تقرير تحليل بيانات حول استبيان: السياسات الدولية وحقوق الكرد في سوريا
بهدف استقصاء آراء المعنيّين بشأن السياسات الدولية تجاه القضية الكردية في سوريا، ودور الإدارة الذاتية كعامل استقرار مستقبلي، ولفهم تأثير ازدواجية المعايير الدولية على تحقيق العدالة الشاملة وضمان حقوق جميع المكونات السورية؛ قام قسم الاستبيان في المركز بإعداد استبيان إلكتروني استمرّ لمدة خمسة أيام منشورًا على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك من تاريخ 24/12/2024 ولغاية 29/12/2024
وقد ظهرت من خلال هذا الاستبيان رغبة قوية لدى العينة المستطلَعة في تناول قضايا الإدارة الذاتية وحقوق الكرد في سوريا، حيث تم تصميمه لتقييم المواقف تجاه السياسات الدولية والإقليمية المتعلّقة بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وتأثير غياب الاعتراف الدولي على الحل السياسي، ودور التدخّلات التركية في زعزعة الاستقرار.
ملخّص النتائج:
تم جمع إجابات من 79 مشاركًا حول ثلاثة محاور أساسية، وجاءت النتائج كما يلي:
- الإدارة الذاتية كنموذج للاستقرار السياسي والاجتماعي:
89.9% من المشاركين (71 من أصل 79) يرون أنّ الإدارة الذاتية تمثّل نموذجاً مناسباً لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.
3.8% فقط (3 مشاركين) رفضوا هذا الطرح.
لم يُظهر أي من المشاركين حالة عدم تأكد.
- 2. تأثير غياب الاعتراف الدولي:
98.7% من المشاركين (78 من أصل 79) أكّدوا أنّ غياب الاعتراف الدولي بمكتسبات الكرد والإدارة الذاتية يزيد من تعقيد الحلّ السياسي في سوريا.
1.3% فقط (1 مشارك) رفض هذه الفرضية.
لم يكن هناك مشاركون غير متأكّدين.
- 3. التدخّلات التركية كتهديد للاستقرار:
96.2% (76 من أصل 79) اعتبروا التدخّلات التركية تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة وتحقيق العدالة.
3.8% (3 مشاركين) عارضوا ذلك.
لم يُظهر أي من المشاركين حالة عدم تأكّد.
تحليل النتائج:
- الإدارة الذاتية كنموذج للاستقرار:
تشير النسبة المرتفعة للمشاركين المؤيّدين للإدارة الذاتية (89.9%) إلى اعتراف واسع النطاق بنجاح هذا النموذج في تمثيل مختلف مكوّنات المجتمع السوري. يبدو أنّ الإدارة الذاتية تمثّل خياراً عملياً ومرغوباً من قبل شريحة كبيرة من المهتمّين بالشأن السوري، خاصة أنّها أثبتت فاعليتها في تعزيز التعاون بين الكرد والعرب والسريان وغيرهم، وفي توفير الخدمات الأساسية رغم التحدّيات.
- غياب الاعتراف الدولي:
نسبة 98.7% من المؤيّدين تؤكّد أنّ هناك إجماعًا شبه كامل على أنّ غياب الاعتراف الدولي بالإدارة الذاتية يعقّد المشهد السياسي. يمكن تفسير ذلك بأنّ الإدارة الذاتية، رغم نجاحها المحلّي، تظلّ معرّضة للضغوط الخارجية والداخلية، خاصة مع غياب مظلّة حماية دولية تضمن استمرارها كمكوّن شرعي في أي عملية انتقالية.
- التدخّلات التركية:
رأى 96.2% من المشاركين أنّ التدخّلات التركية تمثّل تهديداً للاستقرار وتحقيق العدالة. يُظهر هذا الموقف أنّ المجتمع السوري والمهتمّين بالشأن العام يرفضون بشكل كبير السياسات التركية التي تستهدف المناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري ومناطق الإدارة الذاتية، سواء من خلال العمليات العسكرية أو تغيير التركيبة السكانية.
التفسيرات والدلالات:
- وعي متزايد بدور الإدارة الذاتية: النتائج تعكس فهماً عميقاً لدى المشاركين بأهمية الإدارة الذاتية كحالة فريدة تحقق تطلّعات سكان شمال وشرق سوريا، لا سيّما أنّها وفّرت نموذجاً متقدّماً للحكم اللامركزي والديمقراطي.
- ازدواجية المعايير الدولية:
التأييد الكبير لفرضية تأثير غياب الاعتراف الدولي يعكس إحباطاً عاماً من السياسات الدولية التي تتّسم بازدواجية المعايير. رغم التضحيات الكبيرة التي قدّمتها الإدارة الذاتية، لا تزال تُعامَل على المستوى الدولي كشريك غير رسمي في إدارة الملف الإنساني والسياسي في شمال وشرق وسوريا أو أي صيغة أخرى.
هذا الموقف يبرز الحاجة إلى إعادة النظر في السياسات الدولية تجاه المكوّنات السورية بما يضمن العدالة والاعتراف المتوازن.
- رفض التدخّل التركي: التوافق شبه التام على خطورة الدور التركي يشير إلى أنّ المجتمع المستطلع يعبّر عن موقف واضح مناهض لانتهاكات حقوق الإنسان، والتغيير الديموغرافي، والقمع الممنهَج الذي تمارسه تركيا في المناطق المحتلة من الشمال السوري، وخاصة الانتهاكات بحقّ الكرد.
التوصيات:
- تعزيز الاعتراف الدولي بالإدارة الذاتية: يجب على القوى الدولية اتخاذ خطوات عملية نحو الاعتراف بالإدارة الذاتية كجزء من الحل السياسي في سوريا، مع ضمان حماية مكتسباتها ومنع التدخّلات الخارجية.
- الضغط على تركيا لوقف الانتهاكات: ينبغي أن تُفرَض عقوبات واضحة وصريحة على السياسات التركية التي تهدّد السلام والاستقرار في شمال سوريا. كما يجب فتح تحقيق دولي في الانتهاكات الموثَّقة لضمان تحقيق العدالة.
- تسليط الضوء على تجربة الإدارة الذاتية: توجيه الجهود الإعلامية والسياسية لتوضيح دور الإدارة الذاتية كمصدر استقرار وأمان لمكوّنات المنطقة. يمكن القيام بذلك من خلال بناء تحالفات مع منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية.
- تعزيز الحوار بين المكوّنات السورية: تشجيع الإدارة الذاتية على مواصلة نهجها في إشراك مختلف مكوّنات المجتمع السوري لضمان استمرارية هذا النموذج، مع العمل على تطويره لمواجهة التحدّيات.
تعكس نتائج الاستبيان موقفاً واضحاً يدعم حقوق الكرد ودور الإدارة الذاتية كنموذج للاستقرار، مع رفض شبه كامل للسياسات الدولية والإقليمية التي تتّسم بالازدواجية والانتهازية. ولتحقيق مستقبل أكثر عدالة واستقراراً في سوريا، يجب أن تكون السياسات الدولية أكثر شمولاً وإنصافاً لجميع المكوّنات، مع ضمان تمثيل عادل للإدارة الذاتية والكرد في الحلول السياسية القادمة.