الخلافات  الإيرانية الإماراتية وقضية احتلال الجزر

 

لا زالت الخلافات الإيرانية الإماراتية مستمرة بين الجانبين منذ إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971م حتى الوقت الحاضر رغم الدعوات والمساعي المستمرة

من قبل دولة الإمارات لحل الخلاف سلميا عبر مفاوضات ثنائية مباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية فالقضية وطنية وتتعلق بجزء من أراضي الامارات وهي ملك شعب الامارات وينبغي حله عبر الأمم المتحدة والجمعية العمومية أو محكمة العدل الدولية ليكون حلاً مستداما لا يتعلق بالأنظمة السياسية الحاكمة والمتغيرة من حين إلى اخر كما صرح رئيس دولة الامارات الشيخ زايد رحمه الله إنّ الجزر هي ملك الشعب وليست ملكاً للعائلة ، وبدأ الاحتلال الايراني للجزر عشية انسحاب بريطانيا من الإمارات وقبل يومين من إعلان استقلال وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة .فمن الناحية القانونية والرسمية تعد بريطانيا هي المسؤولة عن حماية الجزر الإماراتية وانتهزت إيران فرصة الانسحاب البريطاني وقامت بالانقضاض على الجزر الاماراتية  وهي طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى وكانت طنب الكبرى وطنب الصغرى تابعة لإمارة رأس الخيمة التي رفضت بيع أو تأجير الجزيرتين لإيران عبر الوسيط البريطاني بينما وافقت إمارة الشارقة على اقتسام جزيرة أبو موسى مع ايران .

وتعد هذه الجزر الثلاث بالغة الأهمية من الناحية الإستراتيجية والاقتصادية والعسكرية فهي تقع في مدخل مضيق هرمز أو مضيق باب السلام ويمر الطريق البحري للناقلات بجانبه محملة بأكثر من 40بالمئة من الإنتاج العالمي من النفط كما تعد محطة للبواخر أثناء العواصف وارتفاع الأمواج لأنها عميقة وتصلح لرسو البواخر وتعد جزيرة طنب الصغرى مثلثة الشكل التي تبعد عن  جزيرة طنب الكبرى حوالي 8 أميال وطولها ميل واحد وعرضها ثلاثة أرباع الميل أما جزيرة طنب الكبرى فمساحتها حوالي 9كليومتر مربع وتبعد عن إمارة رأس الخيمة 75كم وأقامت القوات البريطانية عبر مندوبها برسي كوكس ببناء فنار بحري لإرشاد السفن فيها

أما جزيرة أبو موسى وتقع على بعد 160كم من مضيق هرمز وعلى بعد 60كم من الشارقة و75كم من ساحل إيران ومساحتها حوالي 25كم مربع، وهي تحتوي على منابع للمياه العذبة كما يوجد النفط على مقربة منها وهي غنية بأكسيد الحديد الاحمر مثل الجزيرتين المذكورتين سابقا ولها أهمية استراتيجية وعسكرية استغلتها إيران لأغراض عسكرية بإقامة منصات للصواريخ فمن يهيمن على الجزر يتحكم بحركة الملاحة البحرية في الخليج ولذلك جنحت إيران إلى التعنت  والتشبث بهذه الجزر رغم الدعوات الموضوعية للحل الذي تدعو إليه دولة الإمارات كما لا ترغب الولايات المتحدة للتدخل لحل النزاع وترغب أن يكون الحل سلميا عبر التفاوض بموجب ميثاق الامم المتحدة والاعراف الدولية وكذلك معظم الدول في الاتحاد الاوربي تساند دولة الامارات ودعواتها للحلول السلمية. وتحظى دولة الامارات بمساندة كل الدول العربية من أجل استرجاع جزرها إلى حضن الوطن وقد أكدت جامعة الدول العربية مراراً عبر بيانتها على حق دولة الإمارات في الجزر الثلاث المذكورة وتساندها كذلك مجلس التعاون الخليجي وأبرزها المملكة العربية السعودية . وحاولت بعض الدول العربية للتوسط بين إيران ودولة الإمارات وجرت لقاءات عديدة بين ممثلي الإمارات وإيران لكن كان مصير كل المفاوضات الفشل الذريع بحجة لو عادت الجزر سوف تكون تحت الوصاية الاوربية او الامريكية أو كما تسميها الدول الامبريالية . في عام 1992 م أكملت إيران احتلالها لجزيرة أبو موسى بما فيها القسم التابع لإمارة الشارقة وطردت القسم ألباقي من السكان ومنعت السفينة أو الطراد الذي يصل اسبوعيا من إمارة الشارقة إلى جزيرة أبو موسى . والتشدد والتعنت الايراني بلغ مدى في عهد الثورة الاسلامية في ايران منذ تولي الإمام الخميني السلطة وقد تم إبلاغ دولة الإمارات أن قضية الجزر هي مسألة غير قابلة للتفاوض والنقاش. ورغم ذلك لم تتوقف دولة الإمارات بمطالبتها ودعواتها من أجل استعادة الجزر إلى حضن الوطن عبر جلسات الأمم المتحدة ومجلس الامن وهي دائماً مطروحة على جدول أعمالها .ورغم ذلك لم تقطع دولة الإمارات علاقاتها مع إيران وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين إلى مدى 7 مليار دولار سنويا وتتجاهل إيران بتعمد الدعوات السلمية الاماراتية ممعنة في سياسة فرض الأمر الواقع وربما من المتوقع أن تقوم إيران بجلب السكان الإيرانيين وتوطينهم في الجزر الثلاث المذكورة كما تفعل تركيا في الشمال السوري وتحقيق التغيير الديموغرافي، ويبقى حل قضية الجزر عالقة دون حل ومرهون بالتغيرات الدولية والاقليمية كما هو مرهون بالوضع الداخلي الإيراني وحدوث تغيرات جذرية داخلية وتغيير في بنية السلطة السياسية الدينية الإيرانية والتوجه إلى تحقيق استقرار مستدام لكل الشعوب على ضفتي الخليج بما فيه مصالح الجانبين الإماراتي والإيراني .

زر الذهاب إلى الأعلى