مجلة دراسات استراتيجية العددان 21-22
صيف وخريف 2025

قرّاءَنا الأكارم:
نضع بين أيديكم عدداً جديداً من مجلّتنا “دراسات استراتيجية”، وفيه نتناول مواضيع متنوّعة تتمحور حول السياسة والاقتصاد والبيئة والمجتمع وغير ذلك.
في سياق الأزمات الوطنية أو عند غياب المؤسسات الرسمية أو في ظل الأنظمة الاستبدادية تبرز أهمية الحماية الذاتية، وتتوقّف فعاليتها على مقدار كفاءة تنظيمها، وقد أظهرت الحروب التي شنّتها الجماعات المتطرّفة والأنظمة الاستبدادية خلال العقد الماضي مدى أهمية الحماية الذاتية للمجتمعات، ومقدار كفاءة نظام الحماية الذاتية المتوفّر لدى المجتمعات؛ لذلك ارتأينا أن نسلّط الضوء في عددنا هذا على موضوع “الحماية الذاتية وأهميتها بالنسبة للمجتمعات المحلّية في سوريا”؛ فنظام الحماية الذاتية يكفل للمجتمع القدرة على الاستجابة للمخاطر المختلفة، وذلك بتفاديها أو تقليل نسبة الأضرار والضحايا أو صدّها، ويتسبّب فقدان القدرة على إدارة الحماية الذاتية بكارثة كبيرة على المجتمع.
ومع تنوّع المجتمع السوري، سواء على المستوى العِرقي أو القومي أو الإثني أو الديني أو الطائفي، كان موضوع الدستور يُطرَح بقوة في مجالس النقاش والحوار، كمحاولة للتعمّق في الفهم الدستوري الذي تحوّل إلى إشكاليات أرّقت المجتمع السوري حتى تحوّلت إلى مقدّمات أدّت إلى اندلاع الأزمة السورية عام 2011 م، كما أنّ مشكلة البحث عن النموذج الدستوري الأفضل بما يتوافق مع طبيعة المجتمع السوري طغت على الحالة السياسية لكافة النشطاء السياسيين؛ سواء على مستوى الأحزاب والشخصيات المستقلّة المعارضة بنطاقها الواسع، أو على مستوى الموالين على نطاق أضيق؛ لذلك وجدنا أنّه من الضرورة بمكان أن نتناول في عددنا هذا بحث “النظام السياسيّ السوريّ.. مقارنة بين دستورَي 1950 و 2012” لعلّ للقارئ الكريم يجد الفائدة المرجوّة بعد قراءته للبحث.
وبعد سقوط النظام البعثي في 8 كانون الأول 2024 باتت قضيّة المقاتلين الأجانب في سوريا تشكّل هاجساً كبيراً لدى المجتمع المحلّي والدولي، كما شكّلت تحدّياً كبيراً أمام سلطة دمشق، خصوصاً في ظل الانتهاكات المرتكبة بدوافع طائفية، وفقدان الثقة بين السـلطة الجديدة ومكوّنات الشعب السوري، والتي يتم خلالها تحميل هؤلاء المقاتلين جزءاً كبيراً من المسؤولية عنها. وما يثير الجدل وحالة عدم اليقين في سياق المرحلة الجديدة في البلاد هي مسألة دمج هؤلاء المقاتلين بالمجتمع المحلّي ومنحهم الجنسية السورية، حيث وصل الأمر حدّ تنصيب بعضهم في مراكز حكومية وعسكرية بعد منح بعضهم رتباً عسكرية بذريعة مشاركتهم في إسقاط النظام، كمقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني، حيث نتناول هذا الموضوع في بحثنا المعنوَن بـ: “الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا وسياسة منح الجنسية لمقاتلية”.
ومع تطوّر البشرية وضرورة التواصل ما بين البشر وتطوّر العلاقات بحيث يتم تبادل السلع والحاجيات على أساس المنفعة المتبادَلة؛ يمكن اعتبار الطرق من أهم صِلات الوَصل ما بين البشر. يمكننا اعتبار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أهم المناطق الجغرافية التي يمكنها التحكّم بالطرق وعقد الوصل العالمية، فهي بالأساس تتحكّم في الكثير من المضائق المائية والأجواء الجوية بالإضافة إلى المساحة البرّية الواسعة لاستثمارها للطرق البرّية والسكك الحديدية؛ وانطلاقاً من تلك الأهمية كان لا بدّ لنا من الحديث عن “الطرق والممرّات التجارية العالمية.. القائمة منها والمشاريع.. سوريا وأهميتها الجيوسياسية”، وقد ركّزنا في هذا البحث على هذه الساحة بالذات والمشاريع العابرة منها، كما خصّصنا الجزء الأخير منه للتركيز على سوريا بشكل أخصّ؛ كما حاول التركيز على جغرافية كردستان لما لها من أهمية جيوسياسية، خاصةً مع تمسّك القوة المحتلّة بها.
الموضوعية في العمل الحقوقي والتوثيقي تمثّل أسلوباً منهجياً وأخلاقياً تهدف إلى إنتاج رواية قائمة على الحقيقة القابلة للتحقّق، لا على الانتماءات أو المواقف المسبقة. وهي تنطلق من احترام الكرامة الإنسانية لكل ضحية من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، بمعزل عن خلفيته السياسية أو الإثنية أو الدينية، وتُشكّل أساساً ضرورياً للمساءلة وتفعيل آليات العدالة .في عددنا هذا يمكن للقارئ أن يطّلع على المزيد من المعلومات من خلال بحثنا “تأثير الاتجاه السياسي على العمل الحقوقي وتوثيق الانتهاكات”؛ ففي الحالة السورية يُعَدّ الانقسام السياسي، وتعدّد الفاعلين الحقوقيين، ومصادر التمويل وسياساتها، عوامل تُشكّل تهديداً للموضوعية، وقد تدفع ببعض الجهات الحقوقية إلى انتقاء الوقائع، أو تغييب بعض الانتهاكات، وفقاً للرؤية السياسية أو المصلحة التنظيمية أو الميول المذهبية أو القومية.
ومن المعلوم أنّ البيئة تشكّل الحاضن الأول والأخير لحياة الإنسان، وهي المصدر الذي تنبثق منه مقوّمات وجوده واستمرار حضارته، غير أنّ الإنسان – مدفوعًا بشغف التطوّر وسباق الهيمنة التقنية – راح يضغط على الموارد الطبيعية بطريقةٍ تجاوزت حدود التوازن؛ فأفضت إلى ظواهر مقلقة يتصدّرها التلوّث البيئي بمختلف أشكاله؛ فالهواء بات مثقلًا بالملوّثات، والمياه تئنّ تحت وطأة التصريف الكيميائي، والتربة تفقد خصوبتها بفعل الاستخدام المفرط للمبيدات، حتى الضجيج بات تلوّثا لا يُرى لكنّه يُضعف الحياة. بإمكان القارئ أن يطّلع على الموضوع بتفاصيله الدقيقة من خلال بحثنا “التجارب العالمية الحديثة في مواجهة ظاهرة التلوّث ومدى قابلية تطبيقها محلّياً“.
كافة الحكومات والأنظمة التي توالت على حكم سوريا لم تتمكّن من تحقيق نهضة حضارية في البلاد، فعندما نالت سوريا استقلالها عام 1946 كانت متأخّرة وبدائية من كافة النواحي، وبعد مرور أكثر من (70 عاماً) كانت في وضع مُدمّر للغاية نتيجة الحرب الأهلية التي كانت إحدى مفاعيل سياسات السلطة القومية المتطرّفة الحاكمة. وهنا تكمن أهمية بحثنا “دراسة أوّلية في نظام الدولة القومية المتطرّفة في سوريا.. فشل وبديل ديمقراطي”.
إنّ اتباع سياسات القمع، والاستبداد، ورفض الآخر وإقصائه، والصهر القومي، والتغيير الديمغرافي، ورفض الحقوق المشروعة للشعوب، وعدم تقبّل خصوصية المجتمعات المحلية، والفساد الإداري والمالي والأخلاقي في مفاصل المجتمع والمؤسسات، واستخدام العنف والحكم البوليسي والأمني، والتي هي من صلب سياسات وخصائص الدولة القومية والدينية المتطرّفة؛ كل ذلك كان السبب في إيصال سلطة البعث إلى مستنقع السقوط، ومعها سقوط الدولة القومية المتطرّفة في سوريا، وهذه نتيجة حتمية لاتباع السياسات المناهضة للمجتمعات والشعوب.
يتناول العددان 21-22 من مجلة دراسات استراتيجية الدراسات التالية:
- الحماية الذاتية وأهميتها بالنسبة للمجتمعات المحلّية في سوريا- اعداد: مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية
- النظام السياسيّ السوريّ – آزاد برازي
- الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا وسياسة منح الجنسية لمقاتلية- أعداد: مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية
- الطرق والممرّات التجارية العالمية- شرفان سيف الدين
- تأثير الاتجاه السياسي على العمل الحقوقي وتوثيق الانتهاكات..- إعداد: وليد رمزي بكر
- التجارب العالمية الحديثة في مواجهة ظاهرة التلوّث ومدى قابلية تطبيقها محلّياً- إعداد: المهندسة الزراعية إيمان خليل
- دراسة أوّلية في نظام الدولة القومية “المتطرّفة” في سوريا- دلشاد مراد



