بدء أعمال المنتدى والكلمة الافتتاحية للمنتدى

 

بدأت أعمال المنتدى السوري للحوار الوطني نحو سوريا حرة تعدّدية ديمقراطية بالترحيب بالمشاركين في المنتدى، ومن ثم أُلقيت كلمة مركز روجآفا للدراسات الاستراتيجية وألقاها  د. لقمان عبد الله؛ وقد ركّزت الكلمة على وحدة الشعب السوري وعلى النسيج الثقافي والإرث التاريخي للشعب السوري وما تعرّض له في عهد النظام البائد، وأشارت الكلمة إلى أن يكون هذا المنتدى انطلاقة جديدة نحو تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة لجميع أطياف الشعب السوريّ، وحماية سوريا من التشتّت والانقسام، في إطار نظام حكم تعدّدي ديمقراطيّ حرّ يصون حقوق وكرامة المواطن السوريّ.

نصّ كلمة المركز

أيّتها الأخوات أيّها الأخوة

تحيّة طيّبة وأهلاً وسهلاً بكم

باسم مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية نرحّب بكم جميعاً ونعبّر عن شكرنا لتحمّلكم أعباء ومعاناة السفر من مختلف أنحاء سوريا لحضور هذا المنتدى.

ممّا لا شكّ فيه أنّنا نمرّ بمرحلة حسّاسة من تاريخ وطننا سوريا، ترافقت مع تغيّرات متسارعة لتضع مستقبل البلاد على المحكّ في ظلّ تدخّلات إقليمية وعالمية تابعة لمصالح وأجندات خاصة؛ جلّ غايتها الاستفادة من الموقع الجيوسياسي لسوريا، واستثمار خيراتها دون أي اعتبار للشعب السوريّ بمختلف أطيافه وفئاته وثقافاته، لذا؛ فقد وجدنا أنّه من واجبنا الوطنيّ أن نعقد هذا المنتدى كاستجابة للدعوة الملحّة لرسم ملامح وطبيعة العلاقة بين الأطياف السورية دون تهميش أو إقصاء، أو فرض وصاية على بنية النسيج السوري المتشعّب والمتعمّق في سياق التاريخ الحضاري للمنطقة والإرث الثقافي لمكوّنات الدولة السورية.

بعد سقوط نظام البعث في الثامن من كانون الأول، انتهت معه مرحلة الاستبداد والقمع والتفرّد بالسلطة؛ والذي عانى بسببه الشعب السوري أبشع أنواع المظالم والفقر والمذلّة والتمييز العنصريّ، وبدأ به يوم جديد وربيع جديد لشعوب سوريا التوّاقة للحرية. إلّا أنّ فرحة الشعب السوري هذه لم تدم طويلاً؛ بل سرعانَ ما تحوّلت إلى غيوم داكنة؛ “فمؤتمر النصر” ومن بعده مؤتمر “الحوار الوطنيّ” اللذَين عُقِدا في دمشق، دون التشاور أو الأخذ بآراء المكوّنات الأصلية وعموم الشعب السوري، يُعتبَر خطوة اُحادية الجانب، أثارت الهواجس والمخاوف من إقصاء وتهميش مكوّنات الشعب السوري مرة أخرى، كما أثارت المخاوف من أن تتّجه البلاد نحو نظام مركزي قوميّ- دينيّ، والتفرّد بالسلطة؛ وهذا من شأنه أن يُعقّد الأمور أكثر فأكثر، ويُعيد سوريا إلى ما كانت عليه سابقاً.

أيّتها السيّدات أيّها السادة الأكارم

انعقدت في الآونة الأخيرة العديد من المؤتمرات والاجتماعات في عدّة دول عربية وأوروبية، وكَثُرت النقاشات والصفقات حول سوريا المستقبل ومصير مكوّناتها؛ والّلافت في هذا الأمر أنّ السوريّين والمجتمع السوريّ ومكوّناته غائبون أو مغيّبون عن هذه الاجتماعات التي تنعقد في الخارج، وهنا يتّضح لنا، وبشكل جليّ، أنّ كلّ دولة تحاول رسم ملامح سوريا الجديدة وفقاً لمصالحها.

إنّ وجودنا معاً اليوم هنا إنّما يُعبّر عن مدى التزامنا بمصير ومستقبل سوريا، وحرصنا على تفويت الفرصة للمتربّصين بالبلاد من أجل ضرب السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وقد ناضل الشعب السوري ضدّ سياسات النظام البائد في القمع والإذلال ومحاولة بثّ النعرات الطائفية والعِرقية بين أبناء الوطن الواحد؛ فشعب سوريا بمختلف طوائفه ومكوّناته، الذي ضحّى بعشرات الآلاف من أبنائه، أولى أن يلتقي ويخطّط مستقبل سوريا الجديدة لتكون تعدّدية ديمقراطية حرّة، تصون كرامة الفرد والمجتمع، ويكون لكلّ مواطن مكانة فيها بِغَضّ النَّظَر عن الانتماءات العرقية والمذهبية والفكرية، لتكون الكفاءة هي الفيصل والمعيار في سوريا الجديدة.

المشاركون والمشاركات الأكارم:

إنّ تاريخَ العالم مليءٌ بالأمثلة عن انهيار الأنظمة وإعادة بنائها من جديد بمشاركة الشعوب التوّاقة للحرية، ابتداءً من أفريقيا، العراق، اليمن، السودان وليبيا وغيرها، لكنّ ما يهمّنا هنا هو استخلاص الدروس والعِبَر من هذه التجارب من أجل بناء مستقبل جديد مزدهر، من خلال الحوار والتشاور بين مختلف مكوّنات وأطياف الشعب السوري لاختيار النموذج الأمثل لإدارة بلادهم بما يتناسب مع بنية المجتمع السوري وتنوّعه. لكن للأسف، نواجه نهجًا يستبعد إرادة الشعب السوري والديمقراطيات المحلّية التي تشكلّت خلال عشر السنوات الماضية ويؤجّج الصراعات ويهدّد السلم الاجتماعي من جديد، وهذا ما يعرقل العملية السياسية؛ ولا يمكن القَبول بإعادة إحياء الذهنية السلطوية بعد التضحيات التي قُدّمت على مدار ثلاثة عشر عامًا من النضال.

السادة المشاركون والمشاركات ممثّلو سوريا الكرام

في منتدى الحوار السوريّ هذا؛ سنناقش في المحور الأوّل أزماتِ النظام الشمولي المركزيّ الأُحادي القَمعيّ والسلطويّ ومفرزاته، والتي أُسّست بموجب اتفاقية سايكس-بيكو، وما نتج عنها من أزمات ومشاكل في ظلّ النظام البعثيّ، وكيفية تجاوزها. أمّا في المحور الثاني فسنناقش تطلّعات الشعب السوري في اختيار شكل النظام والدستور الجديد الذي يحتضن جميع المكوّنات والثقافات، كما سنتطرّق إلى أهمية ودور التلاحم والتماسك المجتمعيّ وشكل المؤتمر الوطني المأمول لحلّ القضايا العالقة في سوريا.

مرّة أخرى نرحّب بجميع الضيوف الكرام، ونتمنّى أن يشكّل هذا المنتدى انطلاقة جديدة نحو تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة لجميع أطياف الشعب السوريّ وحماية سوريا من التشتّت والانقسام، في إطار نظام حكم تعدّدي ديمقراطيّ حرّ يصون حقوق وكرامة المواطن السوريّ.

 

مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية

27\02\2025

زر الذهاب إلى الأعلى