية: قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والجيش الوطني، وهيئة تحرير الشام، وبدرجة أقلّ تنظيم داعش. حتى قبل سقوط النظام السوري (نظام البعث)، كانت تركيا تطالب بلقاء مع الأسد؛ بمعنىً آخر، أنّها كانت ترى أنّ مصلحتها تكمن في التوصّل إلى اتّفاق مع الأسد.

إلّا أنّ التطوّرات التي أدّت إلى سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق، وكذلك المواقف الإيجابية وغير العِدائية من طرف الدول الأوروبية وأمريكا، بالإضافة إلى عدم انزعاج إيران وروسيا من هذه التطوّرات؛ كل ذلك قد منح تركيا الجرأة لاعتبار انهيار النظام السوري بمثابة هبة إلهية مُنِحت لها. لقد هُزمت روسيا وإيران والقوات المرتبطة بـ ( محور المقاومة)، وقد كان أملها في انسحاب أمريكا من سوريا في عهد ترامب كبيرًا جدًا. من بين القوات التي دخلت دمشق، هيئة تحرير الشام والجماعات المعروفة باسم الجيش الوطني والمرتبطة به بشكل مباشر؛ لذا فقد رأت تركيا على الفور في سوريا ساحة لفرض نفوذها؛ فبدأت في الحديث عن اتفاقيات عسكرية واقتصادية وأمنية مع دمشق، بالإضافة إلى الحديث عن النظام والعلاقة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية وتحديد مستقبل سوريا. كما أنّ قطر هي شريكة تركيا في كل هذه التحرّكات.

من المؤكّد أنّ أحمد الشرع (الجولاني) يعلم جيّدًا أنّ تولّيه السلطة كان بموجب اتّفاق دولي وإقليمي، وأنّه مهما يجد نفسه مقرّباً من تركيا وقطر، إلّا أنّه لا يمتلك تلك الإرادة التي تسمح له بالتصرّف وفقًا لمطالب الدولتيَن، دون أن يأخذ إسرائيل وأوروبا وأمريكا والمملكة العربية السعودية والإمارات بعين الاعتبار. لذا؛ لا يريد الشرع أن يدخل في صراعات مع إسرائيل، ولا يريد التنصّل من مطالب أوروبا وأمريكا كذلك، ولا أن يخيّب آمال تركيا (المقرّبة منه كثيراً)، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يريد أن يخسر مساعدة الخليج الإيراني (العربي)؛ فالشرع يتحرّك  بين هذه الأطراف، ولكن الأمر ليس بتلك البساطة، بل من الصعوبة بمكان أن يتمكّن الشرع من إرضاء جميع الأطراف؛ فعلى الساحة السورية هناك تداخل وتناقض في السياسات، وبعد سقوط الأسد دخلت سوريا مرحلة انتقالية، وتمّ رسم مستقبلها وفقاً للمعادلات الدولية والإقليمية والمحلّية.

المعادلات الإقليمية والدولية:

إنّ سقوط نظام الأسد قد خلط أوراق كلّ من إيران وروسيا، وخاصة إيران. فروسيا، بحسب العديد من المحلّلين السياسيين، قد خُدعت في الملف السوري، ولكن إذا ما علمنا أنّ روسيا ليست دولة صغيرة، وأنّ لها إرثاً إمبراطورياً وتجربة سوفيتية عريقة، فسيكون حينها من الصعب قبول هذه الافتراضات والتحليلات، لذلك؛ من الأرجح أنّ روسيا قد دخلت في مساومات في ما يخصّ سقوط الأسد، وقد يكون الأمر كذلك حتى في الملف الأوكراني، ومن الممكن أنّها قد استفادت من مسألة قواعدها في البحر الأبيض في سوريا. أمّا إيران فقد هُزمت، خاصة بعد اقتحام إسرائيل للمعادلة السورية، وقبل ذلك هزيمة حزب الله وحماس؛ وبالنتيجة تمّ إفشال مشروع “الهلال الشيعي” لإيران.

وبرزت الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا كلاعبَين رئيسيَّين، في حين أنّ أوروبا، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، قد زادت من حجم تدخّلها السياسي والدبلوماسي في سوريا، ووضعت الوضع في شمال وشرق سوريا (غرب كردستان) وتعامل أحمد الشرع وموقفه من القضية الكردية، كمعيار لقبول حكومة الشرع، خاصة فرنسا التي أكّدت استمرار دعمها للإدارة الذاتية وللكرد في غرب كردستان (روجآفا).

بطبيعة الحال؛ لم تنسحب الولايات المتّحدة من المنطقة كما تتوّقّعه تركيا، بل إنّ الولايات المتّحدة تنسّق مع قوات سوريا الديمقراطية باستمرار، وتؤكّد على سوريا دولةً تتشارك جميع المكوّنات في عملية بنائها، كما تركزّ الولايات المتّحدة على ضمان أمن إسرائيل ومحاربة داعش كشروط للقبول بالحكومة الجديدة في دمشق. ربّما تكون هناك محاولات لإسناد مهمّة إيجاد الحلول لكلّ من تركيا والسعودية وإسرائيل؛ لكنّ الولايات المتّحدة – وفي ظلّ الظروف الحالية – لا يمكنها الانسحاب والتخلّي عن المنطقة؛ فهناك العديد من القضايا والملفّات الشائكة التي لا يتّفق حولها حلفاء أمريكا، فعلى سبيل المثال؛ تركيا تريد سوريا دولة مركزية دون الإدارة الذاتية ودون ضمان حقوق المكوّنات، كما ترى في سوريا كجزء من تركيا، وتطمح لفرض نفوذها ومشاريعها على دمشق؛ إلّا أنّ إسرائيل، التي لا تعادي تركيا ولا تريد أي نفوذ تركيّ في سوريا، تقف في مواجهة تركيا، وتعمل على تحريك دبلوماسيّ للولايات المتّحدة، ولإضعاف النفوذ التركي تسعى إسرائيل للموافقة على سوريا لامركزية وتقبل كذلك بوجود الإدارة الذاتية ووجود دور للكرد في سوريا الجديدة. ومن ناحية أخرى لا تزال محاربة تنظيم داعش مستمرّة، وكما جاء على لسان ممثّل الرئيس الأمريكي فإنّ قوات سوريا الديمقراطية بالنسبة للكونغرس الأمريكي تكتسب أهمية كبيرة في سوريا. ومن ناحيتهما؛ المملكة العربية السعودية وكذلك الخليج الإيراني يريدان من سوريا أن تكون دولة كما يريدان وحسب مصالحهما؛ فمن ناحية يريدانها دولة مركزية، ومن ناحية أخرى لا يريدانها أن تكون تحت النفوذ التركي بحيث تشكّل خطراً إرهابياً على العالم العربي.

بمعنى أنّ هناك وجوداً للاعبين أساسيين في سوريا؛ وهي:أمريكا وتركيا وإسرائيل وفرنسا والسعودية؛ ووجود هذه الأطراف مجتمعة قد أوجد معادلة جديدة في سوريا.

المعادلات المحلّية:

مع سقوط الأسد تغيّرت المعادلات المحلّية أيضاً؛ فالجيش الوطني التابع لتركيا وعلى مدى ثلاثة أشهر متواصلة سعى للسيطرة على سد “روجافا” والدخول إلى شرق الفرات، إلّا أنّ محاولاته قد ذهبت أدراج الرياح ولم يفلح في سعيه لذلك. وأحمد الشرع وحكومة دمشق – رغم ادّعائها أنّها حكومة متماسكة وأنّها سيّدة قرارها – لم تحرّك ساكنا وبقيت مكتوفة الأيدي حيال ذلك؛ بمعنى أنّها لا تقوى على الوقوف بوجه القرارات التركية، وفي الوقت عينه كانت تريد تلك الحكومة القضاء على الإدارة الذاتية، إلّا أنّ مقاومة قوات سوريا الديمقراطية، وكذلك المواقف الأمريكية والفرنسية قد ساهمت في إيقاف شبح الحرب، وبالنتيجة تمّ توقيع اتّفاقية “عبدي – الشرع”، وعمليّا تشكّلت حكومتان في سوريا، إحداها في دمشق والأخرى في قامشلو؛ أي الإدارة الذاتية وحكومة المركز، كما تمّ اعتبار الجيش الوطني كوحدات ضمن الجيش السوري الجديد، وخلال ذلك تمّ ارتكاب المجازر ضدّ العلويين في منطقة الساحل، كما مورست ضغوط كبيرة على الدروز؛ بمعنى أنّ الأطراف الرئيسية في المعادلة المحلّية اليوم هي: قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام والدروز.

غرب كردستان (روجافا) ضمن هذه المعادلات:

بعيداً عن التوقّعات التي كان يتمّ الترويج قُبيل سقوط الأسد، خاصّة حسب ادّعاءات تركيا ومرتزقتها، والتي كانت تشير إلى أنّ مصير الإدارة الذاتية وكذلك قوات سوريا الديمقراطية مرتبط بمصير النظام؛ أي أنّ سقوط النظام يعني سقوط الإدارة الذاتية، ولن يبقى أي معنى لدور قوات سوريا الديمقراطية في محاربة تنظيم داعش، وأنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستنسحب من المنطقة، وستتولّى تركيا ملف تنظيم داعش وكذلك ملف شمال شرق سوريا. إلّا أنّه وبعد سقوط نظام الأسد وضعف الدور الروسي والإيراني في سوريا، ما كان يطرب تركيا ويُسعدها هو أنّها ستقضي على الإدارة الذاتية، وستنصّب نفسها مصدر القرار لهيئة تحرير الشام، وسترسم خارطة الطريق لمستقبل سوريا. غير أنّ الإدارة الذاتية قدّمت نفسها كلاعب أساسي في المعادلة  الجديدة في سوريا، كما أنّ وجودها من عدمه بات معياراً لرسم مستقبل سوريا وشكلها، كما باتت معياراً لمصير المكوّنات ولرسم خارطة الطريق في الشرق الأوسط عموماً.

وفي مواجهة التحرّكات التركية في سوريا، يعلو صوت إسرائيل كثيراً، وباتت تشير إلى أنّ ” الكرد حلفاؤنا الطبيعيون، سندعم الكرد، لا نقبل بوجود تركيا داخل الأراضي السورية، لن نستبدل النفوذ التركي ونفوذ السلفيين بالنفوذ الإيراني”، بل وصل الأمر بإسرائيل إلى محاربة تركيا.

ومن ناحيتهما؛ أكّدت كلّ من ألمانيا وفرنسا على أهمية بناء سوريا ديمقراطية، وكذلك على ضرورة مشاركة قوات سوريا الديمقراطية ومشاركة الكرد في الحكومة الجديدة؛ وقد أعلنت فرنسا صراحة تمسّكها بدعم قوات سوريا الديمقراطية وبدعم الكرد، وقد ورد على لسان المسؤولين الأمريكيين أيضاً، ولمرّات عديدة، الحديث عن تأكيد بقاء القوات الأمريكية في المنطقة، كما قدّم أولئك المسؤولون قوات سوريا الديمقراطية كحليف لأمريكا. وفي الوقت عينه فرضت هذه الأطراف شروطها على أحمد الشرع (الجولاني)، ومنها ضمان حقوق المكوّنات والأقلّيات؛ وكان الشرع قد وعد بتلبية تلك الشروط. وفي العاشر من آذار من العام 2025 تمّ توقيع اتفاقية بين قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام؛ وبعدها خفت صوت تركيا ولم تتمكّن من التحرّك في سوريا كما كانت تريد، فإسرائيل قد قيّدت التحرّكات التركية. قامت هيئة تحرير الشام بتفسير الوعود التي قطعتها، حول بناء سوريا جديدة تشاركية دون تمييز، حسب ذهنيتها المبنية على الإسلام السياسي – السلفي، وبناء عليها اتّخذت الهيئة بعض الخطوات؛ فقام أحمد الشرع من خلال مؤتمر عسكري حضره قادة المرتزقة التابعين لتركيا بتنصيب نفسه رئيساً للبلاد، ومن خلال ما سُمِّي بالمؤتمر الوطني قام بتعيين حكومته وكذلك تشكيل اللجنة الدستورية، كما قدّم الدستور السوري الجديد كدستور للمرحلة الانتقالية. إنّ ما بدا واضحاً من خلال التحرّكات الأخيرة هو أنّ الشرع يريد سوريا دولة على مقاسه وعلى مقاس الإسلام السّنّي (دولة مركزية، ذات طائفة واحدة وسلطة واحدة وعلم واحد وثقافة واحدة).

تسعى كلّ من تركيا وقطر والسعودية لبناء سوريا دولة مركزية، لكنّ تركيا هي الأكثر إصراراً على هذا الموضوع، وذلك بسبب تخوّف تركيا من نشوء كيان كردي في غرب كردستان وبالتالي انعكاس ذلك على شمال كردستان، كما تسعى تركيا لفرض نفوذها على حكومة دمشق. على المدى المتوسّط والبعيد لن يكون بإمكان كلّ من السعودية وتركيا أن تتوافقا سوى على مسألة المركزية؛ أمّا قضايا النفوذ السياسي والاقتصادي فستتحوّل إلى نقاط خلافية ونقاط تضارب ومواجهة بين الطرفين.

تسعى كلّ من إسرائيل وأوروبا والولايات المتحدة والكرد والعلويين والدروز إلى بناء سوريا لامركزية وتعدّدية؛ ويمكن اعتبار اتفاقية 10 آذار  بين أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، السيد مظلوم عبدي، بمثابة الخطوة الأولى على الصعيد الداخلي وكذلك الدولي لتحديد نظام الحكم في سوريا الجديدة، وكبداية لحلّ الأزمات السورية؛ ويأتي ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه تركيا تضع العراقيل الكبيرة أمام تنفيذ تلك الاتفاقية.

بعد أن رفعت الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات المفروضة على سوريا، بطلب ووساطة من السعودية، وبعد التطوّرات التي حدثت مع قرار رفع تلك العقوبات، بدا واضحاً أنّ هناك محاولات من قبل كلّ من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأوروبا لإضعاف النفوذ التركي والقَطَري في سوريا، وهذا هو أحد الشروط الأمريكية المفروضة على الشرع؛ فالمواقف الإسرائيلية إزاء النفوذ التركي في سوريا وإزاء نفوذ الجماعات الجهادية، والعقوبات الأوروبية المفروضة على بعض الشخصيات والجماعات المرتبطة بتركيا، وتوضيح الولايات المتحدة الأمريكية لمسألة رفع العقوبات، كل ذلك يبدو وكأنّه جاء بطلب من السعودية بالدرجة الأولى، كما جاء متماشياً مع تصريحات المسؤولين الأمريكيين حول ضرورة وجود سوريا لا مركزية.

تعمل كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، في أعلى المستويات ، على التحكّم بأحجار الشطرنج وإدارتها وتحريكها كما تشاءان، وممّا لا شكّ فيه أنّ بريطانيا تتشارك معهما اللعبة. في ظل الوضع الراهن؛ يبدو أنّ الشرع يكسب الشرعية، وكذلك الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وذلك رغم اختلاف الطرفَين عن بعضيهما اختلافا كلّياً؛ وهذا إنّ دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ الأطراف المتحكّمة بالمشهد تحاول تقديم نموذج لتعايش الأطراف المتناقضة، وذلك بهدف المحافظة على حالة الأمن أو اللاأمن بين القوى المحلية وكذلك بين القوى الإقليمية، لحين توضيح الصورة بالنسبة لوضع إيران وأسلحتها النووية، سلباً أو إيجاباً.

الخُلاصة:

  • أطلقت إسرائيل حرباً كبيرة ضدّ إيران؛ وهذه الحرب – سواء استمرّت أم توقّفت – تؤكّد سقوط النظام الإيراني، وحينها سيدخل شرق كردستان (روجهلات) مرحلة جديدة بحيث يتمكّن من بناء كيان خاص به، ومن المؤكّد أنّ هذا الواقع سينعكس على سياسة تركيا وسيدفعها للإسراع في حلّ القضية الكردية في شمال كردستان (باكور)، كما أنّ مواقف تركيا حيال الكرد بشكل عام ستغدو إيجابية؛ وهذا لا يعني أنّ تركيا تفعل ذلك بمحض إرادتها، بل هي مرغمة على ذلك، وإلّا فإنّها لن تتمكّن من الهروب من المخاوف الإقليمية والدولية؛ بمعنى أنّها ستقبل بوجود الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا من أجل تهدئة الأمور في شمال كردستان (باكور).
  • بعد أن توضّح وضع إيران، سواء رضخ النظام الإيراني للمطالب الإسرائيلية أم سقط النظام، فإنّ أحمد الشرع – ورغم النفوذ التركي في سوريا – سيتعرّض لهجمات إسرائيلية وسيتمّ القضاء عليه، كما أنّ قوات سوريا الديمقراطية ستغدو الضمانة لبناء سوريا لامركزية وتعدّدية وديمقراطية.
  • ستبقى قوات سوريا الديمقراطية حليفاً للتحالف الدولي وستستمرّ في محاربة الإرهاب، كما أنّ بقاء قوات سوريا الديمقراطية واستمرارها لن يبقى مرهونا ببقاء القوات الأمريكية في المنطقة؛ وذلك لأنّ قوات سوريا الديمقراطية ستغدو كعضو في التحالف الدولي وبالتالي ستتمّ حمايتها.
  • ستدخل (روجافا) في المعادلات الجديدة في سوريا والشرق الأوسط، وستغدو جزءاً من اللاعبين المؤثّرين في إنهاء اتفاقية سايكس بيكو (1916) ولوزان (1923)، لا عن طريق رسم حدود جديدة، بل عن طريق نماذج الإدارات الذاتية والارتباط الوثيق بفكر وبراديغما السيّد عبدالله أوجلان في إطار مفهوم الأمة الديمقراطية.
زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush