الصراع الأمريكي الروسي على أوكرانيا

الأبعاد والتداعيات :

تشهد العلاقات بين أوكرانيا وروسيا  توترا مستمرا  واشتباكات متقطعة  في شرقي أوكرانيا منذ عدة سنوات  قرعت خلالها  مرارا طبول الحرب  بين البلدين تارة  , وبين روسيا وأمريكا  ومعسكر الغرب  الداعم لكييف  تارة أخرى  .

 ورغم أن الناس ينقسمون  بين من يتوقع  أن الحرب قادمة  ولوبعد حين  وبين من  يستبعدونها كخيار ضروري  فإنهم  يجمعون  على أن الأزمة  والتوترات يمكن تشعل شرارة الحرب المحتملة .

وهذالتوتر المفاجئ بين أمريكا وروسيا  حول أوكرانيا له أبعاد إقليمية  :

لا سيما وأن أوكرانيا من الحلفاء الاستراتيجين لامريكا  , وهي الذراع  التي تتحرك  فيها أمريكا  وحلف الناتو  لمواجهة خطط  روسيا  في المنطقة وفي اوربا .

و أبعاد دولية :

تتعلق أصلا بالصراع الأمريكي الروسي على قمة الهرم الدولي والهيمنة على العالم .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو :

هل هناك علاقة بين  الأزمة السورية والأزمة الأوكرانية  ؟

من المعلوم في الوقت الحاضر أن العلاقات الأمريكية الروسية والتفاهمات بين الجانبين  تسير بشكل متوازن في سوريا مع ما يرافق ذلك من تقارب  وتباعد وتشابك  بسبب كثرة المتغيرات  المؤثرة  في هذا الصراع وأحيانا  تتعرض  العلاقات لبعض التجاوزات من قبل هذا الطرف أو ذاك الأمر الذي  يؤدي  الى الإنسداد  في العملية  السياسية  خاصة عندما يتعلق الأمر  بتطبيق القرار الأممي  رقم 2254 وتداعياته المتوقعة على النظام السوري , وليس  هناك  ما يوحي  بأن أمريكا  ستتخلى  عن تطبيق  القرار المذكور جزئيا أوكليا  ,  وهذا الأمر يقلق روسيا  على الدوام  لأن تطبيق  القرار بالنسبة لموسكو  يعني  و ” كأنك يا ابو زيد ما غزيت  ”  .

ولهذا فإن الإنتصارات العسكرية  التي حققها الرئيس  بوتين  في سوريا  لم تكلل بالنجاح  المطلوب  على الصعيد السياسي وعلى صعيد وقف الحرب وعلى صعيد  الاستقرارالاقتصادي وإستقرار البلاد  وإعادة الإعمار  .

أمام هذه الإستعصاءات وغيرها  هرب الرئيس بوتين الى الأمام  و نقل المعركة  من سوريا مؤقتا الى حدود أوكرانيا  لعله يحصل على مقايضة ما هنا أو هناك  خاصة وأن الروس قد أصبحو ا ( خبراء بارعين  في مسألة المقايضات خلال سنوات الأزمة السورية  ) .

واذا انتقلنا الى عمق القضية  فإن الرئيس بوتين  يهدف من خلال التحشيد العسكري  على الحدود الأوكرانية  و اللعب على حافة الهاوية  مع الغرب وأمريكا  الى ضرب عدة  عصافير بحجر واحد , فمن جهة يريد  أن يحصل  على تنازلات أمريكية  في سوريا خاصة فيما يتعلق ببنود القرارالأممي رقم 2254  , ومن جهة ثانية  يريد أن يحصل على ضمانات أمريكية وأوربية  بعدم التمدد والتوسع بإتجاه  المناطق الروسية ودول  أوربا الشرقية   والسؤال:

 لماذا هذه التحذيرات الأمريكية المتكررة لروسيا ولماذا التصريحات الأمريكية الشديدة بخصوص العزوالروسي المتوقع على كييف   ,

وطالما أن أمريكا لاتريد أن تحارب  روسيا في أوكرانيا   فلماذا ترسل القوات الأمريكية الى بولونيا  و قوات حلف الأطلسي الى منطقة النزاع  , ولماذا تغرق أوكرانيا بالأسلحة الحديثة ( 2000 طن ) وأنظمة  الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات والذخيرة  والدروع الواقيةمن الرصاص

والجواب هنا ليس قاطعا بسبب تعقيدات المشكلة  , ولكن ربما تكون  محاولة  متعمدة من واشنطن لإستكشاف  النوايا الروسية  وغايتها من  كل هذا الحشد العسكري أو هي  محاولة لإستباق أي تحركات روسية على نطاق أوسع من أوكرانيا  أو هي محاولة  لإستدراج روسيا  الى عش الدبور و جرها الى المستنقع الأوكراني  .

ومع إشتداد الأزمة الأوكرانية  يبدو أن المخفي في أسباب  الصراع بين أمريكا وروسيا  أكبر من المعلن  وإن الأمر مرتبط بمجمل الصراع الأمريكي الروسي  في سوريا وأوكرانيا  والمناطق الأخرى في العالم  .

مرشد اليوسف

زر الذهاب إلى الأعلى