مجلة دراسات استراتيجية العددان 15-16

شتاء وربيع 2024

تتسارع وتيرة الأحداث في المشهد السياسي والأمني للشرق الأوسط ولا تزال أزماتها تتفاقم بسبب محاولة أنظمة الحكم تصدير مشاكلها إلى جوارها، وبنفس الوقت فرض سلطتها الأيديولوجية وهدم السلطة الأيديولوجية للآخرين، بشكل أصبحت المجتمعات المحلية وكأنها تحاول التشبث في خضم الاضطرابات الناجمة بفعل تصادم الأيديولوجيات من ناحية، والصدمات التي تعرضت لها البيئات المحلية بفعل التغير المناخي من ناحية أخرى. وتواجه المجتمعات المحلية صعوبات كثيرة في سعيها لتأمين حياتها بما ينسجم مع ثقافتها، وتبذل جهوداً كبيرة لمواجهة خليط من تحديات وتهديدات، ذات أبعاد سياسية واقتصادية وصحية وأمنية؛ وتستند ديناميات هذه المجتمعات إلى شكل الاستجابة لكل من تداعيات التغير المناخي، ومختلف الأنشطة الأيديولوجية المؤثرة في المشهد السياسي والاقتصادي والأمني في الشرق الأوسط. لذلك يمكن الجزم بأن العديد من هذه المجتمعات فقدت زمام المبادرة في إدارة شؤونها الاقتصادية ومواجهة التحديات وتأمين حياتها بشكل طبيعي، كما وفشلت الدول في تحقيق الأمن والأمان للبلدان التي تتربع عليها، حتى أنها تحولت إلى مصدر رئيسي لأزماتها. لذا سنحاول في هذا العدد الجديد من مجلة دراسات استراتيجية تسليط الضوء على عدد من القضايا التي تعيشها مجتمعات الشرق الأوسط، وتقديم تحليلات نسبية عن العوامل الذاتية والموضوعية الكامنة وراء أزمات المنطقة، بشكل يساهم في إيجاد حلول ممكنة لها.

وفي هذا السياق، تبذل الدولة التركية جهوداً كبيرة للحفاظ على أهيمتها الاستراتيجية بالنسبة للدول الغربية، وتحاول استثمارها لزيادة هيمنتها الإقليمية، إلا أن فشلها في حل أزماتها وإقحام الجيش في سياستها الخارجية والدخول في الصراعات إقليمية مؤدلجة أثر بشكل كبير على الوضع الجيوسياسي لتركيا، وانعكس سلباً على وضعها الجيواستراتيجي، ويمكن ملاحظة ذلك في خمول العلاقات الودية بين النظام التركي وأقوى حلفاءه (الولايات المتحدة) حيث يتحدث المحللون الأتراك عن وجود مشاكل كبيرة خاصة بعد إلغاء زيارة أردوغان إلى واشنطن، فلا الحلفاء يهتمون بترميم الصدع الحاصل ولا النظام يسعى وراء ذلك، الأمر الذي يثير تساؤلات كثيرة حول هذه الإشكالية. وتعد المسائل الاقتصادية واحدة من العوامل المؤثرة في هذه الإشكالية وخاصة بعد الاتفاق المبدئي على طريق الهندي- العربي- الأوروبي وما تلاه من تطورات من حرب غزة وما تمخض عنها من إعاقة الملاحة في البحر الأحمر وبناء رصيف بحري على شاطئ غزة، وكذلك التوتر الذي تشهده أوراسيا بفعل الحرب الروسية- الأوكرانية، جميعها تبدو كظروف فرضت على الشركات التجارية الكبرى الاهتمام أكثر بممرات التجارية بالتوازي مع بقاء النظام التركي في وضعية “المفعول به” ضمن معادلاتها، وهذا ما يفرض إعادة النظر في الوضع الجيوستراتيجي للدولة التركية في تفاعلات التنافس والتحالف، الإقليمية والدولية المستجدة.

بلا شك تنعكس الأوضاع المتأزمة التي تعيشها الدول الإقليمية بما فيها تركيا، سلباً على الكرد وبلادهم، ومنذ توقيع معاهدة لوزان عام / 1923/ والتي وجد على إثرها الشعب الكردي نفسه منقسماً بين أربع دول حديثة النشأة (تركيا – إيران – سوريا- العراق)، وقام بثورات كثيرة إلا أنه لم يحقق إنجازات سياسية تحقق حل قضيته، قد يكون السبب وراء ذلك عدم امتلاكهم أسباب القوة، ويكاد معظم المفكرين الكرد يتفقون على أن قوتهم تكمن في وحدتهم، فعصرنا هذا الذي نعيش فيه لا يقيم أيّ وزن للضعفاء والمهزومين، بل يعترف بالأقوياء فقط.

ولدى التمعن في معظم الأزمات التي تشهدها المنطقة يمكن ملاحظة تقاطع مساراتها في قطاع الطاقة، وتبرز هذه القضية بشكل واسع في سياق الأزمة السورية، حيث تعد الجغرافيا المحصورة بالحدود السياسية للدولة السورية ذات أهمية كبيرة نسبياً في قضايا أمن الطاقة العالمية بالاستناد إلى الموقع الجغرافي والثروة الباطنية، فجغرافياً تعد منطقة عبور مهمة للعديد من المشاريع نقل الطاقة من الشرق إلى الغرب كما أنها متاخمة لأهم مصادر الطاقة العالمية في الخليج والعراق وإيران وكردستان وبلدان شرق المتوسط. بالإضافة إلى امتلاكها مخزونات من الوقود الاحفوري من الغاز والنفط وفلزات اليورانيوم المصاحب للفوسفات، لذلك تم اختيار دراسة تأثير الطاقة في الأزمة السورية.

وعلى صعيد متصل، يعد تنظيم داعش أكثر من استغل حقول الطاقة وحولها إلى مال سياسي لتعزيز سلطته في المناطق التي احتلها في سوريا والعراق وسخّرها مع العداء المشترك للنظام التركي تجاه كل من القضية الكردية والديمقراطية، لإقامة علاقات تجارية واستخباراتية، ولا تزال التقارير الإخبارية تتحدث عن نشاطات للتنظيم في المناطق التي يحتلها النظام التركي في شمال سوريا أو داخل تركيا نفسها، ويبدو أن هذا الأمر منح التنظيم فسحة أمل لإعادة حشد صفوفه وشن هجماته على المواقع المدنية والعسكرية في إقليم شمال وشرق سوريا والبادية السورية والعراق مؤخراً، وعلى الرغم من تسبب هزيمته الكبيرة في الباغوز وخروجه من المسرح الرئيسي للعمليات العسكرية والسياسية بضعف كبير في هيكليته، إلا أن خلاياه لا تزال مستمرة في نشاطاتها التخريبية وهو ما يفرض إعادة التذكير بهذا التنظيم وايديولوجيته.

إن الصراعات الدائرة على النفوذ وعلى مصادر الطاقة وانخراط مرتزقة داعش كوكيل لبعض الأنظمة الإقليمية في الصراع الدائر بالمنطقة يعد جزء من المشهد السياسي والعسكري والاقتصادي المعقد في الشرق الأوسط، وتحولت إلى مصدر لأزماته المتجلية بفشل التحول الديمقراطي، وفشل الاستجابة للكوارث البيئية والطبيعية، وفشل كبح تنامي التطرف العقائدي، وفشل إيقاف النزعة غير المسبوقة للهجرة من الأوطان، وتحولت إلى أبرز التحديات ومصدراً لتحديات أخرى في الوقت نفسه لأبرز أزمات الشرق الأوسط.

هذه الأزمات وما يتمحور حولها من صراعات أثرت بشكل كبير على الأمن الإنساني للمجتمعات المحلية في الشرق الأوسط، وتشكل الحالة الاجتماعية الاقتصادية والسياسية في إقليم شمال وشرق سوريا جزء من هذا المشهد، حيث يواجه سكان الإقليم تحديات وتهديدات كثيرة متعلقة بتلك الأزمات، لذلك تبرز الحاجة إلى إعادة تسليط الضوء على الوضع المعاش من مفهوم الأمن الإنساني لتحليل بعض من تلك التحديات والتهديدات بشكل يساهم في الجهود المكرسة لإيجاد الحلول الممكنة للاستجابة لأكبر قدر ممكن من التحديات وإدارة الأزمات باتجاه الحل.

يتناول العددان 11-12 من مجلة دراسات استراتيجية الدراسات التالية:

  •  تركيا تفقد موقعها الجيوستراتيجي يوما بعد يوم – منذر شيار.
  • الأزمات المستجدّة في شرق المتوسط ومساراتها – مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية.
  • الطاقة (البترول والغاز) كعامل مؤثّر في الأزمة السورية – شرفان سيف الدين.
  •  الأمن الإنساني في إقليم شمال وشرق سوريا – مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية.
  • تنظيم داعش والايديولوجية – د: أحمد سينو.
  • المكاسب في ظل التهديدات الإيرانية والتركية والخلافات العائلية – كرديار دريعي.

لتحميل المجلة اضغط على الرابط التالي : دراسات استراتيجية العددان 15-16

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush