أردوغان واستهداف المرأة الكردستانية الحرة

روزالين بكر

مع تولي حكومة “AKP” سدة الحكم في تركيا عام 2002 بدأت الحركات الإسلامية تتوسع في البلاد وأصبح لها مع  مرور الزمن  تأثير قوي على القرارات ضمن حكومة “AKP”، مما أدى إلى بروز حكومة تركيا الحالية في مقدمة الحكومات والدول التي تسلب حقوق المرأة ضمن المجتمع  ككل حيث انتشر في الداخل التركي منطق أن المرأة لها المنزل والرجل عليه العمل لإغلاق الباب أمامها ومنعها من ممارسة حقوقها السياسية والاجتماعية داخل وخارج البلاد، وقد ظهر ذلك جليا في انسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول التي تم توقيعها في عام2011م بين عدة دول وبعض الجهات الأممية الأوربية (47 دولة ) وجهات أخرى مثل المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والتي تنص على مكافحة العنف ضد المرأة و منع العنف المنزلي.

وما يؤرق أردوغان وحكومته تلك المرأة التي تستمد أفكارها من المفكر عبدالله أوجلان الذي أولى اهتماماً كبيراً بقضية تحرر المرأة وسرعان ما تأثرت الحركات والأحزاب والشخصيات الديمقراطية بالمنطقة بالتوجه النسوي ضمن حركة حرية المرأة  الكردستانية التي تناضل في سبيل تحقق المساواة في المجتمع وترسيخ مبدأ نظام الإدارة المشتركة في إدارة مؤسسات المجتمع وكانت بداية تطبيق هذا النظام إدارياً في باكور كردستان في انتخابات عام 2015م الأمر الذي عد نقطة فاصلة بالنسبة للمرأة المناضلة ضمن  صفوف حزب الشعوب الديمقراطي ” HDP ” اللواتي دخلن البرلمان بانتخابات ديمقراطية بالتشاركية النصفية بين المرأة والرجل وكان المشهد البرلماني التركي لافتاً  للنظر آنذاك من حيث وجود عدد النساء فيه الأمر الذي أثار حفيظة حزب “AKP” ومن خلفه جميع الحركات الإسلامية المعادية لمشاركة المرأة بهذا الزخم  في أماكن صنع القرار آخذين  بعين الأعتبار مخاوفهم من أيديولوجية المرأة الحرة المستندة إلى حركة حرية المرأة الكردستانية.

لذا انتهج أردوغان استراتيجية قائمة على استهداف المرأة الكردية الثورية داخل وخارج البلاد ففي الداخل قام بملاحقة أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي ومن بينها المرأة حيث تم زجها في السجون عبر سلسلة من الاعتقالات الواسعة لبرلماني الحزب كي يتسنى لأردوغان وحزبه اتخاذ القرارات واحتكار السلطة مع حليفهم القومي دولت بخشلي الأمر الذي أثار ردة فعل المرأة في الحزب لتبدأ حملة بأسم البطون الخاوية في السجون التركية وبقيادة ليلى كوفن و300 شخص من رفاقها ورفيقاتها في الحزب والتي استمرت لعدة أشهر وبمشاركة كردستانية واسعة.

أما في الخارج فقد اعتمد أردوغان استراتيجية الانتقاء القائمة على الاستهدافات والاحتلال المباشر كأداة لكسر إرادة المرأة الثورية في شمال وشرق سوريا التي حاربت أعتى التنظيمات الإرهابية، وتقف بكل جرأة  في الوقت الحالي  بوجه مرتزقة ودولة الاحتلال التركي بإرادة صلبة ومقاومة منقطعة النظير رغم الاستهدافات المتكررة عن طريق الطائرات المسيرة على القيادات السياسية والعسكرية ومنها استهداف القيادية في وحدات حماية المرأة سوسن بيرهات وعضوي مؤتمر ستار هبون ملا خليل وزهرة بركل، قائدة وحدات مكافحة الإرهاب، جيان تولهلدان، والقيادية في وحدات حماية المرأة روج خابور والمقاتلة في وحدات مكافحة الإرهاب بارين بوتان وغيرهن العديد من القياديات اللواتي كان لهن دور بارز في قيادة المعارك العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي.

فحزب العدالة والتنمية و أردوغان يخشى من المرأة الكردستانية الحرة  كونها تتحلى بإرادة كبيرة وقادرة على فعل كل شيء في سبيل تحقيق هدفها والمتمثل بتحرير مجتمعها من الظلم والاستبداد والإرهاب، ونرى ذلك في تضحية وتفاني أرين ميركان وافستا خابور وغيرهن من المناضلات اللواتي رفضن الخنوع والذل للقوى الظلامية والاحتلالية الراغبة في استعباد المرأة  والمجتمع الكردي، لذا نرى دولة الاحتلال التركي تقوم في الداخل والخارج باستهداف المرأة الثورية التي تناضل من أجل حرية مجتمعها وذلك عبر تشويه مقاومتها ونضالها، وما يثير  امتعاض دولة الاحتلال التركي أكثر الإشادات التي تلقتها المرأة في شمال وشرق سوريا من قبل المجتمع الدولي والدول الغربية تقديراً لجهودها في الوقوف في وجه تنظيم داعش الإرهابي، هذا وقد استقبل الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند القيادية نسرين عبدالله في قصر الأليزيه بزيها العسكري.

يبدو أن دولة الاحتلال التركي ستواصل وبشكل مكثف استهداف المرأة ذات الفكر الثوري والتي تمتلك تأثيراً كبيراً في المجتمع وفي مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية  والاجتماعية كونها أصبحت مثالاً يحتذى بها في العالم، وغدت محل احترام وتقدير كبيرين من قبل مختلف مكونات المنطقة التي تستمد منها  القوة الفكرية والمعنوية للانخراط في طريق تحرر المرأة وهو السبيل الوحيد لخلاص المجتمع من الأنظمة المستبدة المبنية على الذهنية الذكورية .

زر الذهاب إلى الأعلى