زيارة الأسد إلى سلطنة عمان العوامل والتداعيات

في وسط الكوارث المحيطة بسوريا ،من الضغوط التركية والروسية في السعي للمصالحة والتطبيع بين النظام التركي و النظام السوري وأزمة اللاجئين السوريين المتفاقمة، وأزمة غلاء المواد وتدهور وانهيار الليرة السورية أمام الدولار، وغليان واختناق الفئات الشعبية من كل المكونات السورية في ظل تفاقم وازدياد النفوذ الإيراني، والهجمات الإسرائيلية المتكررة من حين إلى آخر وآخرها الهجمات الاخيرة على كفر سوسة والفاجعة الأكبر الزلزال الذي ضرب غرب الفرات وفي الشمال والغرب والذي أثر على معظم المدن السورية من حلب وعفرين وجنديرس وإدلب واللاذقية وجبلة وغيرها. الكارثة فاقت خيال السوريين من حيث حجم الضرر وسط كل هذه الأهوال إذ قام رئيس النظام بشار الأسد بزيارة وتحديداً لسلطنة عمان ولعل من دوافع اختيار جهة الزيارة إتباع سلطنة عمان سياسة فريدة من نوعها قائمة على الحيادية والتوازن خصوصاً في منطقة الخليج مع كل الدول في مجلس التعاون، وكذلك مع الدول العربية المختلفة في كل مساحة الدول العربية كما تتبع نفس السياسة في جميع علاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والاتحاد الأوربي، وكما أن معظم الدول العربية قطعت علاقاتها مع سوريا عدا سلطنة عمان التي لم تغلق سفارتها في دمشق، كما أن سلطنة عمان لها أفضل العلاقات مع الجمهورية الاسلامية في إيران وتستطيع سلطنة عمان بإيصال أفضل الرسائل السورية إلى مجلس التعاون وتلعب أفضل دور في تعويم النظام السوري عربياً وإقليمياً ودولياً، وخاصة إن كارثة الزلزال التي ضربت سوريا خلقت الأجواء للعلاقات الإغاثية والإنسانية كقشة يتمسك بها النظام السوري ليتخلص من الغرق المحتم .

الزيارة تمت يوم الاثنين إلى سلطنة عمان، وصفت بأنها زيارة عمل قام بها بشار الأسد والوفد المرافق له ،وكان في استقباله السلطان هيثم بن طارق في المطار السلطاني وتم عقد جلسة مباحثات رسمية بقصر البركة العامر في مسقط بين وفدي الطرفين ورحب السلطان بالوفد الضيف وقدم تعازيه لبشار الأسد وللشعب السوري وأعرب عن تضامنه مع الدولة والشعب في سوريا وسط اتصالات سرية لتمديد صفقة لفتح المعابر التركية مع سورية مقابل تجميد العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة إثر كارثة الزلزال. وقد أعرب السلطان العماني عن دعم بلاده لسورية لتجاوز كارثة الزلزال وتداعيات الحصار المفروض على الشعب السوري معرباً بقوله أن عمان تشعر بالظروف الصعبة التي يمر بها السوريون، وتم الاتفاق بين الجانبين على تعزيز التعاون الثنائي والنهوض في المجالات كافة وتسعى سلطنة عمان أن تعود سوريا بعلاقاتها مع جميع الدول العربية وفي العودة للجامعة العربية وتعود لدورها العربية بشكل طبيعي وتسعى العديد من الدول العربية في هذا الاتجاه منها الجزائر ومصر والعراق والإمارات وسلطنة عمان وأكد ذلك زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لدمشق ولقائه مع الرئيس السوري إثر كارثة الزلزال معرباً عن تضامنه، وكأنه تتهيأ الأجواء لتحقيق هذا الهدف للقمة العربية القادمة. وقد أعرب الوزير السعودي عن ذلك فيصل بن فرحان آل سعود بقوله إن الإجماع العربي بدأ يتشكل ولا فائدة من عزل النظام السوري وأن الحوار بات مطلوباً مع دمشق على الأقل لمعالجة المساعدات الإنسانية وتقديم المعونات والإغاثة بما في ذلك عودة اللاجئين .وكانت هذه التصريحات من الوزير السعودي في منتدى ميونخ للأمن ومن هنا نستطيع القول أن هناك انعطافه في السياسة الدولية تجاه الأزمة السورية فالمواقف الآن هي غيرها اثناء اندلاع الأزمة السورية أي ما يقارب قبل أكثر من عقد من الزمن عندما دعمت الدول العربية ومنها العربية السعودية المعارضة المسلحة ضد الرئيس بشار الأسد. ونتوقع إذا أكمل الرئيس السوري جولته إلى دولة الامارات أو غيرها من الدول الخليجية الأخرى فتكون الظروف والعوامل هي نفسها التي أشرنا لها فيما سبق وتكون كطوق نجاة لنظامه وأزمته المالية والاقتصادية ورعاية بعض الدول العربية وبموافقة اسرائيلية فالأسد (ضعيفاً) أكثر مرونة من أي رئيس سوري قادم .

زر الذهاب إلى الأعلى