ردود على مبادرة الإدارة الذاتية لحل الأزمة السورية

د.أحمدسينو

قدمت الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا مبادرة لحل الأزمة السورية ،و بكل مسائلها  الهامة والأساسية التي تمس الوطن في أرضه  وشعبه ومكوناته وثرواته وأديانه وطوائفه  ودساتيره وإداراته على الأرضية الوطنية الجامعة أساسها العدل والمساوة ، في بيان لها تضمن حوالي تسع نقاط أساسية وتهم جميع السوريين دون استثناء ، كما شمل البيان والمبادرة الامم المتحدة ، والدول العربية والإقليمية والدولية ذات الشأن والعلاقة بسوريا لحل الأزمة السورية والخروج من عنق الزجاجة التي طالت أكثر من عقد من الزمن ، وسط حراك دولي واقليمي في المنطقة ، وخاصة بعد كارثة الزلزال التي ضربت كل من تركيا وسوريا وانهالت المساعدات الدولية والعربية  على دمشق ،وتبادل الزيارات بين كل من العراق والأردن والامارات ومصر وفتح القنصليات والسفارات في دمشق من قبل الدول المذكورة ومحاولات إعادة سوريا إلى الجامعة العربية ،وزيارة الرئيس السوري إلى موسكو والامارات وعمان وزيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد  إلى جدة في السعودية ومصر والجزائر ، وسط كل هذا الحراك جاءت متزامنة  مع بيان ومبادرة الإدارة الذاتية التي كانت رسالة واضحة لتركيا ومعارضتها وفصائلها وشخصياتها ، ولكل الدول العربية والاقليمية والأمم المتحدة  بأن الإدارة الذاتية تدعو إلى وحدة الأراضي السورية ، وتعتمد هذه النقاط التسع على أسس  الحوار مع الجميع ،النظام والمعارضة والفصائل التابعة لكل منهما ، لقد كانت المبادرة قوية وتوقيتها أيضاً كان مناسباً لأنها خلقت فعلاً ردودا دولية ومحلية والتي لاقت تأثيراً ايجابياً من الجميع وان لم يخلُ الأمر من بعض الملاحظات وبعض الانتقادات من بعض الكتاب والسياسيين وبعض الاحزاب ، لقد دعت مبادرة الإدارة الذاتية إلى مشاركة جميع فئات المجتمع والاعتراف بحقوق جميع المكونات وتطبيق تجربة الإدارة الذاتية في بقية المناطق في سوريا ،وتوزيع الثروات والموارد الاقتصادية بشكل عادل بين جميع المناطق السورية  ،واستقبال النازحين والمهجرين في مناطق شمال شرقي سورية وفق امكاناتها ،والاستمرار في مكافحة الإرهاب ومنع التدخل التركي في الشؤون السورية ، ودعوة الدول العربية للعب دور ايجابي وفعال وايجاد حل مشترك ،ومن الملاحظات والانتقادات التي وجهت إلى مبادرة الادارة الذاتية أنها لم تورد الاسباب الحقيقية للازمة السورية التي تتعلق بالتدخل الشرس للأجهزة الامنية في كل شاردة وواردة في حياة السوريين وكذلك انتشار الفساد الكبير واتساع رقعة البطالة ،كما انتقد النظام السوري وكتابه عن سبب تجاهل المبادرة الاحتلال الأمريكي لتنف ومناطق شمال شرقي سوريا ،وتجاهلت المبادرة  الاحتلال الاسرائيلي للجولان ، والمرجح في المبادرة أنها تعي كل ماورد في الملاحظات والانتقادات وتعلم الادارة الذاتية حقيقتها ، ولكنها ورقة لبدء المفاوضات والحوار مع الجميع لحل الازمة السورية الجاثمة منذ أكثر من 12عاما ومن الاطراف من  قيم المبادرة على إنها ايجابية وتبعث برسائل تطمين أولا للسوريين ومن ثم للآخرين في المحيط  الدولي والإقليمي والقضاء على كل الهواجس الداخلية ،خاصة ما يتعلق بتوزيع الثروات كملك للجميع دون تمييز ، وبالتالي يمكننا القول إن الإدارة الذاتية منفتحة على الجميع في الداخل والخارج ومع جميع الأطراف بما فيهم الطرف التركي خاصة إذا تخلى عن مخططاته التوسعية واستهداف مناطق الإدارة الذاتية بمسيراته ومدفعيته وانسحب من الأراضي التي احتلها ، فالإدارة الذاتية لا تستعدي الشعب التركي وتريد السلام والاستقرار إلى جواره وفي وطنه وضمن حدوده ،وكذلك تستنهض الادارة الذاتية المجتمع الدولي على أهمية القرار الاممي 2254 وجميع القرارات ذات الصلة.

 فرغم وجود مذكرة تفاهم بين حزب الإرادة الشعبية والإدارة الذاتية إلا أن  رؤية الحزب المذكور يتناغم مع النفوذ الروسي والنظام السوري وينتقد بأن تشخيص الإدارة الذاتية للأزمة السورية بأنها أزمة مكونات قومية ودينية وكان يجب التطرق إلى انسحاب كافة القوى الأجنبية الروسية والأمريكية والتركية والإيرانية .

 والغريب في موقف هذه الاطراف اعتقادها أن هذه المسائل مغيبة عن الإدارة الذاتية . فلا يوجد وطني وسياسي يقبل ببقاء القوات الأجنبية في بلاده ، ومن خلال الانفتاح والحوار سوف تكشف الحقائق بأن مبادرة الإدارة الذاتية هي شاملة وتحل كافة القضايا الاقتصادية والدستورية خاصة ما يتعلق بتوزيع الثروات وحقوق المكونات على الأرضية القانونية والدستورية التي تشمل حتى أصغر مكون عرقي وديني بالمساواة العادلة والشاملة فالمبادرة لاتعد حلاً جاهزاً إنما هي دعوة لدخول كل القوى الموالية والمعارضة بما فيه النظام لوضع حل للأزمة السورية يتوافق فيه الجميع وفي النهاية تبقى الإدارة الذاتية تطرح رؤية لتأسيس نظام سياسي واداري سياسي وتعددي لامركزي يحفظ حقوق جميع المكونات من العرب والكرد والسريان والآشوريين والأرمن والشيشان والتركمان والإيزيديين على أساسٍ من أخوة الشعوب ، والغالب في الأمر أن مشروع ومبادرة الادارة الذاتية يحتوي على الكثير من الإيجابيات ويقبل به الجميع عدا الذين تتضارب مصالحهم مع سوريا المستقبل سوريا الديمقراطية سوريا الجديدة لامركزية وديموقراطية والمرجح أن ذلك يتعارض مع الوجود الايراني المتوغل في  سوريا ، ولن يقبل بالمبادرة كل القوى التي تدور في الفلك الإيراني وكذلك كل القوى التي تدور في الفلك التركي أو الروسي ، فحل الأزمة السورية مرتبطة بتوافق الدول الإقليمية بما فيها إسرائيل متضمنا تركيا وإيران وكذلك بتوافق دولي أمريكي وأوربي وروسي وصيني .

زر الذهاب إلى الأعلى