أردوغان والمعارضة السورية والمزاد المفتوح!!

أردوغان والمعارضة السورية والمزاد المفتوح!!

تصريح وزير خارجية النظام التركي جاويش أوغلو الأخير والذي تحدث عن استعداد بلاده لتقديم الدعم السياسي للنظام السوري في حال قررت الأخيرة مواجهة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.

هذا التصريح الواضح والصريح لم يكن مفاجأ لكثير من السوريين، خاصة بعدما تسربت كثيرا تصريحات تركية أكدت حدوث لقاءات استخباراتية تجري بين الطرفين بين الفينة والأخرى، تلك التسريبات كانت تؤكد وبشكل لا شك فيه أن التعاون الاستخباراتي لم يتوقف بين حكومة البلدين.

لكن تصريح جاويش أوغلو هذا لم يكن مثيرا للاهتمام أو مفاجأ إلى درجة كبيرة في أروقة المعارضة السورية أو الائتلاف المعارض المحسوب على تركيا، وحتى في صفوف جماعاتها المرتزقة العسكرية. أو على الأقل لماذا اكتفت بالصمت

وهنا لا بد للحقيقة أن تقال، هذا الطيف المعارض الذي ارتمى في أحضان تركيا لا يطلب منه أن يتفاجأ من تصريحات النظام التركي

ولا يطلب منه أن تثار نخوته وقد تعرض للبيع مرارا وتكرار، فلم ينس أحد ما جرى في الغوطة الشرقية وحمص والفوعة وكفريا، ولم ينس بعد درعا وما حل بها ولن يستطيع أحد نسيان الأيام التي كانت تحتل فيها عفرين السورية وتقصف ببنادق مرتزقة سوريين، وكانت تجري عمليات تسليم في مناطق أخرى.

فالمعارضة السورية لا يحق لها أن تفاجأ من تصريحات أوغلو واستعداد نظامه لدعم الأسد الذي كان في مرمى التصريحات النارية من قبل تركيا، والذي وصفه أردوغان مرارا بأنه نظام ساقط، وبأنه سيصلي في المسجد الأموي بعد إسقاطه من قبل الجماعات الموالية له

فالمعارضة السورية وبكل شفافية لم تبد أي موقف بل التزمت بالصمت حيال تصريحات أوغلو لأنها تعلم علم اليقين بأنها في حالة يرثى لها، وقد فقدت منذ انطلاقتها الأولى زمام المبادرة والقرار بشأن الأزمة في سوريا، لم تعد تملك أدنى مقومات الوطنية، وهي تعلم جيدا حجمها الحقيقي ووزنها الطبيعي بعد 10 سنوات من عمر الثورة

المعارضة تعلم أنها بيعت ولأكثر من مرة، وقايضت أكثر من مرة في مناطق كانت تسيطر عليها على طول الجغرافية السورية مقابل مناطق أخرى إرضاء لمصالح دولة الاحتلال التركي. المعارضة منذ أن سلمت كل شيء حتى رقابها لم تعد تملك خيارا سوى الارتزاق. ومحاربتهم في ليبيا واليمن وأرمينيا وكأنهم خرجوا فقط من أجل المال دونما هدف أو غاية.

من جهة أخرى جاءت هذه التصريحات بعد انتهاء قمة طهران الأخيرة التي حضرها زعماء الدول الثلاثة روسيا، إيران وتركيا، وبعيدا عن تفاصيل النقاشات والتفاهمات التي جرت بينهم. هل يمكن القول بأن تصريحات تركيا حول الاستعداد لدعم النظام جاءت بعد ضغط روسي إيراني بضرورة قبول الأسد ومنح المشروعية التركية له.

هل يمكن القول أيضا بأن طهران وموسكو ستجبران تركيا على التضحية بالمعارضة وأطيافها وللمرة الألف وتسليم ما تبقى من مناطق لحكومة دمشق.

لكن وقبل ذلك كله هل المعارضة بشقيها السياسي والعسكري خرجت قبل عقد من الزمان لتسيطر على مناطق واسعة من سوريا، لا بل كانت قريبة جدا من قلب العاصمة السورية وقلب نظامها حينها، هل خرجت لتسلم بعدها كل المناطق للحكومة وتكتفي بالارتزاق والمتاجرة بدماء الأبرياء وتكون سببا مباشرا لدمار سوريا وخرابها.

هل خرجت فقط من أجل محاربة الكرد ومشروعها الديمقراطي الوطني الناجح إلى الآن، هل خرجت المعارضة لتنتظر الإشارة من أردوغان للهجوم على المناطق ذات الغالبية الكردية. هل هذه كانت أهداف الثورة التي انطلقت في درعا، هل هذه كانت شعارات الثورة منذ انطلاقها.

النوايا التركية واضحة ومشروعها التوسعي لم يخفى على أحد. لكن أين هي النوايا والمشروع الوطني للمعارضة السورية وكم من المرات ستضع نفسها بيد أردوغان يتلاعب بها كيفما يشاء حسب مصالحه الإقليمية والدولية.

بعد كل هذا الخراب والدمار والدماء والضحايا من السوريين ألم يحن الوقت لكي تنهض المعارضة من سباتها وتتخلص من الوصاية التركية، ألم يحن الوقت كي تستوعب المعارضة بأن النظام التركي لا تعنيه مصالح الشعب السوري بقدر ما تعنيه مصالحه وطموحاته التوسعية.

خلاصة القول على المعارضة ان تعي جيدا أن أردوغان لن يجلب لها الحل ولن يجاهد  أبدا من أجل تحقيق أهداف الثورة السورية التي بدأها الشرفاء الوطنيين، وأن النظام التركي همه الوحيد حزامه الملي وطموحات اجداده العثمانيين، فهذا حقيقة الأمر استنادا على تصريحات الزعيم التركي نفسه

من جهة أخرى تجاهل النظام السوري وعدم إعطاء أي أهمية لتصريحات أوغلو يحمل أكثر من معنى أهمها، أن دمشق تعلم جيدا ألاعيب أردوغان وسياساته الخبيثة وأهدافه لكنها تحاول التفاهم معه وذلك بضغط روسي للقضاء على الإدارة الذاتية التي تشهد مناطقها حملات عدوانية منسقة من قبل هذه الجهات المذكورة، وقد نشهد مقايضة جديدة للمناطق التي تقبع تحت ما يسمى المعارضة السورية ودولة الاحتلال التركي مقابل مناطق تديرها قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية. ، دمشق تملك فهما كافيا للسياسات التركية على عكس المعارضة التي لا تعي ولا درك الخبث الأردوغاني. دمشق تعي جيدا بأنها في هذا الوقت ليست بحاجة لكسب الدعم التركي المزعوم، وعلى العكس تماما تدرك أن هذه التصريحات مجرة فقاعة إعلامية لا أكثر

فدمشق تعلم أن أردوغان يتاجر بالمعارضة من جديد وتعلم أنهم أي المعارضة هم الحلقة الأضعف حاليا في المشهد السوري.

وأخير لا أحد يملك حل المعضلة السورية غير السوريين أنفسهم وعليهم التخلص من الأجندات الخارجية

زر الذهاب إلى الأعلى