المرأة والحماية الذاتية

مقدمة.

تعتبر الحماية الذاتية أفضل قوة مجتمعية لمواجهة مختلف المخاطر التي تهدد الأمن الإنساني وهي هدف يسعى إليه مختلف الأفراد والمجتمعات من أجل حماية قرارها واستقلالها.

مع بداية ثورة روج آفا   بدأت المرأة تدافع عن نفسها و تحتل  مكانة عالية في كافة المجالات من خلال فلسفة و فكر القائد عبدالله أوجلان الذي ساعدها في تمكين نفسها وحماية مجتمعها من الأخطار التي كانت يتعرض له، فمنذ إعلان الإدارة الذاتية والتي انطلقت من إقليم الجزيرة بتاريخ 21/4/2014 أخذت المرأة دورها في كافة  مجالس الإدارة الذاتية فمثلاً على صعيد المجلس تم تعيين أربعة  نساء منصب  رئاسة الهيئات وهي الهيئات التالية( المرأة- المالية- الثقافة) وتم تطبيق النظام في كافة المؤسسات والإدارات الذاتية التي تم  الإعلان عنها تدريجياً في نفس الشهر من عام 2014، فالمرأة في مناطق شمال وشرق سوريا انتهجت نهجاً  مختلفاً  عن باقي النساء في المناطق السورية، وقامت بتأسيس العديد من المؤسسات السياسية والعسكرية والاجتماعية لحماية نفسها ومجتمعها في ظل الفوضى والصراع الدائر في المنطقة، وقد كان لها دور كبير وريادي في هزيمة التنظيمات الإرهابية بفضل تلك المؤسسات وعلى رأسها وحدات حماية المرأة التي اكتسبت مكانة رفيعة داخليا وخارجيا. لذا ومن أجل التعرف على الأسباب التي قادت المرأة إلى تبني مفهوم الحماية الذاتية ومدى تحقيقها لذلك المفهوم تم إجراء عددٍ  من اللقاءات مع  بعض الشخصيات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تعملن في مؤسسات الإدارة الذاتية.

أسباب تبني المرأة للحماية الذاتية.

أكدت جميع الشخصيات التي تم اللقاء بها  بأن الأسباب التي دفعت المرأة على حماية نفسها كان للتخلص من هيمنة السلطة الذكورية والعنف التي كانت تتعرض لها من قبل ذلك الذهنية التي تفردت في جميع المراكز والقرارات سواء داخل المنزل أو خارجه الأمر الذي ساهم في خلق  امرأة ذات شخصية خنوعة، إلى جانب ممارسة مختلف أشكال العنف النفسي والجسدي، ومنها الزواج القسري للمرأة بدون مشاورتها أو إعلامها بذلك بل وصل الأمر في بعض الأحيان إلى استخدام الضغط أو الضرب لإجبارها على الموافقة على إتمام الزواج إرضاءً للأب، بالإضافة إلى عوامل أخرى كتعدد الزوجات وزواج القاصرات التي كان لها آثار سلبية كبيرة على المرأة ولم يقتصر الأمر على ذلك بل كان يتم حرمانها من التعليم ومن موروث العائلة وكذلك من العمل  خارج المنزل، حيث بقيت حبيسة المنزل وكان يتم معاملتها كآلة لإنجاب الأطفال. بالمحصلة كان تبني المرأة لمفهوم الحماية الذاتية من أجل التخلص من الأفكار النمطية التي ترسخت طوال قرون مضت بأن ليس لدى المرأة قدرة في حماية نفسها بمعزل عن الرجال أو العشيرة التي تنتمي إليها.

مدى تحقيق المرأة لحمايتها الذاتية.

أكد معظم اللواتي تم اللقاء بهن بأن   حمايتهم تحققت بشكل نسبي من خلال العمل في المؤسسات، والآن بوسعهم أن يحمين أنفسهن ومجتمعاتهن من كافة المخاطر التي تواجه شمال وشرق سوريا، إلا أنهن لم ينكرن بأنهن يواجهن صعوبات بخصوص الحماية على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والدبلوماسية كونها التجربة الأولى لهن وخاصة على الصعيد الدبلوماسي، إلى جانب ضعف الوعي الأمني والسياسي لدى المرأة وعدم معرفتهم لأهمية الحماية الذاتية التي فقدتها المرأة عبر التاريخ، هذا وقد أكدن بأن الذهنية الذكورية والعادات والتقاليد المتزمتة وضعف الوعي الشعبي بأهمية دور المرأة في حماية نفسها ومجتمعها يقف عائقاً أمام تطور مفهوم الحماية الذاتية لديهن، إلا أنهن يحاولن  تجاوز هذه  الصعوبات عبر التدريب المستمر للمرأة والمجتمع أيضاً.

هذا وفي الختام أكدن بأنهن على الرغم من جميع الصعوبات والعوائق التي تواجههم على الساحة السياسية والعسكرية وخاصة من قبل دولة الاحتلال التركي التي تحاول استهداف تنظيم المرأة الحرة التي تحاول توعية مجتمعهن وتشكيل حماية ذاتية لهن، إلا أنهن قاموا بتغيير الواقع بشكل كبير وحققوا حماية خاصة بهم وتخلصن من الأفكار العبودية  وأصبح  لديهن رأي في كل مجالات الحياة، بالإضافة إلى اشتهارهن عالمياً بفضل جهودهن في محاربة الإرهاب وإنقاذهن لآلاف الأرواح من ظلم داعش وأخواتها.

زر الذهاب إلى الأعلى