العراق وتركيا انفتاح وآمال

قام رئيس وزراء العراق  محمد شياع السوداني بزيارة إلى تركيا في الحادي والعشرين من آذار الجاري استغرقت يومين تم خلالها مناقشة قضايا سيادية مهمة وهي زيارة فريدة من نوعها ربما تعد الأولى له بعد توليه السلطة في العراق، وسط استقبال تركي رسمي له. وعقد الجانبان مؤتمراً صحفياً وناقشا معظم الملفات الهامة للجانبين التركي والعراقي، وعقد الجانبين جلسة ثنائية بعد مراسم رسمية في القصر الرئاسي في انقرة، وأكد الجانبين على أهمية تطوير العلاقات بين الحكومتين في كل المجالات والتعاون في قضايا الحدود والامن وتعزيز التعاون في مجالات المياه والطاقة والتجارة والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ونشاط حزب العمال الكردستاني وإعادة اعمار العراق كما جرت جلسة لوفدي البلدين ناقشا خلالها الكثير من الموضوعات التي تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين ثم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم والتعاون بين البلدين.

 من المعروف أن أهم ملف لدى العراق هو ملف المياه ، لأن العراق يعاني منذ سنوات كما هو الأمر في سوريا أيضا، من نقص في منسوب مياه نهر دجلة والفرات مما ألحق أضراراً جسيمة بالاقتصاد والزراعة وتعطيل كافة المشاريع التنموية ذات الصلة والحاجة الماسة إلى المياه ،وعبر الشياع عن رغبة بلاده في الحصول على حصته من المياه وفق القوانين الدولية المبرمة ، خاصة وأن تركيا بنت العشرات من السدود المائية الضخمة على نهري دجلة والفرات ، مستغلة الأوضاع الهشة في العراق منذ 2003عام وما بعدها ، كما أن إيران قطعت مياه أكثر من أربعين رافداً يدخل الأراضي العراقية مما هدد العراق ليس فقط بقلة المياه وإنما الجفاف الذي يصيب أراضيها  ونستطيع القول أنه نجح في مساعيه فيما يتعلق بملف  المياه فقد أعلن أردوغان أنه على علم بما يعانيه العراق وأرجع ذلك إلى قلة تساقط الأمطار وأنه سوف يطلق مياه نهر دجلة لمدة شهر ليستعيد العراق مخزونه وتنشيط زراعته ، والغالب أن هذا الإجراء سيكون لاختبار عمل حكومة محمد شياع السوداني ، حيال تعاونه مع تركيا في قضايا الحدود والأمن ضد حزب العمال الكردستاني . كما عبر الشياع عن تفاؤله من التطورات الايجابية في منطقة الشرق الأوسط على صعيد التعاون بين دوله وفق المتغيرات الدولية والإقليمية الجديدة ،الذي ينحو نحو الحوار المتعقل والبناء لتحقيق مصالح جميع الشعوب ، كما وأن رئيس الوزراء العراقي كان يحمل بين ملفاته مشاريع اقتصادية تهم المنطقة ككل بما فيها تركيا خصوصاً في الجانب الاقتصادي وتحويل العراق إلى مركز للتجارة العالمية ، بين آسيا وأوروبا من خلال مشروع ميناء الفاو الكبير وبناء خطوط نقل برية وسكك حديدية تصل تركيا وتربطها بالخليج عبر العراق كما وأن هذا المشروع تستفيد منه ايران وكل الدول المجاورة مما يتيح المجال الوصول إلى ميناء مرسين وأوروبا عبر اسطنبول مما يحقق شراكة كاملة مع تركيا ،علما أن الميزان التجاري العراقي وصل مع تركيا العام الماضي إلى نحو 20 مليار دولار تتمثل في ورادات تركيا من مختلف المواد . وقدمت تركيا الشكر للعراق لمساندة تركيا أثناء كارثة الزلزال ووقفة العراق مع ضحايا الزلزال والشعب التركي في محنته ،ومن المفيد الإشارة إلى أن توقيت زيارة رئيس وزراء العراق إلى تركيا كان مناسبا ، في ظل ظروف الاتفاقيات الإيرانية والسعودية وتقاربهما ، والحراك العربي ونشاطه بالتوجه إلى دمشق تمهيداُ للعودة إلى المحيط العربي وجامعة الدول العربية ، وزيارة وزير خارجية مصر سامح شكري إلى كل من تركيا وسوريا والتقارب حول الملف الليبي والحدود البحرية في المتوسط ، والمرجح أن ذلك يندرج في إطار تكوين علاقات دولية وإقليمية جديدة.

 ويبقى القول كيف هو موقف إقليم كردستان من كل هذه التطورات والمتغيرات الجديدة ، وموقف القوى والأحزاب الكردية في كل من شمال وشرق سوريا وباشور كردستان وأحزاب روجهلات كردستان وباكور كردستان  من هذه المتغيرات، لأنه ومع المعطيات الدولية والإقليمية يجب أن تتغير مواقف هذه الأحزاب وفق ما تقتضيه مصالح الشعب الكردي وفي هذه الأجزاء المذكورة، وكيف عليها التكيف مع المعطيات والظروف الجديدة، بما فيها الإدارة الذاتية ومكوناتها ، يجب أخذ الحيطة والحذر وتقدير الموقف جيدا .

زر الذهاب إلى الأعلى