تايوان والتوتر الصيني الأمريكي

عبدالرزاق علي

 

تايوان جزيرة في جنوب شرق آسيا في المحيط الهادي، ويفصلها عن الصين مضيق فورموزا، ولا تتجاوز المسافة بينها وبين الصين ١٤٠ كم ،ويبلغ عدد سكانها ٢٤ مليون نسمة وتتكون من عدة جزر ، تتمتع تايوان بالحكم الذاتي وتعتبر نفسها دولة ديمقراطية مستقلة ذات سيادة فلها دستور خاص وقادة منتخبين وتملك ٣٠٠ ألف جندي من القوات المسلحة الفاعلة ، لكن الصين تعتبرها جزءاً منها وتطالب بضمها حتى ولو بالقوة إذا لزم الأمر. تبادلت الولايات المتحدة والصين تصريحات شديدة اللهجة إثر زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لتايوان، والتي تحمل في طياتها الاستفزاز والتحدي من جهة والدعم والمساندة للجزيرة من جهة ثانية ، وتتميز السياسة الأمريكية بالضبابية والغموض الاستراتيجي تجاه هذا الوضع القائم. فيما طلبت بكين من واشنطن التزام الحذر في هذا الشأن مؤكدة أنه لا مجال للمساومة في قضية السيادة ، في حين شددت الرئاسة الأمريكية على إنها لا تزال تقتدي بقانون العلاقات مع تايوان الصادر عام ١٩٧٩ الذي طالب فيه الكونغرس بأن توفر الولايات المتحدة السلاح للجزيرة للدفاع عن نفسها . ورغم أن الولايات المتحدة والصين دولتان نوويتان وقوتان اقتصاديتان في العالم تخوضان حرباً باردة في عدد من الملفات الخلافية بينهما، ويعد خلافها بشأن تايوان القضية الوحيدة التي يحتمل أن تثير مواجهة مسلحة بينهما .

تايوان جزيرة تنبض بالحياة ويعتبر مضيق تايوان الشريان الحيوي التجاري الأول في العالم وتعدُّ مركزاً رئيسياً للتكنولوجيا المتطورة مما جلب الأنظار والأطماع ناهيك عن موقعها الجيوسياسي والجغرافي ، لذلك عززت الولايات المتحدة الأمريكية علاقاتها مع تايوان على كافة الأصعدة والمستويات بهدف ضرب الصعود الصيني المتنامي والذي يشكل التحدي الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل.

ازدادت الأمور تعقيداً في قضية تايوان والتي هي من أبرز خطوط الصدع الجيوسياسية الساخنة على الصعيد الدولي، وما فاقمها أكثر الغزو الروسي لأوكرانيا والذي رفع من احتمالية تنفيذ الصين هجمات عسكرية على تايوان.

نددت الولايات المتحدة بتصعيد الصين الكبير حول تايوان فيما أعلنت بكين عن سلسلة اجراءات سياسية وعسكرية رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة . فلذلك قامت الصين بمناورات كبيرة في محيط الجزيرة حيث استدعى البيت الأبيض السفير الصيني في واشنطن (شي جانغ) احتجاجاً على سلوك الصين اللامسؤول إزاء تايوان ، قال كيري : بدورنا نشجب العمليات التي تنفذها الصين وهي مخالفة لهدفنا القاضي بالحفاظ على السلم والاستقرار في مضيق تايوان .ولم تكتف الصين بهذا فقط بل أوقفت التعاون مع الولايات المتحدة في عدة ملفات مشتركة أبرزها الحوار بين القادة العسكريين وألغت اجتماعاً ثنائياً مزمعاً حول آلية الأمن العسكري البحري . كما أكدت وزارة الخارجية الصينية تعليق التعاون مع واشنطن في محادثات المناخ وجهود منع الجريمة عبر الحدود وتهريب المخدرات وإعادة المهاجرين غير الشرعيين مما زاد الأمر أكثر إيلاماً فإن هذه الصراعات الدولية تؤثر على العالم برمته وتضع العالم على شفا الهاوية من اندلاع حروب نووية أشد فتكاً وإيلاماً وتجلب الكوارث للعالم بأسره .

 

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى