الصراع العسكري في الشمال السوري الأهداف والتداعيات  :

مرشد اليوسف

الاقتتال بين هيئة تحرير الشام ( المصنفة على لائحة الإرهاب الدولي ) والفصائل الموالية لتركيا يمثل التطور الأحدث في الأزمة السورية . وخلال الأيام القليلة الماضية سيطرت الهيئة على كامل مدينة عفرين وتم طرد الفيلق الثالث منها. ورغم الاتفاق  الهش الذي تم بين الطرفين تحت الرعاية التركية فإن هيئة تحرير الشام عاودت الهجوم في منطقة كفر جنة على بعد سبعة كيلو مترات من عفرين وحسب المصادر المحلية فإنَّ مفاوضات عدة أخفقت بين الطرفين حيث تتمسك هيئة تحرير الشام بشروطها وتتمثل في  إدارة المنطقة  كاملة مع بقاء قوات ما يسمى بالجيش الوطني السوري ( التابع شكليا للحكومة السورية المؤقتة ) تحت نفوذها. وتقول المصادر المقربة من هيئة تحرير الشام  أن الأخيرة  ستشكل مجلساً عسكرياً موحداً لكافة الفصائل وغرفة عمليات عسكرية موحدة  في الشمال السوري  مع إدارة مدنية واحدة  تدير الشمال السوري حتى إدلب تحت قيادة الهيئة في إشارة  الى دمج حكومتي الإنقاذ  السورية  التابعة للهيئة في إدلب  والحكومة السورية المؤقتة، وهذا ما يرفضه الفيلق الثالث. وكانت الهيئة قد طرحت نفسها منذ عدة سنوات مرّت على الأزمة السورية على أنّها قوة معتدلة  وإنها حاربت داعش  فضلا عن إدارتها بصورة ناعمة لمنطقة إدلب.

الأهداف :

والحقيقة إن ما تشهده عفرين وشمال سوريا من أحداث مستجدة هي دلالة واضحة على التغير في السياسة التركية تجاه سوريا  وإن الهدف الظاهر منها هو ترتيب  وتوحيد  صفوف المعارضة السورية  بكافة مسمياتها من أجل المصالحة مع سوريا  والهدف الخفي منها هو تصفية  ما يسمى بالجيش الوطني السوري وخاصة جيش الإسلام  والجبهة الشامية والفصائل الراديكالية الأخرى التابعة شكليا  للمعارضة السورية  على يد جبهة تحرير الشام  ( خاصة بعد أن رفض البعض من تلك الفصائل  طلب الرئيس أردوغان للقتال في أذربيجان  وبعد أن رفضت  معظمها  رسميا مشروع أردوغان الجديد حول المصالحة مع النظام السوري ). وإذا صارت الأمور ( وفق الخطة المرسومة في سوتشي بين بوتين وأردوغان بعد مؤتمر طهران الرباعي) على ما يرام فإن الخطوة التالية ستكون إيصال الجولاني الى جرابلس والباب وإلى كري سبي ورأس العين  لتصبح الجبهة وجهاً لوجه مع قوات سوريا الديمقراطية  ” قسد  ” وهذا هو غاية الحلف غير المقدس؟. وقد نشر موقع عفرين بوست  في 2 تموز الماضي معلومات وصفها  بأنها سيناريو  لصفقة غير معلنة  بين روسيا  وتركيا  تقضي بموجبها سيطرة هيئة تحرير الشام  على مناطق ما يسمى بغصن الزيتون ودرع الفرات مقابل تقدم القوات السورية  باتجاه جبل الزاوية  والسيطرة الكاملة على الطريق الدولي m4 خلال ستة أشهر. ومن جهتها أعلنت قسد عبر مركزها الإعلامي ” أن سيطرة  هيئة تحرير الشام على عفرين تمت  بمباركة تركية.

وعلى ضوء المعطيات والتطورات  السابقة لا يمكن الجزم فيما اذا كان لهذا الحدث  علاقة  بأهداف الهيئة المعلن سابقا  وهو إسقاط النظام السوري ومقاومة القوات الروسية  والإيرانية في سوريا وإقامة نظام إسلامي في دمشق.

التداعيات :

لاشك إن سيطرة الهيئة على معظم مناطق شمال سوريا وبمباركة تركية  سيكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة.

  • التداعيات على تركيا :

أعتقد أن أردوغان  يغامر كعادته  ولا يدرك حجم المخاطر  التي يمكن أن تنجم نتيجة دعمه لمنظمة إرهابية  بوجب القانون الدولي ومهما فعل من أجل تجميل  صورة الهيئة وتسويقها  عن طريق روسيا ودول إقليمية أخرى فإنه لن ينجح في ذلك.

  • التداعيات على الشمال السوري :

أعتقد أن تركيا لن تتخلى عن الجولاني بالسهولة التي يتوقعها البعض وستنزفه حتى آخر نقطة دم في جسد الهيئة  بل  ستجعله حصان طروادة لاقتطاع جزء من الشمال السوري  تحت ذريعة العودة الآمنة لللاجئين السوريين.

  • التداعيات على مناطق الإدارة الذاتية وقوات قسد :

لا نبالغ اذا قلنا أن هذا هو مربط الفرس في مسألة الجولاني واحتلال عفرين ,  وقد جهر أردوغان مراراً وتكراراً بأن الهدف الأساسي لمشروعه السياسي هو القضاء على النضال الكردي المتصاعد في شمال وشرق سوريا ولن يهدأ له بال طالما أن مناطق الإدارة الذاتية الكردية تنعم بالاستقرار.

ولهذا فإن تصفية الإدارة وتصفية قوات قسد كانت أهم  الشروط التي أعلن عنها أردوغان للمصالحة مع سوريا  .

التوصيات :

أعتقد أن الكرة في ملعب النظام السوري  ويجب ألا يقع في شباك أردوغان العدوانية وألا تدخل معه في اتفاقيات سرية أو علنية ضد جزء من شعبها لأن الرجل لا يعرف حتى أصول الصداقة وبروتوكولات علاقات حسن الجوار ولا يلتزم بالعهود والمواثيق وفوق ذلك فإنه في الطريق إلى السقوط  والهزيمة في الانتخابات القادمة. والحوار هو سيد الموقف بين الإدارة الذاتية الديمقراطية و دمشق وهذا هو مطلب الشعب الكردي وجميع المكونات السورية.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى