حزب التحرير الإسلامي- فرع سوريا

إنّ فشل نموذج الدولة القومية الحديثة منها الناصرية والبعثية بشقّيه السوري والعراقي، في العديد من البلدان العربية والإسلامية في تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، قد شكَّلَ عاملاً في تشكيل بيئة خصبة لصعود حركات الإسلام السياسي، والتي نادت بشعار “الإسلام هو الحلّ”. قدّمت هذه الحركات نفسها كبديل أيديولوجي وحلٍّ جذري للأزمات المزمنة، مستندةً إلى مرجعية دينية تُطرَح كبديل عن المشاريع القومية والوطنية والعَلمانية التي اعتبرتها مستوردة وفاشلة.

يأتي حزب التحرير الإسلامي كأحد أبرز هذه الحركات، وإن تميّز عنها بمنهجه الفكري والسياسي الفريد؛ فهو يزعم أنّه لا يسعى للوصول إلى السلطة عبر الوسائل الانتخابية أو العمل المسلّح المباشر، وإنّما عبر التغيير الفكري والثقافي الإسلامي في المجتمع، ويرى أنّ العمل السياسي هو الوسيلة المركزية تمهيداً لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة ما يسمّى نظام “الخلافة الراشدة”؛ أي أنّ الحزب، على غرار حركات الإسلام السياسي، يقدّم نفسه كمشروع عابر للدولة القومية، ويسعى لإقامة دولة الخلافة الإسلامية وفقاً لأيديولوجيته.

  • حزب التحرير الإسلامي – التأسيس والأيديولوجيا

حزب التحرير الإسلامي هو حزب سياسي إسلامي لا يعترف بالدولة الوطنية ولا بالنظام الديمقراطي، ويعتمد الفكر الإسلامي السلفي أداةً رئيسيةً في التغيير السياسي والاجتماعي الهادف إلى إعادة دولة الخلافة الإسلامية للوجود، والحكم بالشريعة، ولا توجد معلومات تؤكّد امتلاكه جناحاً مسلّحاً، كما أنّ الحزب لم يتبنّ أي عمل مسلّح منذ ظهوره.

تُسمّى القيادة السياسية في حزب التحرير بـ«الإمارة» ويتولّاها «أمير الحزب»، والذي يتم انتخابه داخلياً طبقاً لآليات تنظيمية مستمدّة من الشريعة، ويكتنفها الغموض، ومدّة إمارة أمير الحزب غير محدودة، وإمارته تكون عالمية، بمعنى أنّه أميرٌ على كل أفراد الحزب في جميع أنحاء العالم.

يُعَدُّ الحزب من التنظيمات الراديكالية التي تهدف إلى إجراء تغيير جذري من خلال العمل السياسي والفكري الإسلامي، وذلك بالاستناد إلى تفسيراته لشريعة النبي محمد (ص) والتي لخّصها في خطابه “منهج حزب التحرير في التغيير” ([1]) الذي يوضّح فيه عقيدته السياسية وأهدافه وكيفية الوصول إلى غايته.

يتّخذ الحزب من البلاد الإسلامية مجالاً لعمله بهدف إقامة دولة الخلافة، ولديه ناطقون رسميون في عدد من البلاد الإسلامية، كما أنّ لديه الكثير من المكاتب الإعلامية. وللحزب انتشار واسع نسبياً في العالم، وأبرز أماكن نشاطاته هي: فلسطين ولبنان وتونس وسوريا والأردن وتركيا وباكستان وبنغلادش وإندونيسيا ودول آسيا الوسطى الإسلامية، وبعض الدول الغربية: كالمملكة المتحدة وأستراليا وروسيا وأوكرانيا. الحزب محظور في معظم البلاد العربية والإسلامية وفي روسيا وألمانيا؛ وذلك بسبب قضايا تتعلّق بالإرهاب والكراهية، وكذلك بسبب رفض بعض الدول لأيديولوجيته؛ فعلى سبيل المثال رفضت الحكومة الأردنية ترخيص الحزب لأنّه يزعم أنّه لا يقبل مبدأ الحكم الوراثي، وأنّه يدعو لانتخاب حاكم يحكم بالشريعة الإسلامية، كما أنّه يكفّر معظم أنظمة الحكم في الدول العربية والإسلامية، ويُعِدّ المعاهدات العسكرية ومشاريع المساعدات الاقتصادية كمحاولاتٍ صريحةً لسيطرة “الإمبرياليّين الكفار” وإخضاع دول الشرق الأوسط والأقطار الإسلامية لسيطرتها؛ حيث يتّهم الحزب القوى الاستعمارية بشكل رئيسي في تدهور وضع الإسلام، من خلال سيطرة تلك القوى على المصادر الطبيعية والاستراتيجية العسكرية والتقسيم السياسي للعالم الإسلامي. تعرّض قادة وأعضاء الحزب لملاحقات أمنية، كما تعرّض العديد منهم للاعتقال والتعذيب والإعدام؛ فقد جرى إعدام الشيخ عبد العزيز البدري، وهو من قادة الحزب في العراق، في ثمانينات القرن الماضي، كما لم يعرف أحد مصير وفد الحزب إلى ليبيا بعد لقائه الرئيس معمر القذافي لطلب «النصرة».

تأسّس حزب التحرير الإسلامي في بداية عام 1952م بعد أن قامت جماعة من الموظّفين المتديّنين بزعامة رجل الدين القاضي “الشيخ تقيّ الدين النبهاني” بالانشقاق عن جماعة الإخوان المسلمين في القدس، وهو من رجال الحاج أمين الحسيني ([2])، وعقدت المجموعة لقاءات عدّة، غالباً في القدس والخليل، لتبادل الآراء وتجنيد أعضاء جدد، وجرى التركيز في البداية على النقاشات الدينية، لكن المجموعة بدأت باتّخاذ طابع حزب سياسي في نهاية عام 1952م (ورسمياً في الصحف في آذار1953) باسم “حزب التحرير الإسلامي” واتّخذ القدس مقرّاً له.

تعرّض الحزب لانشقاقات في صفوفه عام 1956 بسبب خلافات داخلية بين الشيخ النبهاني وعدد من دعاة الحزب بينهم داوود حمدان ونمر المصري، الذين يُقال أنّهم قد عارضوا عمل الحزب في الخارج.

ركّز الشيخ النبهاني عملية الترويج لحزبه في مدن بيروت وطرابلس إلى أن توفّي في بيروت في نهاية العام 1977م. مخلّفاً زعامة الحزب للشيخ “عبد القديم زلّوم”.

  • الأيديولوجيا والعقيدة السياسية:

يمثّل الحزب تيّاراً إسلامياً سلفياً عقائدياً في المنهج، يُعِدّ الإسلام نظاماً كاملاً للدولة والمجتمع في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والقضاء، ويدعو إلى إزالة الحدود بين الدول الإسلامية معتبراً المسلمين “أمة واحدة”، كما يدعو لتولّي أمير الحزب قيادة هذه الأمة؛ حيث تركّز أدبيات الحزب على إقامة دولة الخلافة الإسلامية من خلال ثلاث مراحل، وهي:

 1- إعداد الأفراد فكرياً وعقائدياً.   2- التفاعل مع المجتمع بخلق وعي عام شامل وكامل يؤمن بضرورة التغيير وحتمية الانتصار.  3- مرحلة تعقّب ذلك بطلب النصرة من أصحاب القرار الذين انخرطوا في «الحلقات» السرّية للحزب.

يرفض الحزب الديمقراطية والوصول إلى السلطة عبر الوسائل الانتخابية والعمل البرلماني، معتبراً إيّاها مع “الدولة القومية” أنظمة كُفر؛ لأنّها – بحسب اعتقاد قادته – لا تحكم بما أنزل الله وتتبنّى قوانين وضعية، ويزعم الحزب أنّه لا يؤيّد العمل المسلّح المباشر، وأنّ منهجه يعتمد على التغيير الفكري والتثقيف الإسلامي لخلق الوعي في المجتمع، وبناء الرأي العام الإسلامي المؤيّد لفكرة الخلافة وفق منظور الحزب، وكسب الجيش والمجتمع إلى جانبه، تمهيداً للسيطرة على السلطة واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة “الخلافة الراشدة”؛ وذلك من خلال طلب نصرة عسكرية من قادة الجيش أو السياسيين من المتنفّذين في الإدارة والحكومة، لإقامة سلطة الشريعة، ومن ثم التحضير لحرب مقدّسة لأجل تحويل العالم كلّه إلى الإسلام.

وقد أوضح الشيخ تقيّ الدين النبهاني تفاصيل منهجية الحكم في كتبه الكثيرة، منها “نظام الحكم في الإسلام”، وقد سعى من خلالها إلى تأصيل الحكم الإسلامي تأصيلاً على نحو يشابه إلى حد كبير وظائف الدولة الحديثة وأجهزتها ووسائلها، سواء بكتابة دستور شامل من منطلقات إسلامية، أو من حيث التنظير القانوني المبوّب لمهامها ونظم الدولة القائمة عليها؛ حيث ألّف الشيخ النبهاني دستوراً مكوّناً من /191/ مادة، تحدّد النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والتعليمية والخارجية لدولة الخلافة الإسلامية”([3]).

وبالتالي؛ فإنّ نهج الحزب للوصول إلى السلطة يرتكز على كسب ولاء المتنفّذين في الدول المستهدَفة من عسكريّين وسياسيّين، والانقلاب على الأنظمة الحاكمة دون خوض صراع مباشر وطويل معها، وتولّي أمير للسلطة. وبالفعل حاول أنصاره تنفيذ انقلاب على الحكم في الأردن في الستينات، وفي تونس في السبعينات، وفي مصر عام 1974م؛ إلّا أنّ جميع تلك المحاولات قد باءت بالفشل، وهو نفس النهج الذي تتبعه جماعة الإخوان المسلمين وجماعة فتح الله غولن التركية.

يَعتبر الحزب الولايات المتحدة وبريطانيا دولاً استعمارية وقوىً كبرى تسعى لإبقاء العالم الإسلامي مُفكّكاً وضعيفاً، وينتقد تركيا (حكم أردوغان) لتبنّيها العَلمانية والحكم بغير ما أنزل الله، حتى ولو استخدم عبارات إسلامية، ويعمل حسب المصالح القومية التركية وليس الإسلامية، ويجب تغييره، وفي ذلك يقول: “تفاخَر أردوغان بعَلمانيته وهو عَلماني من الطراز الأول، ونفى الإسلام عن حزبه ودولته، فهو يحكم المسلمين في تركيا بالعَلمانية، ودستوره عَلماني لا يمتّ للإسلام بصلة، قام بتنفيذ المخطّط الأمريكي في سوريا، والمتمثّل بحرف الثورة السورية عن مسارها، وتدخّله في ليبيا لقتل المسلمين، وخيانته لقضية فلسطين وأهلها، ولديه علاقات ودّية مع كيان يهود وخاصة مع وجود سفارتها في أنقرة، وإقامة مراكز الدعارة وشواطئ العراة، والخلاصة أنّ أردوغان عميل لأمريكا وصديق لروسيا وكيان يهود وخائن للإسلام والمسلمين” ولانتمائه لحلف الناتو وعلاقته بروسيا، واتِّباعه “اللعبة الدولية”، لذا يعتبره الحزب وحكومتَه جزءاً من الأنظمة الكافرة” ([4])، كما يعتبر الحزب إيران دولة عنصرية فارسية توسّعية، وينتقد مشروعها الشيعي والمذهبي بشدّة، ويعتبر نظامها “نظام كفر” كذلك لعدم تحكيمه الإسلام الصحيح في رأيه. وبشكل عام؛ ينظر الحزب إلى القوى العالمية كما أجاب عنه أمير الحزب “عطاء أبو الرشتة”: ” إنّ الدول الكبرى في العالم اليوم تتنافس فيما بينها على سفك الدماء ظلماً وعنواناً، ونشر الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل، ولن يصلح أمر الناس إلَّا بأن تشرق الأرض بنور الخلافة من جديد، لتعيد الأمن والأمان ليس للمسلمين فحسب بل لكل من يصله ظلّها..” ([5]) ويرفض الحزب الاعتراف بدولة إسرائيل ويعتبر التطبيع العربي والإسلامي معها “جريمة كبرى” و”حرام شرعاً” ويدعو الجيوش الإسلامية للقضاء على ما تسمّيه “كيان اليهود” ([6])، وله موقف معادٍ تجاه منظمة التحرير الفلسطينية، ويقول في ذلك ” إن منظمة التحرير تقوم على أساس فكرة أن قضية فلسطين تخص الشعب الفلسطيني وحده، وتقوم بالتنازلات لكيان يهود منذ اتفاقية أوسلو، وإقامة دولة هزيلة على أقل من ربع مساحة فلسطين، فمنظمة التحرير نبتة خبيثة منذ اليوم الأول لها…جذورها خبيثة ونجسة ضاربة في الخيانة والتفريط، وأغصانها ممتدّة في التواطؤ وتسهيل تصفية القضية لصالح كيان يهود” ([7])

لم تحظَ مكاتب الحزب الموجودة في نحو 30 بلداً بالاعتراف القانوني إلّا في بريطانيا؛ حيث رخّصت الحكومة للحزب وسمحت له بالعمل السياسي في أراضيها، واستطاع عقد مؤتمر للخلافة في برمنغهام 2003 حضره أعداد كبيرة من أنصاره إثر تغلغله في أوساط المهاجرين من البلاد الإسلامية” ([8]).

يعتمد الحزب في نشر أفكاره على أتباعه من طلاب الجامعات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تبثّ محاضراتِ منظّريه وقادته وشيوخه.

  • الانتقادات الموجَّهة لحزب التحرير:

أصبحت الفتاوي الغريبة للحزب مثيرة للجدل لدى الحركات الإسلامية، مثل: إباحته لمصافحة وتقبيل المرأة الأجنبية، وإباحة الغناء، وتحريم اكتناز المال، وعدم إجازة تأجير الأرض للزراعة، وأنّ قضية التبرّج تعود للمجتمع، وجوازه لزواج المتعة. وهناك الكثير من الانتقادات الموجّهة للحزب حسب دراسات عديدة، منها: العداء للسامية ومناهضة الديمقراطية والرأسمالية بقوة، وكذلك توفير الحزب للتبريرات الفكرية والدينية للإرهابيين، وطلب الخلافة الإسلامية وأنّ الإسلام قد جاء لكل زمان ومكان. ويرفض الحزب الأعلام الوطنية ويتمسّك بالراية السوداء ذات الشعار الإسلامي.

القوى العَلمانية في تونس وبعد انتفاضة كانون الأول/2011 وصفت حزب التحرير بأنّه “جزء من الدولة الإسلامية (داعش) ولكنّه بدون سلاح” ودعت إلى التصدّي له ولمخاطره، معتبرةً الحزب لا يُعَدّ سوى “الذراع السياسية للتنظيمات السلفية”.

بينما يعدّه بعض المتطرّفين حزباً تنظيرياً يعطّل الجهاد لأنّه لا يدعو إلى الثورة والمجابهة المسلّحة مع الأنظمة، ويحرّفون العقيدة بعدم إيمانهم بالقضاء والقدر ويعاقبون المخالفين لآراء الحزب فكراً وعملاً ([9]).

  • الزعامات، الانتشار والانقسامات:

يقسّم الحزب العالم الإسلامي إلى ولايات يتولّاها “أمير الحزب”، وقد تعاقب على رئاسة الحزب ثلاثة فلسطينيين ([10]) حتى الآن، يحمل كلّ منهم لقب أمير، وإمارته تكون عالمية على جميع أفراد الحزب والمدة غير محدودة، ويشدّد الحزب على ضرورة الولاء المطلق لأميرهم؛ الأمر الذي تسبّب بطرد عدد من قادة الصف الثاني ذوي الطموحات السلطوية، فأسّس الشيخ عمر بكري محمد (سوري الجنسية) جماعة «المهاجرون» التي تضمّ في عضويتها بضعة آلاف من الشباب المقيمين في المملكة المتحدة وحالياً في لبنان، وذلك بعد فصله من قبل أمير الحزب من ولاية” بريطانيا عام 1996. كما تأسّست عام 1997، جماعة الإصلاح، من أعضاء الحزب الذين رفضوا عدم التدرّج في الوصول إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية، وكان نصيبهم الفصل أيضاً، وسُمّوا بـ «الناكثون». وشكّل جماعة من شباب الحزب تنظيماً حزبياً تقدّمياً جديداً في الولايات المتحدة، باسم «حزب التحرير – أميركا». وفي الوقت الحالي انقسم الحزب إلى ستّ تنظيمات؛ حيث يوجد الآن في فلسطين والأردن، «الناكثون» بزعامة «الشيخ أبو رامي». ويوجد المهاجرون في سوريا ولبنان. ويوجد حزبان في بريطانيا يحمل كل منهما اسم “حزب التحرير”. كما يوجد في الولايات المتحدة «حزب التحرير – أميركا». وتوجد المجموعة السادسة في شرق آسيا وماليزيا وإندونيسيا. وتأخذ هذه المجموعات الست على قيادة الحزب عدم تأقلمها مع المتغيّرات العالمية أو استيعاب متطلّبات القرن الحادي والعشرين وفهمها ([11]).

 

  • النشاط التنظيمي والدعوي للحزب في سوريا

ظهر نشاط حزب التحرير في سوريا أوائل خمسينات القرن الماضي، وذلك بعد فترة وجيزة من تأسيسه سعيًا لتوسيع نشاط الحزب الوليد، ودخل المؤسّس الشيخ تقيّ الدين النبهاني إلى دمشق لكن السلطات السورية اعتقلته ثم رحّلته إلى لبنان؛ وهو ما يعكس مبكّرًا حساسية الدولة السورية تجاه أي تنظيم سياسي إسلامي. استمرّ النشاط على شكل خلايا محدودة بين الطلبة والموظفين المتديّنين، الذين تأثّروا بمقولات ودعوات “النبهاني”، وبقي سرّيًا لعدم ترخيصه في مناخٍ سياسي مضطرب؛ حيث تعرّض منتسبوه لحملات ملاحقة أسفرت عن اعتقال 60 فرداً عام 1960، ومع ترسّخ حكم البعث واشتداد القبضة الأمنية، خصوصًا بعد صِدام النظام مع الإخوان مطلع الثمانينيات، على الرغم من أنّه لم يلاحظ مشاركته فيها، ظلّ حزب التحرير محظوراً ويعمل سرّاً ولم يذكر له نشاط حتى التسعينات ([12]) مع اعتقالات متفرّقة طالت الإسلاميين عموماً. ومن خريف 1999 وحتى 2001 شنّت أجهزة الأمن السورية حملة واسعة طالت المئات من أعضاء حزب التحرير ضمن موجة اعتقالات سياسية أوسع، وذلك نتيجة توزيعهم لمنشورات تنتقد سلوك النظام في التنازل لأمريكا وإسرائيل، وعقد السلام معها، والدعوة في منشوراتهم إلى إقامة دولة الخلافة وتغيير النظام السوري الذي يسعى للتطبيع مع “الصهاينة” وترك الأرض المحتلة لهم. تم الافراج عن بعضهم بمراسيم العفو ([13]) في كانون الأول 2003. إلّا أنّ الاعتقالات استمرّت، خاصة في مدينة حمص، حتى عام 2007 بمحاكمات عسكرية استثنائية لأعضاء الحزب، بلغت من /3-5/ أعوام ولم يسجّل تعرّض أحدهم لأحكام بالإعدام.

بسبب العمل السرّي، قلّما برزت أسماء علنية لقادة الحزب في سوريا. واستخدم الأسماء الحركية والتستّر على الأسماء الحقيقية، ولم يبرز اسم أمير الولاية ولكن أثناء تطوّر الأزمة السورية برز اسم المهندس “هشام البابا” رئيس المكتب الإعلامي فيها، وبرز قياديون آخرون من أعضاء المكتب الإعلامي مثل: أحمد إبراهيم عبد الوهاب، الذي حلّ محلّ “البابا” عام 2014، د. يوسف الحاج يوسف، عبدو منذر الدلي وناصر شيخ عبد الحي، عبد الحميد عبد الحميد عضوا لجنة الاتصالات المركزية للحزب في سوريا، وفي حلب برز محمد دباغ وغيره، و في ريفها برز المهندس علي عبد الرحمن والشيخ أبو مصعب الشامي، يامن خيال وأحمد أبو عبادة في ريف إدلب، وأحمد العبود وعامر علي السالم في ريف درعا ([14]) كما برز أيضاً: حازم النجار من مدينة حماة وحالياً يقيم في حلب، وأحمد عبد الوهاب أبو إبراهيم من إدلب. يدير المكتب الإعلامي في الشمال السوري (كلٌّ من) أحمد عثمان من إدلب، وعبد الرزاق المصري أبو النور (فلسطيني)، وأبو البراء جبالة ([15])، كما أنّ للحزب مفكرين ودعاة معروفين على مستوى العالم الإسلامي؛ مثل العالم الأردني عطوان بن صالح.

  • موقف حزب التحرير ممّا يسمّى بالربيع العربي

رحّب الحزب بالانتفاضات الشعبية التي شهدتها بعض الدول العربية، وانخرط بعض أتباعه فيها للترويج لمشروع الخلافة الذي ينادي به الحزب، ووجّه خطاباً عامّاً حذّر فيه ممّا سمّاه “تغلغل أذرع الدول الاستعمارية في الحركات واستغلال الأحداث لتمرير مشاريعها، وحذّرها من القبول بدولة مدنية، بل تبنِّي إقامة الخلافة للتخلّص من “حالة الذل” التي يعيشها العالم العربي والإسلامي”([16]).

مع اندلاع الثورة السورية في 2011 برز نشاط الحزب إعلاميًا وتنظيميًا تحت مسمّى “حزب التحرير- ولاية سوريا”، الذي استفاد من حالة الفراغ التي نشأت في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، فأنشأ خلايا ومجموعات متفرّقة، مع إصدار بيانات متتالية ترفض “الحلّ السياسي” بصيغته الدولية/الأممية وانتقاد مطالب الديمقراطية وبناء الدولة المدنية، وطرح إسقاط النظام وإقامة الخلافة كهدف صريح، حيث اعتبر نظام الأسد خائناً يتلاعب بالقضية الفلسطينية لنيل مكاسب تقوِّيه، وطالب الشعب السوري بتغييره وتسليم الحكم إلى المخلصين الذين يستطيعون إقامة “الخلافة الراشدة”، وذكر أنّ الحزب مستعدّ “لحمل هذه الأمانة وقيادة الأمة القيادة الرشيدة” ([17]).

كان موقف حزب التحرير ضبابياً من الحراك العسكري بين الفصائل والنظام، إلّا أنّ نشاطه أصبح أكثر علانية في محافظات إدلب وحلب والرقة، وفي المدن ذات الأغلبية السُّنّية الأخرى مثل دير الزور ودمشق وحمص؛ حيث كان ينظّم ندوات عامة ويوزّع مطبوعاته بشكل دوري كجريدة “الراية” ومجلة “الوعي” وخرج أتباعه في بعض المظاهرات، منها مسيرة في إدلب نيسان 2018 رُفعت فيها شعارات إعادة الخلافة في سوريا وتسليم الحزب قيادة الثورة سياسياً ” ([18])، وسط غياب ملحوظ لممثّليه عن المشهد السياسي والعسكري المعارض في الداخل والخارج، حيث لم يكن مرحَّباً به في مناطق سيطرة فصائل المعارضة أيضاً، وفي مناطق إدلب وريف حلب الشمالي تعرّض كوادر الحزب للاعتقال مراراً من قبل “هيئة تحرير الشام”- المعروف اختصاراً بـ”هتش”- في أيار 2023، واعتقال ناشطات أيضًا أواخر كانون الأول 2024. لم يبقَ للحزب ظهور علنيّ بعد وصول “هتش” للحكم في سوريا سوى بعض الفعاليات التي طالبت السلطة الجديدة بإطلاق سراح مؤيّديه الذين مازالوا معتقلين في سجون “هتش” بإدلب. كما تعرّض بعض قادة الحزب والناشطين إلى الاختطاف والاعتقال؛ فقد تم اختطاف المفكّر السياسي “الحاج أبو مالك” عام 2016 في الغوطة الشرقية، و “أحمد عياط، وعزام يوسف” عام 2017 في ريف حلب الشمالي، وجرت اعتقالات أيضاً على يد الفصائل المسلّحة بسبب مواقف الحزب؛ فقد قام فصيل صقور الشام باعتقال عدد من الشبان في ريف إدلب، ولرفض وجود حزب التحرير في المدينة قام المجلس العسكري في معرة النعمان باعتقال المهندسَين، مشير أبو اللبن ورضوان الخولي، عام 2018. “في 7/أيار/2023 شنّت قوى أمنية تابعة لـ”هتش” في ريفَي إدلب وحلب اعتقالات ومداهمات لملاحقة المنتسبين لـ”حزب التحرير” منهم القيادي البارز أحمد عبدالوهاب (رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا).

يتّهم حزب التحرير “هتش” بالخيانة، معتبراً أنّها رضخت للتفاهمات الأمريكية وأدخلت القوات التركية إلى إدلب وباتت ذراعاً لها، واغتصبت حقوق الناس وسعت لتقديم أوراق اعتمادها لدى الغرب، كما يصفها “أحمد عبد الوهاب” رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا” ([19]). ولم تكن علاقته ودّية مع تنظيم داعش؛ حيث رفض أمير الحزب إعلان الخلافة من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) وعدّ الدعوة لبيعة زعيمه “أبو بكر البغدادي” أميراً للمؤمنين بأنّها لا قيمة لها. من ناحية أخرى رفض داعش نشاط الحزب في مناطق سيطرته، كما أعدم بعض منتسبيه بتهمة الردّة في مدينة الباب أثناء فترة سيطرة التنظيم عليها ([20]) في تشرين الثاني/ 2014 قُتل عضو بارز في الحزب (مصطفى خيّال) في حلب على يد عناصر من “داعش” وفق تقارير إعلامية وبيانات للحزب.

ينتقد الحزب بشدّة سياسة جماعة الإخوان المسلمين في الوصول إلى السلطة بالتدرّج ومسايرة الديمقراطية والانتخابات البرلمانية ومن ثم فرض أيديولوجيتها على الدولة بعد السيطرة على السلطة، بينما حزب التحرير يعتبر هذا المنهج “غير شرعي” ويركّز على بناء دولة الخلافة بشكل مباشر؛ وهو ما يشير إلى تنافس في الوصول إلى قمّة هرم السلطة في البلدان التي ينشط فيها، وقد أوضح الحزب عقيدته السياسية في هذا الإطار في كتابَيه “مفاهيم حزب التحرير-السرّيّة في العمل السياسي” وكتاب “مفاهيم سياسية لحزب التحرير” ([21]).

 يعدّ حزب التحرير المسيحيين والإيزديين “أهل ذمّة” يتمتّعون بحماية الدولة وحقوقهم المدنية الكاملة، ولكنّهم ليسوا شركاء في السيادة والحكم ([22]). أمّا العَلمانيون والملحدون، فيعدّهم خارجين عن الإسلام، ويطبّق عليهم أحكام المرتدّين في دولة الخلافة، أمّا نظرتهم إلى المدارس والطرق الصوفية المختلفة، فلا يهاجمها بشكل مباشر في أدبيات الحزب الأساسية، لكنّه ينتقد بعض الممارسات الصوفية التي تتعارض مع منظوره الفكري أو السياسي، والمخالفة لمنهجه، وتعدّ بعض المعتقدات الصوفية “بدعة” أو مخالفة لفهم الإسلام.

بخصوص القضية الكردية؛ يرى الحزب أنّ الانتماء يجب أن يكون للإسلام فقط وليس للقومية أو العِرق، ويرى أنّ حلّ القضية الكردية – مثل القضايا السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي- يكمن في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية تحت مظلّة دولة الخلافة الإسلامية الموحّدة، التي تحرّم الظلم وتكفل الحقوق للجميع بغضّ النظر عن العِرق أو الأصل، والتي توحّد الانتماء للإيمان بها بين جميع الأعراق، كل ذلك تحت شعار “الإسلام يحلّ المشكلة الكردية”، ويدعو إلى حلّ القضية عبر العمل الفكري والسياسي لاستئناف الحياة الإسلامية بواسطة دولة الخلافة. يرى الحزب أنّ سبب تفاقم “المشكلة” هو مشاعر التمييز والظلم التي يعاني منها الكرد في بعض البلدان نتيجة لعدم تطبيق الإسلام، وأنّ الحلّ الجذري هو في العودة إلى النظام الإسلامي الذي يعامل جميع الرعايا بالتساوي بغضّ النظر عن أصولهم العرقية. بشكل عام؛ يصف الحزب المكوّنات غير العربية في الدول الإسلامية بالأقليات، ويعتبر مطالبتها بحقوقها على أنّها تآمر غربي، وفي ذلك يقول: “إنّ داء الانفصال بدأ يسري إلى أقاليم سكانها من المسلمين وذلك بدفع وتآمر من الغربيين. وذكر أنّ الحلّ الإسلامي الذي يقدّمه حزب التحرير هو منع الانفصال بكفّ يد الغرب الكافر عن ذلك؛ إذ إنّ نظام الإسلام هو نظام وحدة لا اتّحاد، ولا يوجد فيه مناطق حكم ذاتي، ولا قوانين مختلفة بين ولاياته، ولا يوجد أي نظام فيه تمييز بين ولاية وولاية، بل هو قائم على قاعدة العقيدة الإسلامية والأنظمة الشرعية المنبثقة عنها والتي تحقّق العدل للرعية دون أي تمييز” ([23]).

  • موقف حزب التحرير من سيطرة “هيئة تحرير الشام” على السلطة في دمشق.

كانت علاقة الحزب مع “هتش” تصادمية؛ حيث اتّهم الحزب “هتش” بخدمة المشروع الأمريكي، بينما تتّهم “هتش” الحزب بـ”العداء للثورة والعمالة لصالح نظام الأسد وروسيا وإيران ([24]) وشنّت حملة اعتقالات طالت/15/ من قياديّيه في دير حسّان بإدلب في أيار/2023. وانتقد هشام البابا (رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا سابقاً) تصرّفات حزب التحرير بأنّها متناقضة وغريبة، فيتّهم أحمد الشرع بالتنسيق مع أمريكا وتركيا، ولكن أمير الحزب نفسه (أبو الرشتة) متواجد في تركيا ولا يهاجم أردوغان مباشرة، والغريب أنّه يطالب (أحمد الشرع) أن يعطيه النصرة (أي أن يبايعه خليفة للمسلمين)، لذلك هو يجيّش شباب الحزب لسبّ وشتم ووصف أحمد الشرع بالعمالة على حد قول هشام البابا ([25]).

ينتقد الحزب على لسان أميره تصرّفات “الشرع”، في موقع الحزب ردّاً على سؤال، كتب (أمير الحزب) ما يلي:” من المؤلم حقاً أن تصبح سوريا الشام تحت نظام يحكمها بعيداً عن الإسلام”، ويقول عن الموقف من أحمد الشرع بأنه:” ساكت عن قصف مئات المنشآت العسكرية والأمنية العلمية لسوريا، من قبل (كيان يهود)”، كما يسمّيه، واحتلاله لأجزاء واسعة من الجولان السورية ([26]) ويرى الحزب أنّ النظام الجديد في سوريا “تابع لتركيا الدائرة في فلك أمريكا، ويرى أنّ مَن يبحث عن إرضاء الأخيرة والغرب بتطبيق النظام العَلماني ومحاربة الخلافة وأهلها، وإبقاء أنصار الحزب في سجونه فهو واهم، لذا يجب الحكم بما أنزل الله كما يجب ألّا يمزج الخير مع الشر وألّا يطبّق جزء من الإسلام وجزء من العَلمانية، إنّما الحكم بنظام الخلافة الراشدة دون تجزئة…”.

وينادي الحزب أعضائه:” لقد قدّمتم التضحيات لإقامة حكم الله في الأرض، الخلافة الراشدة، وليس لتغيير نظام عَلماني بآخر عَلماني، حتى وإن اختلف الاسم والمسمّى… أي تغيير نظام عَلماني بنظام آخر وضعي”، وينادي البيان الشباب لبذل الجهود

في “إحباط الحلول السياسية العَلمانية الفاسدة التي يريدها الكـفار المستـعمرون وعملاؤهم”.. ويدعو إلى “نصرة حزب التحرير لإقامة حكم الإسلام (الخلافة الراشدة)” ([27]) ويتّهم الحزب “حكومة الشرع” بأنّها لم تأتِ لتلبّي مطالب الناس، محذّراً من أي دستور وضعي على الهوى الغربي، فباعتقاده أنّ “العدل لا يتحقّق إلّا بتحكيم شرع الله، فشرع الله هو المقياس والميزان، ووجوب عدم الوقوع في فخ الانتظار والاستعانة بالمجتمع الدولي، ولا يزال يحذّر وينادي قادة الفصائل بأنّ ثوابت “ثورة الشام تجمعنا” حول: إسقاط النظام بكافة أشكاله، التحرّر من دول الكفر وإنهاء نفوذها، إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة ([28]).

ينتقد الحزب إجراءات حكومة الشرع بعد تسلّمه الحكم؛ فقد جاء في بيان صحفيّ للحزب تعليقاً على (مؤتمر السلم الأهلي) في دمشق:” بأنّها مقدّمة لتبرئة أزلام النظام البائد والتطبيع مع رموز القمع والإجرام، وهو استفزاز لأهالي الضحايا واستهانة بدماء شهدائهم، وهي تبريرات صريحة لمجرمي الحرب، متجاوزاً سجلّهم الدمويّ الحافل، ويعتبر هذا الصفح شراكة في الجريمة” ([29]). ورأى الحزب أنّه لن تنتهي المشكلات التي تتعاظم بإسقاط النظام البائد إلّا بتحقيق ثوابت الثورة، بحيث تكون مقدّمة للعدل والأمن والطمأنينة؛ وذلك لن يكون عبر نظام عَلماني يفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع الذي يريد الغرب فرضه، بل عبر نظام منبثق عن عقيدتهم بتطبيق أحكام الإسلام وتشريعاته. وكتب (ناصر شيخ عبد الحي) في جريدة “الراية” التابعة للحزب بتاريخ 3/أيلول/2025 عن اجتماع وزير الخارجية السوري مع الوفد الإسرائيلي في باريس بأنّه:” طعنة نجلاء في ظهر الثورة وناقوس خطر ينذر بما بعده”. ورأي الحزب إجمالاً هو عدم موافقته على سياسة حكومة “الشرع” وسيعمل تحت شعار: “إنّ ثورة الشام لم تنتهِ، بل هي مستمرّة”.

  • الخلاصة والنتائج:
  1. حزب التحرير الإسلامي ينشط في سوريا كجزء من نشاطه العالمي، ولا تزال أيديولوجيته مرفوضة من قبل معظم القوى السورية؛ لذلك يعمل بشكل سرّي، ويروّج لمشروع “الخلافة” عبر الدعاية الحزبية وطلب النصرة لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، ويروّج لذلك عبر إقامة الندوات السرّية وحلقات تثقيف إسلامية (صغيرة ومغلقة)، والاندساس في التظاهرات برفع شعاراته ورايته، وتوزيع المنشورات والبيانات على أبواب الجوامع، ونشر الكتيّبات واستخدام الأنترنت، وحتى كتابة شعاراته على الحيطان التي تمجّد الخلافة؛ مثل “الخلافة وعدٌ وحقٌّ وفرض، الخلافة هي القوة القادمة”. كما ينكر الغرب والعَلمانية؛ كأقوالهم: “الديمقراطية نظام كفر، العَلمانية فشلت، الغرب في طريق الانحدار”.
  2. لا يملك الحزب جناحاً عسكرياً أو ميليشيات مسلّحة، ولم تُسجَّل أيّة مشاركة لأعضائه في أي قتال.
  3. تتركّز الحاضنة الشعبية للحزب في مناطق ريف حلب الغربي وإدلب وريفها وريف حماة الشمالي، دون وجود علنيّ أو سيطرة على الأرض، ويعتمد في استمراريته على شبكة من الأنصار الذين ينشرون أفكاره؛ ممّا يوضّح أن نشاط الحزب يبدو كصوت ناقد لكل الأطراف وداعية لمشروعه الخاص.
  4. فشل الحزب في تقديم حلّ عمليّ وفعّال لأزمة سوريا؛ حيث ظلّ مشروعه الطوباوي العابر للدول بعيداً عن تعقيدات الواقع السوريّ الطائفيّ والإثنيّ والقَبَليّ، وبعيدًا كذلك عن الإرادة الدولية والإقليمية المسيطرة.
  5. تعرّض الحزب للقمع من جميع الأطراف: النظام، والفصائل الإسلامية المنافسة، والقوى الدولية التي تعدّه تيّاراً متطرّفاً. ونتيجة جموده العقائدي وعدم مراجعةٍ لإطاره الفكري، وعدم مسايرته للتطوّرات، ونتيجة الطبيعة الفردية الاستبدادية لقيادة الحزب وعدم قبوله اقتراح “القيادة الجماعية” فقد تعرّض لانشقاقات عديدة في كيانه.
  6. إنّ مشروع الحزب حبيس الأيديولوجيا، والبعيد عن واقع المجتمع واحتياجاته، والذي لا يهتمّ بالتنوّع العرقي والديني، ولا يقوم بمراجعة واقعية أفكاره وإمكانية تطبيقها؛ يبقى عاجزاً عن اختراق الواقع – بعيداً عن الشعارات- أو تقديم إجابات عملية لمعضلات الحكم والمواطنة في مجتمع متنوّع مثل سوريا.
  7. يظلّ الحزب جزءاً من المشكلة الأيديولوجية المعقّدة التي تعاني منها الساحة السورية؛ حيث تتصارع مشاريع متعدّدة، كلٌّ منها يدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة ويرفض الآخر جذرياً.
  8. ينظر الحزب إلى القضايا السياسية في المنطقة بمنطق المتعالي، مستنداً إلى نظرته “المثالية” إذ لا يمكن تصنيف الحزب بين “الجهاديّين” ولا “الناشطين الإصلاحيّين” ولا ” العَلمانيّين”، وهو يسبح في تيّار خاصّ به ضمن نخبة طغت عليه منذ تأسيسه، معتمداً على الأنشطة التثقيفية الإسلامية المتشدّدة الفريدة؛ وهو ما يحدّ من انتشاره وتوسّعه.

[1] الخطاب الذي ألقاه مندوبو الحزب في مؤتمر رابطة الطلبة المسلمين المنعقد في ولاية ميسوري بأمريكا في كانون الأول عام 1989 يمكن قراءة هذا الخطاب على الرابط:

https://www.cia.gov/library/abbottabad-compound/40/40F7094631ACBF1229F637587772E9A6_مَنْهَج_حزب_التحرير_في_التغيير.pdf

[2] *الحاج أمين الحسيني: الحاج محمد أمين الحسيني أو المفتي (1895-1974) ولد في القدس وأكمل دراسته في دار الدعوة والإرشاد بمص، التحق بالكلية الحربية بإسطنبول، ليلتحق بالجيش العثماني وثم يدخل في صفوف الثورة العربية الكبرى، أعتقل عام/1920/ لكنه فر إلى الأردن، تولى منصب المفتي العام للقدس بعد وفاة أخيه كامل، ترأس المجلس الإسلامي الأعلى الذي شكله/1921/، بعد فشل ثورة القسام/1936/ أنشأ اللجنة العربية العليا، كان مطلوباً من المندوب السامي البريطاني ففر إلى لبنان حيث اعتقلته السلطات الفرنسية، وهرب من السجن إلى بغداد/1939-1941/ وثم إلى برلين/1941-1945/ وتوفي في بيروت/1974/ وحضر جنازته ياسر عرفات.(ويكيبيديا- ar.wikipedia.org)

[3] عرابي عبد الحي عرابي (حزب التحرير في سورية تجربة التاريخ والحاضر) – دراسة- موقع جسور- 31/آب /2018- www.jusoor.co

[4] سعيد عدنان من اليمن- (أردوغان عميل لأمريكا وخائن للإسلام والمسلمين وعلماني من الطراز الأول) مجلة الوعي – العدد/429- أيار/2022- حزب التحرير- hizb-tahrir.info

[5] عطاء خليل أبو الرشتة- أسئلة وأجوبة ج.14- 26/ك 1/ديسمبر/2022) – موقع حزب التحرير الرسمي على الإنترنت – HIZB-UT- AHRIR.

[6] د. موسى كيلاني؛ حزب التحرير الإسلامي/62سنة من الخلافات و”التشرد” الفكري والسياسي- صحيفة الشرق الأوسط-13/أيار مايو/2014- http://aawst.com

[7] م. باهر صالح – (منظمة التحرير نبتة خبيثة وأداة للتفريط منذ نشأتها) جريدة الراية- 19/6/2024 hizb-tahrir.info

[8] د. موسى كيلاني؛ حزب التحرير الإسلامي/62سنة من الخلافات و”التشرد” الفكري والسياسي- صحيفة الشرق الأوسط-13/أيار مايو/2014- http://aawst.com

[9] نفس المرجع السابق.

[10] المؤسس الشيخ تقي الدين النبهاني/من التأسيس1953-وفاته1977/، والشيخ عبد القديم زلوم 1977-2003 والذي تنحى وهو في الثمانين، والمهندس عطا أبو الرشتة من 2003- للآن وهو الأمير الحالي للحزب…

[11] حزب التحرير الإسلامي وهم “الخلافة الإسلامية”) نافذة حوار بإدارة (عبد الرحيم علي) بوابة الحركات الإسلامية- 11/ ديسمبر/2020- www.islamist-movements.com

[12] مجلة الوعي – حزب التحرير في الذكرى التاسعة والثمانين لهدم الخلافة- المؤتمر الإعلامي المركزي العالمي- بيروت- (موقف الحزب من القضايا الدولية والإقليمية الساخنة) – العدد/ 282-283/ تموز وآب/2010

[13] اللجنة السورية لحقوق الإنسان- قائمة معتقلين من حزب التحرير الإسلامي  8/1/2004shrc.org

[14] عرابي عبد الحي عرابي (حزب التحرير في سورية – تجربة التاريخ والحاضر) – دراسة- موقع جسور- أيلول/ سبتمبر/2018- www.jusoor.co

[15] حزب التحرير السوري- وسط للبحوث والدراسات- 10/أيلول/2025 wassatsy.org

[16] عرابي عبد الحي عرابي (حزب التحرير في سورية – تجربة التاريخ والحاضر) – دراسة- موقع جسور- أيلول/ سبتمبر/2018- www.jusoor.co

[17] نفس المرجع السابق.

[18] أحمد الصوراني (حزب التحرير ينادي بإعادة الخلافة من ادلب..) – نون بوست- noonpost.com/ 27نيسان/2018

[19] شبكة شام –أخبار سوريا-  7/أيار/2023   shaam.org

[20] عرابي عبد الحي عرابي (حزب التحرير في سورية – تجربة التاريخ والحاضر) – دراسة- موقع جسور- أيلول/ سبتمبر/2018- www.jusoor.co

[21] يمكن قراءة الكتاب على الرابط:

https://hizb.net/wp-content/uploads/2018/09/mfahimsys.pdf

[22] بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ج103) للعالم الجليل تقي الدين النبهاني رحمه الله- مشروع الدستور- أحكام عامة- أهل الذمة-  13/نيسان/2018أ صفحة حزب التحرير- hizb-tahrir.info

[23] مجلة الوعي – حزب التحرير في الذكرى التاسعة والثمانين لهدم الخلافة- المؤتمر الإعلامي المركزي العالمي- بيروت- (موقف الحزب من القضايا الدولية والإقليمية الساخنة) – العدد/ 282-283/ تموز وآب/2010

[24] بالقوة هذه المرة… لماذا تسعى “تحرير الشام” إلى إنهاء “حزب التحرير”– مقال نشر في موقع تلفزيون سوريا- 9/5/2023 www. Syria.tv Google

[25] بسام ناصر (لماذا “تحرير الشام” تضيق ب “حزب التحرير” وتشن حملات أمنية ضده – 2/ك2/ 2025. عربي21 arabi21.com

[26] أمير حزب التحرير (نداء إلى المسلمين بعامة، وإلى أهل الشام بخاصة) 21/12/2024) HIZBUT- AHRIR

[27] نفس المرجع السابق.

[28] بيان صحفي لمكتب حزب التحرير- ولاية سوريا- رقم ال إصدار1446/20 11/6/2025 نشره موقع الحزب بتاريخ 13/6/2025؛ hizb-tahrir.info

[29] بيان الحزب “أيها المسلمون في سوريا: كونوا مثالاً للتغيير الذي يعم المنطقة بإقامة الخلافة الراشدة.” https: // bit. lyL2lD1fRz

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush
amavi5d sesetoto situs slot Toto Slot Situs Slot sontogel idrtoto akuntoto situs slot slot gacor babe138 slot login slot deposit pulsa tanpa potongan toto slot situs toto toto togel https://id.desapujonkidul.net/ toto togel toto togel toto slot situs gacor toto slot toto slot toto slot gaib4d situs toto slot gacor situs toto sontogel hantutogel sontogel slot deposit 1000 gaib4d okewin paten188 okewin mayorbet kiostoto angker4d mayorqq situs toto toto situs togel slot gacor toto slot toto sbctoto toto slot rp888 togel slot https://toto228.com dentoto toto toto login roma77 tribun62 RP888 rp888 TOTO SLOT MAXWIN288 SLOT HMSLOT99 slot deposit 1000 slot777 roma link login monk4d hoki99 traveltoto slot deposit pulsa tri https://www.lastchancetattoolv.com/about-us SBCTOTO DAFTAR joker123 TOTO SLOT hoki99 toto toto togel online slot pulsa kientoto naruto88 babeh188 interwin toto titi4d titi4d situs toto titi4d 8KUDA4D 8KUDA4D 8kuda4d 8kuda4d 8kuda4d situs toto situs toto petir135 situs toto situs toto kientoto situs toto situs toto situs toto situs toto server Thailand mulantogel city4d slot maxwin bwo99 slot jepang slot gacor 2025 juara288 situs slot citratoto https://dinarspus.purbalinggakab.go.id/ dana100 NIX77 toto slot pewe4d XYZ388 deposit pulsa situs slot slot toto satria123 toto slot situs toto toto toto toto slot hk4d kepo66 slot naruto888 naruto888 leon188 Wikatogel toto https://tanuwedsmanu.com/ toto slot togel online toto slot toto slot toto toto agendunia55