العشائر العربية والأزمة السورية

في زمن بات ضرورياً لشعوب المنطقة التكاتف والتعاضد للوقوف في وجه المخططات الداخلية والخارجية الهادفة لخلق فتنة داخلية يتقاتل فيها أبناء شعوب المنطقة لخدمة أطراف لا تريد لأبناء المنطقة العيش في أمن وسلام كون ذلك يؤثر على مصالحهم ويضعف وجودهم حيث بات شعار تلك الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية فرق تسد ضرورياً لديمومتهم.

تعتبر مناطق الإدارة الذاتية من المناطق التي تنعم بالأمن والسلام بعد دحرهم لتنظيم داعش الإرهابي الممول من دولة الاحتلال التركي وبعض الدول الإقليمية، هذا التنظيم الذي عمل على سلب ونهب وحرق وسبي نساء المنطقة، وعندما فشلت مخططات دولة الاحتلال التركي اتجهت نحو العشائر العربية في المنطقة لخلق فتنة مستغلة بعض شيوخ العشائر العربية ممن هربوا واستوطنوا تركيا وكان بعضهم من منتسبي داعش وأمراء في التنظيم ومع توزع أبناء العشائر وتشتتهم بين الدول المحيطة كلاجئين ونازحين، موزعين في ولاءاتهم بين النظام وما يسمى بالمعارضة والدولة التركية.

قامت تركيا بعقد عدة اجتماعات وتحت مسميات متنوعة وآخر هذه الاجتماعات للعشائر السورية جرت في منطقة أعزاز الحدودية، تبعه اجتماع في منطقة سجو، حضره بعض الشخصيات العشائرية إضافة لرئيس ما يسمى بالائتلاف السوري المعارض، الذي انتهى بالإعلان عن تشكيل “المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية”، و” مجلس الأعيان” حيث أعربت القبائل والعشائر خلال المؤتمر عن دعمها للعملية العسكرية التركية المرتقبة ضد قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات وباركت الاحتلال التركي لكري سبي وسري كانيه. إلى جانب قيام النظام باستغلال بعض العشائر التي ما تزال موالية لها وعقد الاجتماعات لهم، منها في مدينة دير الزور “فعاليات ملتقى العشائر والقبائل العرفي أواخر آذار2021 وذلك بهدف إحداث اقتتال داخلي في مناطق الإدارة الذاتية كـ “أحداث حي طي” حيث تمكنت قوات الأسايش من تطهير الحي من ميليشيا الدفاع الوطني. كما أن فشل تلك الزعامات والشخصيات المرتبطة بالأجندة الخارجية في تجميع أبناء عشائرهم حولهم وتأليبهم ضد الإدارة الذاتية أدى إلى فقدانهم لمصداقيتهم بين السوريين بشكل عام وعشائرهم بشكل خاص.

ونظرًا لإدراك أهمية الدور الذي تلعبه العشائر في المشهد السوري الحالي وللوقوف في وجه المخططات التي تحاك ضد أبناء المنطقة عقدت العشائر العربية في شمال وشرق سوريا، أعمال ملتقى العشائر والقبائل العربية في منطقة “المشلب” بمدينة الرقة. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، حضر الملتقى عدد كبير من وجهاء وشيوخ العشائر العربية في الرقة ومختلف مناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة الى وفود مثلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي “الأسايش” في الرقة. دعوا فيها “جميع أبناء سوريا للوقوف صفاً واحداً ونبذ الخلافات ووضعها جانباً والتوقف عن الاقتتال فيما بينهم من أجل إرضاء بعض القوى الخارجية، الأمر الذي يزيد من عمق الأزمة في سوريا ويشكل مجالاً مفتوحاً أمام تركيا لابتلاع المزيد من الأراضي السورية وتهجير أهلها.

وفي هذا السياق لن تتوانى دولة الاحتلال التركي والنظام وداعميه “روسيا وإيران” لكسب دعم العشائر لزيادة نفوذهم في المنطقة واستغلالهم من قبل تلك الأطراف وتنشيطها إعلامياً وقت الحاجة إليها لأي حدث قد يحصل في مناطق الإدارة الذاتية وزج خلاياهم في أي احتجاجات تحدث لبث التفرقة العنصرية وإشعال فتيل الفتيل بين أبناء المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى