مشروع دستور تركيا (الجديد) بعد الانتخابات

 د. احمد سينو

في شهر يونيو حزيران القادم عام 2023م ستكون تركيا أمام مفترق الطرق وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية في ظل طرح مشروع دستور جديد بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة من قبل المعارضة الداخلية التركية التي صارت تعرف بطاولة الستة على أن يتضمن تعديل أو تبديل حوالي 84مادة من مواد الدستور الحالي الذي يعمل به منذ عام 1982م والذي سبق أن عدلته الحكومات المتعاقبة من قبل الحزب الحاكم حزب العدالة والتنمية والذي شمل أكثر من 100تعديل لصالح تفرده بالحكم على مدار 20 عاما.

وأمام هذا المخاض وهذه الولادة العسيرة، ستكون تركيا أمام مفترق الطرق دوليا واقليميا أيضاً ،خاصة وبعد تبلور قضية اللاجئين السورين ووصولها إلى الذروة إلى جانب الغلاء وتدهور الليرة التركية والتضخم الكبير الذي تجاوز نسبته80%والبطالة  المتفشية ،ناهيك عن الحروب التي تشنها حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيسه أردوغان وتدخلاته الإقليمية والدولية  وقضم الأراضي السورية والعراقية والخلافات مع اليونان والتدخل في الشؤون الداخلية الليبية وغيرها.

وبالنسبة للمعارضة التركية فإنها ترى أن الحل والخلاص من كل المشكلات والأزمات تكمن بالعودة إلى النظام البرلماني بديلا عن النظام الرئاسي الذي استغله أردوغان لصالح سياساته ومسك كل الخيوط بيده. والأحزاب المعارضة الستة التي سميت بطاولة الستة هي الحزب الجمهوري وزعيمه كمال كليتشدارأوغلو وحزب الديمقراطية والتقدم وزعيمه علي بابا جان والحزب الجيد برئاسة ميرال أكشنار وحزب السعادة بزعامة تمل كارامولا أوغلو وحزب المستقبل بزعامة أحمد داوود أوغلو والحزب الديمقراطي برئاسة جولتكين أويصال .ويقع الدستور المقترح من المعارضة في 150 صفحة ويعطي اهتماماً بارزا للحريات ويغير من باب الحقوق والواجبات الأساسية بعنوان الحقوق والحريات الأساسية كما يؤكد على كرامة الإنسان وصيانته ويجعلها مع حرية الفكر والتعبير في مادة واحدة ويشترط أن تكون سلطة الرئيس رمزية إلى أقصى حد.

كما يشترط حيادية الرئيس وعدم انتمائه إلى أي حزب سياسي خلال وجوده في السلطة كما أكدت أحزاب المعارضة المذكورة على علمانية الدولة، وينتخب الرئيس لولاية واحدة مدتها 7سنوات ولا يحق له الترشح مرة أخرى كما الأمر في النظام البرلماني كما يجب استحداث منصب نائب الرئيس ومحاولات التخلص من التفرد بالسلطة التي تنحصر برجل واحد كما يمنع على الرئيس حق نقض القوانين وإلغائها كما يلغي حق الرئيس يفرض قانون الطوارئ.

ويوطد مشروع الدستور الجديد الذي جهزته المعارضة من سلطة البرلمان وينظم سلطته بسحب الثقة من الحكومة ومحاسبة رئيس الوزراء والوزراء وتعزيز السلطة القضائية خاصة المحاكم المختصة ويمنع الدستور إغلاق الأحزاب السياسية ومنع نشاطها السياسي. كما يولي مشروع الدستور المقترح من المعارضة اهتماما خاصاً بالحماية الصحية والبيئة مع ضمان حقوق الحيوان الذي يضاف لأول مرة دستورياً، يمنع الدستور الجديد المقترح وضع لسلطة وزارة الداخلية في تسريح رؤساء البلديات كما جرى الأمر مع رؤساء البلديات الذين ينتمون إلى حزب الشعوب الديمقراطي المعروف بتأييده للمطالب الكردية في الحرية والديمقراطية. والأهم أن هذا الدستور يحقق ويضمن الاستقلال الإداري والأكاديمي والمالي للجامعات تحت مسمى إنشاء المجلس الأعلى للتعليم العالي ومنع تبعيته للولاءات السياسية والأمنية وتبقى مسألة النقابات والجيش ومؤسسات الإعلام وغيرها بالحفاظ على استقلاليتها وحريتها وتكون بعيده عن التدخلات الامنية وغيرها.

ويبقى أمر واحد بعد لم يحسم من المعارضة التركية أو ما يسمى بطاولة الستة فقد صرح على باباجان بأن المرشح المنافس للرئيس سوف يتأخر الإعلان عنه إلى ما قبل الانتخابات بيومين وسط انتقاد من ممثل حزب الشعوب الديمقراطي مدحت سنجار الذي نوه بوجوب الإعلان الرسمي عن المرشح ليتم تقييمه على نحو صائب وليس على افتراضات. ويبقى أن نقول إن غداً لناظره قريب.

زر الذهاب إلى الأعلى