المرأة وأبرز المعوقات التي تواجهها

المرأة وأبرز المعوقات التي تواجهها

 

المرأة لها دور تاريخي كبير في المجتمع وهي منذ بداية البشرية قامت بقيادة المجتمعات ووضعت القوانين لها وكانت تلك المجتمعات ناجحة وكما أثبتت المرأة نفسها في مجالات مختلفة فالمرأة طورت بناء شخصيتها من خلال مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية وأصبح لها دور كبير وعضو أساسي في المجتمع واستطاعت أن تسبق الرجال في مجالات عديدة. فكون المرأة هي نصف المجتمع فلا يجب إلغاء دورها وتجميدها فهي أساسية في بناء المجتمع فيجب تعزيز دورها في المجتمع لذا فإن المرأة أدت دورها على كافة الأصعدة، فكانت الأم والزوجة و الأخت والإله والمقدس وغيرها من الأدوار وكانت دائما تلامس الحقيقة في عملها، بعكس الرجل الذي استغل مكانه في الحكم وبسط سيطرته “استغلال الرجل للمرأة كان على كل الأصعدة ولم يكتف بصعيد فقط، فإن كان لصالحه ومنفعته فإنه يمنحها دوراً فعالاً أحياناً وفي أحيانً أخرى استخدمها كمصدر للفن وأحياناً جعلها قيمة وطنية ورمزاً للشرف والكرامة، فقط لم يمنحها سلاحاً ووسيلة لحريتها ووعيها ومعرفتها ولم يفسح لها مجال العلم لتحقيق ذلك[1]وهذا استغلال مستمر في مجتمعنا لتعبيد المرأة وتذليلها من قبل الرجال من ذوي العقلية الذكورية فإن المجتمع السوري لا يخلو من تهميشٍ لدور المرأة فقد عانت المرأة عبر التاريخ الظلم والقهر واستعباد الرجل لها. وتجريدها من حقوقها. والمجتمع الكردي لم يكن بعيدا عن المجتمعات الأخرى فالمرأة في المجتمع السوري” يعيش في محيط شرقي منغلق، مرتبط جدا بالحالة الذكورية وهيمنة الرجل على مفاصل الحياة، ولكن المرأة الكردية بالعموم كانت تحظى بالتقدير والاحترام على الرغم من العنف والتسلط الأسري الذي ظهر بخاصة مع الديانات ورؤيتها للمرأة. ومن المعروف تاريخيًا أن المرأة الكردية تحتل منزلة مهمة في المجتمع الكردي، وتحتفظ بقدر من الحرية أوسع من المرأة في المجتمع العربي والتركي والفارسي[2]وحرمت من حقها في التعليم والعمل وغيرها من الحقوق فالمرأة حرمت من التعليم بعدم السماح لها بالتعليم .. وذلك بسبب الأفكار الدينية في المجتمع بمنع النساء في الحصول على حقهم في التعليم، أما في مجال عمل فكان تختص الأعمال المنزلية وتربية المواشي بعدم السماح لها بالعمل خارج  المنزل لأسباب كانت مرتبطة بالعادات والتقاليد المتخلفة. ولكن المرأة الكردية كان لها تأثير على المجتمع وإصرارها في امتلاك حريتها وكسر كل الحواجز التي اعترضت طريقها وأثبتت نفسها في عدة مجالات رغم الصعوبات التي واجهتها حيث أدت التغييرات التي طرأت على المجتمع بالسماح للمرأة بالتعليم. وذلك بجهودها ومحاربتها التخلف الذي فرض عليها من قبل المجتمع ومازالت بعض القيود مستمرة حتى في وقتنا

ومن هذه المعوقات التي تحد من مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية خاصة في الأزمة السورية:

إن المجتمع السوري من ضمن المجتمعات التي نالت حصتها من الإضرار و الحروب خلال الأزمة وغيرها من الأحداث فتميزت المرأة السورية عامة والكردية خاصة بتنمية المجتمع وبنائه ولكن إذ ما ألقينا نظرة على واقع المرأة في سورية سنجد الكثير من المعوقات التي تضعف قدرة المرأة السورية في المشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية وعدم قدرتها في الحصول مناصب تليق بها في القطاعات العامة والخاصة وذلك لعدة أسباب مما يؤثر على إمكانية المرأة في تنمية المجتمع. ومن تلك المعوقات التي تحد من خضوع المرأة في بناء المجتمع وخاصة من الناحية السياسية والاقتصادية:

ففي ظل هذه الأزمة التي مر بها الشعب السوري عامة والمرأة خاصة بظروف قاسية والتي ازدادت تعقيدا يوما بعد يوم مما أفقد الشعب السوري الكثير من ثقافته الاجتماعية والأخلاقية خلال الأزمة وكسبت عادات وتقاليد مختلفة عن أصولها و مكوناتها المعروفة من أفكار متطرفة و التي نشرت في سوريا على يد الجماعات الإرهابية فكان لها تأثيرات واضحة على المرأة فقد تعرضت لانتهاكات مختلفة من قتل و تعذيب و لحالات الاغتصاب وأصبحت أسيرة و تعرضت لانتهاكات جسدية واعتقالات قسرية كالإبادة الجماعية على يد الجماعات المتطرفة وكما فرض عليها قيود من قبل تنظيم داعش الذي انتهك حرية المرأة ومارس أبشع الانتهاكات بحقها لذا فإن المرأة عانت أكثر من الرجل خلال الأزمة المجردة من الأخلاق والتقاليد الاجتماعية السورية  فإن هذه الحرب حملت معها الكثير من التغيرات التي سببت التهجير القسري والنزوح الذي أدى إلى الفقر والجوع و انتشار الأمراض وغيرها من الأوجاع وإن ما زاد من معاناة المرأة أكثر هي المستوى المعيشي وتزايد نسبة البطالة وعدم قدرة المرأة في الحصول على العمل بسهولة لأنه يتم استغلالها مالياً و جسدياً وتقوم النساء بأعمال لا ترغب بها ولكن حاجة العيش تدفعها لذلك. ووفق إحصائيات الأمم المتحدة واجهت 82 في المائة من النساء تحديات من حيث النقل ووجود مرافق للأطفال، وواجهت 55 في المائة مشكلات متعلقة بانعدام الأمن بينما واجهت 43 في المائة تحديات متعلقة بظروف العمل، والالتزامات العائلية بنسبة 39 في المائة، والعادات الاجتماعية والثقافية بنسبة 30 في المائة. ومن ناحية أخرى، وفي ظل سيطرة الفصائل المسلحة على بعض مناطق إدلب مثلا وريفها يعتبر دور المرأة لاغيًا بشكل كامل في كل مفاصل الحياة، بحسب المرصد، وذلك بسبب الآيديولوجيا التي تفرضها الفصائل على المنطقة، حيث تصل نسبة البطالة لدى النساء في تلك المناطق إلى 95 في المائة تقريبا، ويبلغ أجر من يعملن في مجال الزراعة 3 دولارات على الأكثر يومياً، أما منظمات المجتمع المدني، فيكاد دورها يختفي في ظل سطوة الفصائل التي تفرض على المرأة قيوداً صارمة وتمنع أي نشاط نسائي يهدف إلى تحرر المرأة ومشاركتها في قيادة المجتمع.”[3]فإن الحرب فاقمت معاناة النساء في سوريا  فقط أصبحت الأم والأب في تأمين احتياجاتها وقوتها اليومي بسبب فقدانها معيل العائلة في الحرب ولذلك حرمت مرة أخرى من التعليم والعمل بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والحياتية و تزايد الاحتياجات الإنسانية داخل سوريا فلا يزال الكثير يواجهون صعوبات لتأمين احتياجاتهم الأساسية من الرعاية الصحية والتعليم وانقطاع المرأة عن التعليم في سن مبكرة.

وهناك تحديات أخرى واجهت المرأة خلال الأزمة “بإن المرأة مولعة بالجمال الشكلي استجابة لهذه السياط الثقافية ساعية في طريق بلا نهاية لتحقيق القبول الاجتماعي وفق معايير جمالية من صنع الرجل الذي يرغب في امتلاك ” الجمال الطاهر” وهو نموذج الجمال الشكلي المثالي بلا عيوب شكلية، صارف النظر عن “الروحانية الداخلية “. وهذا النموذج هو الذي تحول بتطور المجتمع الرأسمالي إلى أداة شمولية للسيطرة الاجتماعية لخداع واستغلال واستعباد المرأة”[4]. وبسبب انتشار وسائل الاتصال وغيرها من الوسائل واستعمالها بشكل غير صحيح زاد ارتباط المرأة بهذه الوسائل وبالمظاهر الفتانة وظهرت أنوثة المرأة من خلال  شهرتها بالجمال واستغلالها عن طريق الجمال المسمى “الجمال الاصطناعي” وسيطرت عليها من الناحية العقلية والفكرية و المبالغة في مظاهر الجمالية لحد الإدمان في ذلك وتحديد مقايس الجمال للمرأة لأجل أن تفقد المرأة العادية ثقتها بنفسها والاهتمام بآراء المجتمع في تحديد مقايس الجمال مما تجعل لهذه الوسائل وغيرها تنتصر على المرأة من خلال إظهار الجمال  مما يزيد من اهتمام المرأة بنفسها والتبرج بجمالها وبعدها عن السياسة والواقع الذي تعيشه، وهذه الصورة انتشرت بكثرة في مجتمعنا في الآونة الأخيرة ورغبة من النساء أنفسهن بعرض و ترويج لهذه الصور التي تضع المرأة في قوقعة صغيرة لا تتمكن من صنع أي انتاج لها. سوى الاهتمامات الجمالية التي تنشر معها العديد من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية وغيرها من الأمراض النفسية و العصبية مثلا ظهور ملكات الجمال في شمال شرق سوريا الظاهرة الأولى من نوعها والتي تلفت أنتباه  العديد من النساء بالمبالغة في إظهار الجمال وأدوات التجميل والترويج للألبسة الفاضحة غير اللائقة بالنساء الكرديات وبعدهن عن ثقافتهن و تقاليدهن الاجتماعية  والتمسك بعادات وتقليد الغرب في هذه الناحية وهذا أيضا بيد الرأسمالية “التي تنتج عبودية المرأة من جديد فمثلا مقاييس الجسد وملامح وتقاطيع الوجه والنظرات والأداء والميوعة المثالية وكل شيء يدخل نطاق الجمال والرشاقة ينتج ويصدر بقوالب مثالية متماثلة ولكل واحد ينتج موديل خاص بها “ممثلي الأفلام – ملكات الجمال – عارضات الأزياء – المغنيات – خبراء التجميل والازياء الفاضحة” بهذا تصنف النساء من جميلات أولاً حسب تلك المقاييس. الجميلات منهن يعرضن للعالم الذكوري ويستخدمن لغاياته”[5]. ومن هذه الغايات لأجل ترويج الملابس وأدوات التجميل كافة السلع وخاصة لأجل تحسين شكل المرأة من كثرة العمليات الجراحية “تجميلية” لجذبهن و خداعهن وهي ظاهرة متداولة بين الناس أجمع ليس فقط في شمال شرق سورية وذلك من خلال الإعلانات والممثلات والتأثر بهم وتقليدهم وكدعاية لهم فهذه الظاهرة تأتي معها الكثير من الأمراض على المجتمع إن كانت عن طريق الجسد مما نلاحظ الكثير من التشوهات من العمليات وأيضا تكوين جسد وملامح متشابهة مما يرضي المجتمع الذكوري وغيرها من الأمراض كالخوف من عدم نجاح العملية و بعدم تقبل نفسها في شكلها الطبيعي.

لذا فالرأسمالية تسعى للحصول على ما ترغب به وتُروج هذه المظاهر بشكل طبيعي وخاصة بعد تحرر المرأة من القيود الاقتصادية المالية مما تشكل لديها خوف من تحرر المرأة من خلال توجه المرأة الى ظاهرة جمالية وارتباطها اقتصادياً واعتبارها سلعة من السلع تباع وتشترى عن طريق الإعلانات والدعايات والصور واللافتات واستغلال النساء من هذه الناحية. فإن طبيعة النظام الرأسمالي يعتمد على استغلال الحلقة الأضعف من المجتمع و هذا يعرض المرأة لأقصى أشكال القمع والاستغلال بطريقة بشعة ووحشية وعلى اعتبار أن الرأسمالية ربحية ونظام السوق الحر لا يعطي مجالاً للمرأة لتحقيق ذاتها ديمقراطياً لذا تتعرض للاضطهاد من المجتمع وإبقاء المرأة سلعة في يدها لأجل الإنتاج.

اما سياسياً: فقد كانت المرأة تواجه تحديات من السنوات الماضية بمشاركتها في الساحة السياسية ومن هذه التحديات منها مرتبطة بالمجتمع  بأن السياسة خاصة بالرجال وبعدم قبول تواجد المرأة في الساحة السياسية وأيضا التحديات الفكرية والثقافية والدينية المذهبية التي ذكرت مسبقاً إلى جانب تصغير دور المرأة في السياسية و منع الأهالي من مشاركة بناتهم في العمل السياسي خوفاً عليهم في المستقبل و احتمالية اعتقال بناتهم بسبب السياسية مما يزيد عليهم من ضغط المجتمع وأقاويلها ولأن السجينة ينظرون إليها نظرة سيئة  وأيضاً شعورها بالنقص في خوض هذا المجال  مما فقدت ثقتها بنفسها وأضعفها على القدرة في الخوض بالمشاركة السياسية.”الأمر الآخر هو التحدي القانوني. فالمرأة لا يمكن أن تصل لمنصب الرئاسة في الكثير من الدول أو أن تمارس حقها في الانتخاب، وما إلى ذلك. هذا يعني أن دخول المرأة للساحة السياسية ليس بالأمر السهل، فهي تصارع كل هذه التحديات لحظة بلحظة. ولكن بالعموم المرأة الكردية لها حضورها في المجتمع وأثبتت المرأة دورها في الثورة السورية وخوضها المجال السياسي والعسكري معاً، مما أحدث تطوراً في مسيرة المرأة. والجدير بالذكر أن في منطقتنا وخلال السنوات الماضية، تم تجاوز هذه المصاعب إلى حد كبير ولم يتم ذلك بسهولة لذا قدمت الآلاف من الشابات التضحيات  ضمن وحدات حماية المرأة، وهي جزء من الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، في الحرب ضد داعش وكل أنواع الاٍرهاب، ومقاومتها العظيمة أثرت بشكل كبير في تغيير العقلية التقليدية التي كانت سائدة في مجتمعنا الكردي بشكل خاص وشعوب شمال سوريا بشكل عام. وهذا يعتبر مكسباً مهماً جداً وثورة اجتماعية كبيرة في المنطقة[6]

 

ختاماً هذا لا يعني بأن جميع النساء حصلن على الحرية فهناك بعض المناطق والأرياف التي مازالت المرأة تعاني من سيطرة الرجال وهيمنتهم، ولكن من خلال ما تحدثنا عن المرأة والعوائق التي تحد من خضوعها في مجالات الحياة فإن المرأة مازالت موضوعاً مهماً من حيث مشاركتها في صنع القرار فهي دوماً ضمن أولويات اهتمام الناشطين والحقوقيين وخاصة في الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة حراك سياسي. فالمرأة قدمت الكثير من التضحيات وأثبتن أنهن ناجحات وخاصة مما شوهد من تغيرات على المجتمع من التقاليد والأفكار عن المرأة فيجب تعزيز دورها من الناحية السياسية فإن مشاركة المرأة في صنع القرار لها دور مهم في تغييرات جذرية ليس فقط ضمن المجتمع بل على مستوى شمال شرق سوريا فالمرأة قادرة على أن تلعب هذا الدور وتحقق العدالة والمساواة معاً إلى جانب وعيها في بناء المجتمع.

 

[1] . المرأة وحقيقة الرموز المقدسة – بلشين تولهلدان

[2].https://syrian-sfss.org/wp-content/uploads/2019/10/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%94%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9-1.pdf

[3]. https://www.syriahr.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%82/424639/

[4]. https://www.dopdfwn.com/cacnretra/scgdfnya/pdf-books-org-C7XRM.pdf

[5]. المرأة وحقيقة الرموز المقدسة – بلشين تولهلدان

[6].https://syriadirect.org/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%84/?lang=ar

زر الذهاب إلى الأعلى