فشل داعش ومحرضيه من جديد

كشفت الأحداث الأخيرة في مدينة الحسكة تحديات جديدة ومستوىً تصعيدياً جديداً لم تشهدهما الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا منذ سنوات، فالهجوم الذي قام به تنظيم داعش الإرهابي على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، يؤكد على مدى ومستوى التنسيق والتعاون الحاصل بين الأطراف المتعارضة على الرغم من تضاد مع بعضها في الصراع السوري مثل: تركيا وروسيا وايران والنظام.

ولا يمكن فصل مجريات الأحداث في سجن غويران والتخطيط الممنهج المُعد لذلك الهجوم عن الملف السوري عامةً بشقيه السياسي والعسكري، وعن العلاقة المتينة التي تربط تركيا بالولايات المتحدة الأمريكية لاسيما في بعض التوافقات فيما تتعلق بالقضية الكردية.

فالولايات المتحدة الأمريكية لم تكشف بعد عن استراتيجية واضحة وحقيقية في شمال وشرق سوريا خلال ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والتصدي لداعش وبالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

ووفق استراتيجيتها غير المعلنة هذه في المنطقة وبعد القضاء على تنظيم داعش في الباغوز عسكريا، في آذار عام 2019، لم تعد تولي أهمية كبرى لمخلفات داعش الإرهابي المعتقلين لدى قسد، وتجفيف منابع هذا التنظيم. إن سياسة اللامبالاة وعدم أخذ تهديدات داعش الإرهابية في شمال وشرق سوريا على محمل الجد، أعطت فرص مناسبة لكل من تركيا والنظام السوري وروسيا لاستغلال هذه السياسة المتراخية للولايات المتحدة الأميركية، من خلال استخدام الخلايا النائمة من الإرهابيين ضد قوات سوريا الديمقراطية، وإحداث الفوضى بغية زرع الشقاق والفتن بين مكونات وأهالي شمال وشرق سوريا وذلك لإنهاء المنظومة السياسية والعسكرية التي تحمي المنطقة من إرهاب داعش ونظام الإبادة التركية.

فكل المخططات التي تحاك بين هذه الأطراف تؤكد على فشل محاولاتهم السابقة في إنهاء المشروع الديمقراطي (للإدارة الذاتية) عبر عمليات عسكرية، لتدخل في أجنداتهم مجموعات أهلية داخلية لتحريضهم ضد الإدارة، بناء على حالة الانقسام بين أبناء العشائر وولاء كل قسم لطرف، بالإضافة إلى الشقاق الموجود داخل الحركة السياسية الكردية، واللعب على وتر المشاعر القومية من خلال التحريض الإعلامي، ويضاف إلى ذلك فرض حصار ممنهج على المنطقة والمتمثل بإغلاق المعابر أمام الحركة التجارية.

وعموما باءت جميع هذه المحاولات بالفشل، وذلك من خلال إدراك الناس ومعرفتهم بالأوضاع التي يعيشها السكان في مناطق سيطرة هذه الأطراف.

وبناء على ذلك يبقى مستقبل المنطقة وما تواجهه من تحديات شائكة على عدة جوانب، من الاحتلال التركي للشمال السوري، والتحركات التي يقوم بها النظام السوري ومحاولاته استمالة العشائر العربية إلى جانبه، بالإضافة الى الصمت الروسي حيال الضغوطات التي تتعرض لها الإدارة الذاتية أمام الهجمات التركية فإن كل هذه الوقائع تؤكد أن الوضع مفتوح على كل الاحتمالات، وذلك بالنظر إلى التحديات والواقع السياسي للملف السوري بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى