قمة بوتين- أردوغان والأجندات المشتركة.

قمة بوتين- أردوغان والأجندات المشتركة.

اللقاء كان مخططاً له منذ 14 حزيران 2022م، وذلك أثناء زيارة أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية إلى أنقرة، ولقائه بـ أردوغان.

في قمة طهران لم يحصل أردوغان على ما كان يصبو إليه بالنسبة لملف الأزمة السورية، وخاصة في موضوع التدخل العسكري التركي في روجآفا، لذا قرر أردوغان أن يلتقي بنظيره الروسي في سوتشي. ففي 5 آب 2022م؛ اتجه أردوغان إلى سوتشي حاملاً في حقيبته ملفات عدة وبالأخص الملف السوري. بعد اجتماع دام قرابة أربع ساعات صرّح أردوغان أثناء عودته إلى أنقرة في طائرته الخاصة بأنه سعيد جداً بـ لقائه مع بوتين وأنهما اتفقا في ملفات عدة مثل الوضع التجاري والاقتصادي بين البلدين، التطرق إلى الحرب الروسية- الأوكرانية، والانضمام إلى اجتماع دول البريكس المرتقب في أيلول المقبل. أما بالنسبة لملف الأزمة السورية قال أردوغان: “أن بوتين اقترح عليّ التواصل مع حكومة دمشق بدلاً من التدخل العسكري…” متابعاً “أن اللقاءات بين الاستخبارات التركية والسورية موجودة منذ مدة طويلة، وسنتابع هذه اللقاءات، وفي حال لم نحصل على نتائج إيجابية سنطالب الروس بمساعدتنا من أجل إنجاح هذه المفاوضات…”.

بالرغم من الصمت الأمريكي والغربي؛ فبعد اجتماع سوتشي بأيام قليلة علقت العديد من الصحف الغربية ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي ردود أفعال مخجلة، لكن جريدة الشرق الأوسط الصادرة في لندن كشفت عن بنود خطيرة للغاية اتفق عليها بوتين وأردوغان في سوتشي متعلقة بمستقبل شمال وشرق سوريا، أبرزها:

  • بدلاً من الاجتياح المباشر، السماح لأردوغان باستهداف قيادات قسد عن طريق المسيرات، وهذا ما شاهدناه منذ مدة، وفي الفترة الأخيرة نجد أن تركيا كثّفت من استهدافاتها عن طريق المسيرات عدا عن قذائف المدفعية على طول حدود المنطقة.
  • ترى موسكو التواصل مع حكومة دمشق هو الطريق الأمثل للحل، وأن بوتين سيعمل على استضافة المسؤولين الأتراك والسوريين من أجل تحقيق التقارب بينهما.
  • ستعمل روسيا على تفعيل اتفاقية أضنة الموقعة عام 1998م وذلك من خلال لقاءات ستتم بين لجان عسكرية وأمنية وسياسية من كلا الدولتين، ومن خلال تفعيل هذه الاتفاقية ستكون تركيا قد حققت بعض أهدافها.
  • ستعمل روسيا وبالضغط على قوات سوريا الديمقراطية على القيام بدوريات مشتركة مع القوات الروسية والنظامية، بهدف إبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن القوات الأمريكية وبالتالي إخراج أمريكا من شرقي الفرات.
  • السماح للقوات التركية ومرتزقتها بالقيام بعملية عسكرية محدودة على خط منبج – تل رفعت.

على ضوء كل ما سبق يمكن القول بأن المصالح المشتركة بين بوتين وأردوغان هي مصالح شخصية قبل أن تكون دولية، والعامل المشترك بينهما هو العداء للكُرد.

بوتين يرى في أردوغان السبيل للحفاظ على اقتصاده المتزعزع نتيجة حربه مع أوكرانيا، وذلك لفكّ الحصار من بوابة تركيا، لذا وعد بامتيازات عدة لأردوغان، وبالتالي من مصلحة بوتين استمرار أردوغان في السلطة. أما أردوغان من خلال الامتيازات الروسية سيعمل على كسب الرأي العام الداخلي لصالحه كونه مقبل على الانتخابات الرئاسية في صيف 2023م القادم والعمل على ضرب حالة الأمن والسلم في شمال وشرق سوريا.

بالطبع أردوغان لا يهمه أمن حدوده، بل همّه الوحيد القضاء على الكُرد أينما وجدوا وضرب مكتسباتهم، هذه الأهداف الاستعمارية والأفكار الفاشية موجودة لدى كل من حزب العدالة والتنمية وشريكه الصغير حزب الحركة القومية، وتأكيداً لذلك التصريح الأخير الذي صرّحت به وزيرة السياسة والعائلة في حكومة العدالة والتنمية قائلةً: “نحن استقبلنا ملايين السوريين ليست رحمة منا وشفقة عليهم وإنما لتوطينهم في المناطق الكردية ومنع الكُرد من إنشاء كُردستان في شمال و شمال شرق سوريا…” علماً أن مشروع الإدارة الذاتية- الذي ينخرط فيه الكرد أيضاً- في المنطقة هو سوريا ديمقراطية لا مركزية تتمتع فيها المكونات بكامل حقوقهم وتلك الإدعاءات ليست سوى ذرائع لاحتلال المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى