“عيد أكيتو بريخو”
كل عام وأنتم بخير
في الأول من شهر نيسان الربيع من كل عام ومع تورد خمائل الكرز واخضرار شجرة الدردار النحاسية وتبرعم شقائق النعمان وهبوب النسيم العليل في هذا الاعتدال الربيعي نحتفل بعيد رأس السنة الآشورية البابلية كأقدم عيد عريق حفظته البشرية واستمرْ خالداً إلى يومنا هذا في وجدان البشرية وفي حافظة الزمن الواعية و ضمير التاريخ المنصف الأمين ومنذ عام (6771) بحسب التقويم الزمني القديم لحضارات ما بين النهرين حيث يحتفل الآشوريون والكلدان والسريان بشكل عام وخاصة في سوريا والعراق بهذا العيد الأثيل الذي يمثل طفولة وإنسانية هذه الشعوب التواقة إلى الانعتاق نحو الحرية والإنسانية الواقعية حقاً إنه عيد قومي بامتياز للشعب الآثوري والذين هم جزء أصيل من نسيج المنطقة ومن المكونات الأساسية لبلدنا ولا يعدّ عيد أكيتو عيداً دينيا كون الآثوريين لا يدينون بديانات الحضارات القديمة التي انتشرت وسادت في بلادهم منذ آلاف السنين الغابرة ثم اندثرت وصحيح جداً أن السريان والكلدان والآشوريين اليوم يعتنقون الديانة المسيحية السماوية إلا أن هذا الشعب العظيم احتفظ بتقاليد أسلافه وأجداده القدماء منذ أزمان ودهور وحافظوا على لغتهم الجميلة وتاريخهم وأزاهير شعرهم وغنائهم وتراثهم إلى هذه الساعة لذا نرى أن بنات وشباب هذ الشعب الجميل يحتفل بهذه المناسبة بشكل دائم وبملابسهم الزاهية ورقصاتهم التقليدية المميزة والتي تعبر عن حيوية وأسرار هذه الحضارة التليدة والتي ورثوها كابراً عن كابر وتستمر الاحتفالات بهذا العيد المجيد لمدة “اثنا عشر” يوماً وهذا ما تؤكده الألواح السومرية المسمارية التي أخذت من العراق إلى متحف لندن في فترة الاحتلال الإنكليزي وكان العيد عند أولئك الأسلاف القدماء يعد رمزاً لتفتح الحياة وموسم الحصاد في بلاد ما بين النهرين وكلمة “أكيتو” تعني بالضبط رأس السنة الآشورية ولهذا العيد ومنذ الماضي السحيق له قدسية عند هذه الشعوب قدسية ممزوجة بطابع جمالي خلاب مستمد من هدوء وسحر وجمال الطبيعة في شهر نيسان الضاحك الطلق حتى كان من الحسن أن يتبسما.
كما كان العيد عند قدماء الرافدين وخاصة عند البابلين يرتبط بمهمة دينية ارتباطاً وثيقاً ألا وهو انتصار الإله مردوخ على الإله (تيامات) بالإضافة إلى أنه عيد تاريخي ثقافي يعبر عن الثقافة الثرة لتلك الشعوب المبدعة.
وهكذا بدأت احتفالات العيد في مصلى ديني صغير وبمرور الزمن تحول إلى احتفال كبير يقام في المعبد البابلي مع ممارسة الطقوس الدينية وتقديم الذبائح والصلوات وقراءة القصص البابلية للخلق رغم أنه عيد قومي.
ولا يسعنا في هذه المناسبة التاريخية إلا أن نهنئ أبناء شعبنا الآثوري بقدوم عيد ( أكيتو بريخو) من كل عام، ونتمنى لهم وللشعب السوري بأسرة الخير والسلام والتآخي مع سائر المكونات.