الديمقراطي الكردستاني والبحث عن تموضع سياسي جديد

الديمقراطي الكردستاني والبحث عن تموضع سياسي جديد

فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، حلفاءه قبل خصومه بخطوة استقالة كتلته من مجلس النواب العراقي، ليفتح الباب أمام تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يجمع القوى السياسية الموالية لإيران، ليصبح المكون الأغلبي داخل البرلمان. هذا ما دفع الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة السني إلى التزام الحذر في إبداء أي موقف من العملية السياسية في العراق.

خطوة الصدر هذه، أدخلت البلاد في مرحلة من السيناريوهات المتعددة، فوضعت الحزب الديمقراطي الكردستاني أمام حسابات معقدة، باحثاً عن إعادة تموضع سياسي من خلال التعامل مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وكذلك مع قوى “الإطار التنسيقي”.

في السابق، شكلَ الحزبان الكرديان صمام الأمان أو ما يعرف بعامل الاستقرار لأي خلاف سياسي في البلاد. أما الآن تجاوزت خلافاتهم السياسية نطاق الإقليم إلى كامل العراق من خلال التنازع على مرشح رئيس الجمهورية. حيث يطالب الحزب الديمقراطي بمنصب رئيس الجمهورية اعتماداً على عدد المقاعد النيابية في الانتخابات الأخيرة والتي بلغت 31 مقعداً مقابل 18 مقعد لحزب الاتحاد الوطني والذي يصر على أن منصب رئيس الجمهورية من حصته وذلك وفقاً لمبدأ تقاسم المناصب منذ 2003، (مناصب الإقليم للحزب الديمقراطي ورئاسة الجمهورية لحزب الاتحاد الوطني).

وبدوره، أصر الحزب الديمقراطي على مرشحه للرئاسة أي وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد، وفي المقابل تمسك حزب الاتحاد الوطني بالتجديد للرئيس الحالي برهم صالح، علماً أن هذا الخيار كان يدعمه أغلبية قوى تحالف “الإطار”. ولم تقتصر الخلافات على مرشح رئيس الجمهورية، بل امتدت بين الطرفين إلى عدة ملفات عالقة، أبرزها ما يتعلق بملف النفط والغاز والعلاقة بين أربيل وبغداد.

وبالنسبة لعلاقات الحزبين الكرديين مع تحالف “الإطار”، يواجه الحزب الديمقراطي الذي كان ضمن فريق الخصم تحالف “إنقاذ وطن” والذي يجمع (الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف السيادة بزعامة كل من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني)، صعوبات معقدة فيما يخص التحالف مع “الإطار”، وهذا ما تأكده الهجمات الأخيرة على الحقول الغازية في كورمور وفقاً لبعض المراقبين. بينما توصف علاقات حزب الاتحاد الوطني مع الأخير بالجيدة، من خلال تقارب المواقف في الفترة الماضية.

إن تحديد أي علاقة بين الحزب الديمقراطي وتحالف “الإطار” مرتبط بدور إيران صاحبة النفوذ والتأثير الكبير على تطورات العملية السیاسیة في العراق. ويعتقد أن زيارة نيجرفان برزاني الأخيرة إلى طهران جاءت بعد ممارسة الأخيرة ضغوطها على أربيل للتفاهم مع السليمانية بعيداً عن الصدر، وبالتالي حسم حالة الانسداد السیاسي لمصلحة تحالف “الإطار”.

وقد تكون الزيارة مدفوعة بضغوط دولية وأمريكية، خاصة بعد صدور تقرير مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق جينين بلاسخارت، التي انتقدت تجربة الإقليم وتراجع التجربة الديمقراطية والحريات السیاسیة، إضافة لمطالبة الحزب الديمقراطي بدعم الاتحاد الوطني، لاحتواء أزمة الإقليم مع بغداد على خلفية قرارات المحكمة الاتحادية القاضية بعدم دستورية العقود النفطية التي أبرمها الحزب الديمقراطي، وإلزامه بتسليم النفط إلى الحكومة الاتحادية.

وعلى خلاف ما كان يعتقده المحللون، بأن المباحثات بين الحزبين الكرديين ستودي إلى توافق كردي وبالتالي انتهاء أزمة انتخاب رئيس جديد للعراق، جاء إعلان الحزب الديمقراطي أنه لا يوجد مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية العراقية كمؤشر على فشل الجهود في توحيد الصف الكردي، وأمام ذلك أكد “الإطار” أنه سيدعم مرشح حزب الاتحاد الوطني الرئيس برهم صالح، لولاية رئاسية جديدة.

كما اشترط الحزب الديمقراطي على تحالف “الإطار” لتجاوز أزمة البلاد السياسية والمضي نحو تشكيل الحكومة العراقية، تحقيق الشراكة والتوافق والتوازن، وحسم ملف الأمن والغاز، فضلاً عن حل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل وفقاً للدستور. إلا أنّ الحزب الديمقراطي، يتخوف من تراجع تحالف “الإطار” عن تعهداته بتنفيذ شروطه في إشارة إلى سيناريو تشكيل الحكومة عام 2018.

كل المعطيات تؤكد أن، خيار حل مجلس النواب والذهاب نحو انتخابات مبكرة من قبل القوى السياسية مازال وارداً جداً. وما يفسر مراوحة حراك تشكيل الحكومة الجديدة هو انعدام الثقة بين مختلف الأطراف، وانتظار انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان بعد العاشر من تموز الحالي، إلى جانب إدراك قادة تحالف “الإطار” صعوبة تشكيل حكومة جديدة من دون الصدر الذي بدأ مقربون منه بالتلميح إلى تحريك ورقة الشارع مجدداً، وهذا ما يضع تشكيل الحكومة الجديدة أمام خيارين إما إقناع الصدر بدعمها أو الاتفاق على خيار الانتخابات المبكرة، وربما دون ذلك سيكون العراق مقبلاً على مرحلة عنوانها الفوضى.

زر الذهاب إلى الأعلى