أسباب زيارة الأسد  لموسكو وتأجيل الاجتماع الرباعي

استمراراً للعلاقات الروسية السورية قام الرئيس السوري بزيارة رسمية إلى موسكو بدعوة من الرئيس الروسي بوتين، وسط دلالات ومؤشّرات على تغيّرات دولية وإقليمية في ظلّ استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، واتّفاق  سعودي وإيراني وإعلان إعادة العلاقات الرسمية بين الدولتين الجارتين بوساطة وإشراف صيني في مدّة أقصاها خلال الشهرين القادمين، وإحياء جميع الاتفاقيات المبرمة السابقة وظهور دور صيني لأوّل مرة في الشرق الأوسط، وربّما جاءت دعوة الرئيس السوري من قبل روسيا ردّاً على زيارة القادة الأمريكيين إلى إقليم جنوب كردستان وزيارة رئيس الأركان الأمريكي إلى مناطق الإدارة الذاتية.

 والملاحَظ في زيارة بشار الأسد بعد وصوله إلى موسكو أنّه استُقبِل من قبل نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، كما أنّه قضى ليلته في فندق وليس في المكان المناسب لضيافة الرؤساء، والأغلب أنّ ذلك له دلالاته السياسية.

وتأتي هذه الزيارة لبشار الأسد بعد كارثة الزلزال الذي ضرب كلًّا من سوريا وتركيا، وتلقّى الرئيس السوري اتّصالات ولقاءات من القادة العرب خاصة من مصر والأردن والإمارات وسلطنة عُمان والعراق، ورفعت الأمم المتّحدة العقوبات عن سوريا لمدّة ستّة أشهر وتلقّت سوريا معونات إغاثية دولية من مختلف الجهات العربية والدولية، كل ما سبق زاد من رفع معنويات وآمال الرئيس السوري في التطبيع والعودة إلى دوره الطبيعي قبل عام 2011م. المهم في اليوم التالي تمّ اللقاء بين الرئيسين بوتين والأسد وقد أكّد الرئيس الروسي أنّ روسيا ستواصل الدعم وتقديم المساعدات الإنسانية، كما رحّب بتطوّر العلاقات بين الجانبين والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وبدوره أبغ الأسد نظيره الروسي بتوقّع نتائج اقتصادية ملموسة وأكّد أنّ هذه الزيارة سوف تمهّد لمرحلة جديدة في العلاقات الروسية السورية، كما أعلن عن دعمه لروسيا في حربها ضدّ أوكرانيا وداعميها.

وقد أُجريت ثلاث مقابلات تلفزيونية مع الأسد كشف خلالها أنّ الزيارة كانت لمساعٍ روسية لتحقيق اختراق أو اتّفاق بين النظام السوري والتركي، أو تحقيق تقارب بين الدولتين تحت ضغط الانتخابات التركية القادمة، ومحاولة حثيثة لإنقاذ الانتخابات التركية لصالح رجب طيب أردوغان، والتي رفض خلالها الرئيس السوري مقابلة رجب طيب أردوغان إلإ بتحقيق شرط الانسحاب من كامل الأراضي السورية المحتلّة والتخلّي عن تسليح ودعم المعارضة والفصائل المسلحة، وربّما يأتي موقف الأسد من أردوغان بسبب الدعم السياسي الإيراني ومساندة بعض الدول العربية، وربّما كان هذا سببا من أسباب تقليل شأن الرئيس السوري من قبل الدولة الروسية، وقد أعلن بشار الأسد أنّه لا يودّ أن تتمّ اللقاءات بينه وبين أردوغان لمجرّد التقاط صور تذكارية، بل يجب أن تكون هناك ضمانات للانسحاب التركي من الأراضي السورية، لأنّ تصريحات أردوغان والتزاماته مؤقّتة ولا يُؤخذ بها. كما أعلن عن تأجيل اللقاء الرباعي بين كلّ من روسيا وتركيا وإيران وسوريا ممثّلا بنواب وزراء خارجية الدول المذكورة والذي كان مقرّراً عقده يوم الخميس، وأوضح الأسد أنّ الاجتماع الرباعي يفتقد إلى جدول أعمال واضح، وبيّن أن الوفد التركي اقترح على الاجتماع الرباعي أن لا يكون هناك جدول أعمال وأن لا تكون هناك شروط وأن لا تكون هناك توقّعات؛ بمعنى أنّ هناك مراوغة سياسية لكسب الوقت وجسّ النبض، وبين الأسد “إذاً لا جدوى من اللقاء لذلك تمّ التمسّك بشرط الانسحاب من كامل الأراضي السورية” والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي طرف مشارك في هذا الاجتماع الرباعي والتي أبدت صمتاً واضحاً تجاه زيارة الرئيس السوري لموسكو ومقابلاته التلفزيونية وتصريحاته حول الرئيس التركي وانسحاب قواته من الأرضي السورية، كما لم تتجاوز حالة الصمت تجاه تأجيل الاجتماع الرباعي الذي قيل أنّه تأجّل لأسباب فنية وربّما تأمل إيران من سوريا والسعودية  والإمارات أن يلعبوا دوراً مع إسرائيل لتخفيف ضرباتها على قواعد الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان و ذخيرته ومخازنه في ظلّ الاتّفاق الإيراني السعودي، وتنخفض بؤر التوتّر في كلّ من اليمن والعراق وسوريا ولبنان وهي تنبّؤات وفق الأحداث والمعطيات الجديدة. وربّما كلّ ما أوردناه يلقي بظلاله على الإدارة الذاتية وتحقّق الاستقرار أكثر والتنمية التي تأتي لصالح كلّ المكوّنات فيها بما يحقّق الأمّة الديمقراطية.

زر الذهاب إلى الأعلى