الكرد كقرابين دولية بين سيفر ولوزان

الكرد كقرابين دولية بين سيفر ولوزان

كتب ذات مرة اللورد كرزون وزير خارجية بريطانيا ( إنه يمكن إعطاء ما يحلو من الوعود فالوضع سيتغير فيما بعد ) ويبدو أن ذلك كان قاعدة في السياسة البريطانية كما اتضح

مع نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية واستسلام قواتها في هدنة مودرس 1918م  طالبت الصحف والجمعيات الكردية باستقلال كردستان ورافق ذلك الوعود البريطانية بتحرير الشعوب الخاضعة للإمبراطورية العثمانية عبر الضابط  الانكليزي نوئيل الذي جس نبض القبائل والعشائر الكردية بالوعود انه يجب فصل كردستان عن تركية خاصة وإن دول الحلفاء عقدت العزم لعقد مؤتمر الصلح في باريس الذي دام لغاية عام 1920م لتقاسم تركة الدولة العثمانية بين دول الحلفاء بريطانيا وفرنسا وروسية وايطاليا ولعب الكرد دورا ايجابيا في المطالبة  بحقوقهم القومية وأراضيهم بما ينسجم والمصالح الغربية سواء أكانت بريطانية أو فرنسية  معتمدين على الوعود البريطانية ومبادئ الرئيس الأمريكي ولسن ( حق الشعوب في تقرير مصيرها )ودحضوا المزاعم التركية فيما يتعلق بالخلافات بينهم و بين  الأرمن  ورفع الجنرال شريف باشا رئيس الوفد الكردي  مذكرتين  إلى رئيس مؤتمر الصلح كليمنصو رئيس وزراء فرنسا آنذاك ، وجاءت قرارات المؤتمر لصالح الحلفاء خاصة فرنسا وانكلترا وعقدت معاهدة سان ريمو عام 1920م والتي كانت توافقا بريطانيا وفرنسيا وتمهيدا لاتفاقية سيفر 10 آب عام 1920م التي أقرت بالحقوق الكردية والقومية في  المواد الخاصة بهم 62  و63 و64 وكذلك السماح بانضمام ولاية الموصل إلى المنطقة الكردية إن أرادت ذلك وعندما تأكدت النخب الكردية من رفض كمال أتاتورك للمطالب الكردية وكذلك لمعادة سيفر قام خالد بك جبري بالتعاون مع عبد القادر النهري بنشاط واسع من أجل تطبيق معاهدة سيفر ورفعوا مذكرات إلى عصبة الأمم وإلى مجلس الأمة التركي مطالبين بدولة كردية وفق معاهدة سيفر وإلا سوف يلجئون إلى قوة السلاح وفعلا اندلعت ثورة كردية عام 1921م جرى قمعها بشدة

تغير الظروف الدولية والانقلاب على سيفر :

حدث تغير في مواقف الدول الأوربية جراء بعض العوامل الهامة الإقليمية والدولية منها قيام دولة الاتحاد السوفييتي المناهضة للغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإقامتها علاقات مع مؤيدة وداعمة للجمهورية التركية وحكومة أتاتورك وتحقيق كمال أتاتورك انتصارات على الفرنسيين في كيليكية وكذلك تحقيق انتصارات عسكرية على اليونانيين في عام 1922 وعام 1923م  مما رجحت كفته وأثار خوف الغرب على مصالحه في المضائق والممرات المائية الهامة كالبوسفور والدردنيل  والخوف على طرق التجارة العالمية والاستراتيجية  الهامة، الأمر الذي دفع كل من بريطانيا وفرنسا إلى التقرب وكسب ود كمال أتاتورك عبر التوقيع على معاهدة لندن في 8 آذار 1921م  (حسب كتاب كردستان سوريا خلال الانتداب الفرنسي ص 77 )شملت التنازل عن مزيد من الأراضي ومن ضمنها كردستان لصالح تركية فيما سمي بإعادة ترتيب للمنطقة .

كما أبدت الحكومة الفرنسية عن استعدادها للتنازل والوصول إلى اتفاق مع تركية الكمالية والحصول على صداقتها والحفاظ على مصالحها في المنطقة برمتها وحصوصا في سوريا ودخلت فرنسا في مفاوضات مع مصطفى كمال أتاتورك وانقلبت بدورها على بنود معاهدة سيفر من خلال عقد مؤتمر لندن الذي مر ذكره سابقا وتخلت فرنسا عن أكثر من نصف الأراضي التي كسبتها لصالح تركية الجديدة وعرفت الاتفاقية الفرنسية التركية باسم فرانكلين بويون في تشرين الأول 1921م مع وزير الخارجية التركي كمال يوسف وتم إبطال اتفاقية سيفر في الشرق الأوسط ( حسب كتاب كردستان سوريا خلال الانتداب الفرنسي ص 78 ) الامر الذي مهد بالتالي لعقد اتفاقية لوزان( المترجمة إلى اللغة العربية بكامل نصوصها وفقراتها لأول مرة من قبل المعهد المصري للدراسات من قبل الاستاذ عادل رفيق )

مؤتمر لوزان في20 تشرين الثاني من عام  1922 م.

استمر المؤتمر ثمانية أشهر وسط انقطاعات دامت ثلاثة أشهر هدفت على التفاوض من أجل معاهدة جديدة  بين الحلفاء وتركية التي رفضت الاعتراف بمعاهدة سيفر، ترأس الوفد التركي عصمت اينونو ومنذ الجلسة الافتتاحية أعربت كل من فرنسا وبريطانيا عن استعدادهما للتنازل والرضوخ للشرط التركي بعدم مشاركة أو حضور أي وفد كردي وكما أعربا عن استعدادهما للوصول إلى حلول وسط ترضي الطرفين وكان الخوف من ارتماء تركية في أحضان الاتحاد السوفييتي كما نوهنا سابقا وبذلك تم إلغاء الخلافة والسلطنة العثمانية وإعلان الجمهورية وتم رسم الحدود بين تركيا وبلغاريا واليونان وبقاء المضائق الهامة متاحة للسفن والتجارة الدولية مع الالتزام بعد التنقيب عن النفط والغاز وتجاهلت كل من فرنسا وبريطانيا مصير الشعب الكردي ووعودهم بإنشاء دولة كردية رغم استخدام اسم كردستان والكرد من قبل جميع الدول في المنطقة والعالم للابتزاز كما هو اليوم ولعل أبرز ما يهم الكرد في الآونة الأخيرة الإحساس بالمرارة والخيبة والغدر بقرب حلول مائة عام على اتفاقية لوزان وربما يجدون الحاجة إلى عقد لوزان كردي ، يستنهضون الهمم ويطرحون الخطط في طريق تحريرهم ونيلهم الحرية كما أنه وفي ذات الوقت تنتظر تركيا مرور مائة عام على لوزان لأسباب وعوامل عدة 1- إعادة أمجاد الدولة العثمانية الآفله لتطبيق الاتفاق الملي وإلحاق كل من حلب وشمال شرقي سوريا والموصل وكركوك بحدود الجمهورية التركية ، وهذا قيد التنفيذ بالاحتلال والتغيير الديموغرافي .

2- استعادة بعض الجزر من اليونان التي لاتزال محل جدل وخلاف بين الطرفين .

3- أخذ الرسوم والضرائب والعائدات من السفن المارة من البحار والمضائق التركية .

4- القيام بالتنقيب عن النفط والغاز والحصول على ثروات جديدة للتخلص من الأزمات الداخلية مثل التضخم وتدهور الليرة التركية .

بقى أن نقول إن هذه المعاهدات لم تحقق الاستقرار والسلام النهائي بين شعوب المنطقة والدول الإقليمية كونها بقيت كنارٍ تحت الرماد إلى أن ينال جميع شعوب الشرق الأوسط  حقهم في الحرية والاستقلال بما فيها شعوب ميزوبوتاميا وكردستان بكل مكوناتهم الدينية والعرقية.

زر الذهاب إلى الأعلى