سيناريو السلام القادم في الشرق الأوسط واحتمال الردّ الإسرائيلي

                                            

 أمطرت إيران سماء إسرائيل بصواريخ طويلة المدى ومختلفة الأنواع، ولم تُلحِق تلك الصواريخ ضررًا كبيرًا بإسرائيل كما كان متوقّعاً منها، وشاركت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مع إسرائيل في مواجهة الصواريخ الإيرانية، وسقط بعضها في الأراضي الأردنية وبعضها في وسط إسرائيل وجنوبها، وتَعِد إسرائيل، بمساعدة الولايات المتحدة، بالردّ على الصواريخ الإيرانية، في الوقت الذي لم تتوقّف هجمات إسرائيل على لبنان ومواقع حزب الله اللبناني، مُستهدِفة أمين عام حزب الله (هاشم صفي الدين) الذي عُيّن خَلَفاً لحسن نصرالله، كما تتوغّل إسرائيل تدريجياً في جنوب لبنان لمسافة لا تتعدّى 1كم رغم مقاومة بعض الجيوب في الجنوب للتقدّم الإسرائيلي؛ فالهدف الإسرائيلي المُعلَن مؤقّتاً هو إعادة سكان شمال إسرائيل إلى مستوطناتهم.

الردّ الإسرائيلي المُحتمَل:

الغالب أنّ اللقاءات مستمرّة بين الولايات المتحدة وإيران، سواء علنياً أو استخباراتياً، والغالب أيضًا أنّ هناك صفقة وتسوية يتم إعدادها على نار هادئة، تلك الصفقة تدور حول الشرق الأوسط برمته، ودور إيران في قادم الأيام. وفق هذه القراءة؛ يمكن أن نتوقّع ردّاً إسرائيلياً قد لا يكون موجعًا ومدمّرًا لإيران بشكل نهائي، لكن وفق الدور الجديد المرسوم لها في الشرق الأوسط، وهذا إن حدث فسيكون بالتنسيق مع أمريكا وبريطانيا، وبالتالي؛ فإنّ الردّ الإسرائيلي سيكون موجّها للمنشآت النفطية والمراكز الحيوية (الموانئ والمطارات الإيرانية) دون توجيه ضربة قاصمة للمنشآت النووية، وبذلك تكون هذه بمثابة رسالة أمريكية قوية لإيران؛ لأنّ ايران بحاجة ماسّة للغرب لإعادة مفاوضات الملف النووي، ورفع العقوبات المالية والاقتصادية المفروضة على إيران، كما أنّ إيران مُهدّدة من الداخل الإيراني؛ لأنّها متعدّدة القوميات والإثنيات، ناهيك عن المعارضة الإيرانية التي تنتظر الدعم الغربي بفارغ الصبر، والقابعة في جنوب كردستان.

سيناريو السلام المتوقّع في الشرق الأوسط:

سوف نتجنّب الحديث عن الغارات الإسرائيلية وعن الصواريخ الإيرانية والمعارك الدائرة في الجنوب اللبناني؛ فهذه مهمّة وسائل الاعلام المرئية في المنطقة. من المتوقّع أن يعود السلام إلى لبنان وبإرادة دولية وايرانية، وأن يتمّ الاتفاق بين الفرقاء اللبنانيين (السُنّة والشيعة والدروز والمسيحيين) على انتخاب رئيس لبناني توافقي، وبعده سيتم تطبيق اتفاق 1701 ويعود الجيش اللبناني إلى منطقة الحدود مع إسرائيل في الجنوب بوجود قوات (اليونيفيل) وتهدأ الجبهة اللبنانية ويتم فكّ ارتباطها مع غزة، ومن المتوقّع أن يتم إعمار لبنان مجدّدا وتنهال المساعدات الدولية على الشعب اللبناني، خاصة في الجنوب، ويعود حزب الله إلى العمل السياسي دون أن يشكّل تهديداً على شمال إسرائيل، وتنسحب كتائب الحزب المتواجدة على الأراضي السورية. أمّا في سوريا فإنّ الوجود الروسي في دمشق وغرب الفرات يضمن تحييد النظام السوري؛ ما يؤدّي لتقليل نشاط نقل المخدّرات وترويجها في المنطقة. الدول العربية سوف تفعّل علاقاتها أكثر مع النظام السوري، في ظل ضوء أخضر من الولايات المتحدة التي تسعى إلى توحيد المعارضة في الشمال السوري تحت المظلّة التركية للتطبيع مع النظام السوري، وسوف تجري مفاوضات بين الإدارة الذاتية والنظام السوري للوصول إلى اتفاق حول الحكم اللامركزي في شمال وشرق سوريا، وبموافقة تركية وإيرانية مع النظام السوري.

أمّا ذراع إيران في اليمن (الحوثي) فسيضعف من قوته، وبموافقة إيرانية، ليبقى في خاصرة المملكة العربية السعودية ويتحرّك للضرورة القصوى، وفق الرغبة الإيرانية، وسوف يتم تحديد دور الحشد الشعبي في العراق، خاصة كتائب النجباء الشيعية وحزب الله العراقي المرتبطة بولاية الفقيه في إيران، أمّا إيران فسوف تقوم ببعض الإصلاحات الداخلية والاقتصادية، خاصة بعد رفع العقوبات والحصول على الأموال الإيرانية المجمّدة، كما ستقوم ببعض الإصلاحات الداخلية المتعلّقة بالمرأة الإيرانية، وتحسين القوانين المتعلّقة بحقوق الإنسان في كل من بلوشستان وعربستان وكردستان وأذربيجان وغيرها، وسوف تقوم بالانفتاح على الدول الغربية، وفق الرئيس الإيراني بزشكيان، وسوف تنشط التجارة الدولية في البحر الأحمر وفي الخليج والمتوسّط، كما يرغب الغرب وإيران وتتحقّق مصلحة الطرفَين، وهذه رغبة أمريكا وأوربا، واللذَين يسعيان إلى عدم تجريد إيران من كامل قوتها؛ من أجل ابتزاز دول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، لتبقى دائمة الطلب للمعونة الأمريكية عسكريًا وسياسيًا، والأمر الآخر هو وضع قاعدة جديدة للسلام في الشرق الأوسط، ويتحقّق الأمن القومي لإسرائيل التي سوف تمضي في التطبيع مع أغلب الدول العربية المتبقّية، خاصة المملكة العربية السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى