نتائج استبيان عن تداعيات دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد

يعد ملف المقاتلين الأجانب من أبرز الملفات التي يدور النقاش حولها في المستوى الوطني السوري، وتتجه في مسار يؤدي إلى تفاقم في أزمة الثقة بين سلطة دمشق وكل من المجتمع المحلي السوري والمجتمع الدولي، استناداً إلى رفض معظم القوى الرئيسية السورية لسياسة تفضيل المقاتلين الأجانب في المناصب العسكرية الحكومية (وزارة الدفاع) ومحاولات إضفاء الشرعية عليهم بتجنيسهم الهوية السورية رغماً عن إرادة غالبية السوريين، بالإضافة إلى تورط العديد من هؤلاء المقاتلين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق العديد من المجتمعات السورية في سياق الأزمة السورية كان آخرها الانتهاكات التي ارتكبت بحق العلويين وباقي الطوائف الشيعية في غربي سوريا، بالتوازي مع المذكرات القضائية المقامة عليهم في البلدان التي ينحدرون منها. كما أن المجتمع الدولي وبشكل خاص الدول الغربية وبعض الدول العربية كـ مصر والعراق يعتبرون ملف هؤلاء المقاتلين أحد أسباب عدم التطبيع الكامل مع سلطة دمشق واستمرار العقوبات على الدولة السورية.

قدمت سلطة دمشق الكثير من الذرائع لاستمرار احتفاظها بهؤلاء المقاتلين، وإبراز فضائلهم في محاربة النظام البعثي، والتذرع بزواجهم من سوريات وانفتاحهم على الاندماج في المجتمع السوري، ودراسة قوانين لتجنيسهم، دون تقديم تفسيرات عن الهدف الأساسي الذي دفع هؤلاء للقدوم إلى سوريا ومدى احترامهم للهوية الوطنية السورية، ومدى التزامهم بهوياتهم الوطنية في البلدان التي انحدروا منها، فعلى سبيل المثال: الإيغوري من المستحيل أن يتحول إلى سوري من الناحية الاجتماعية والثقافية، ويحمل قضية وجودية خاصة به وهو “تحرير إقليم تركستان الشرقية” من الصين وفقاً لأيديولوجية “الحزب الإسلامي التركستاني” ونفس الأمر بالنسبة للمقاتلين المنحدرين من اسيا الوسطى والقوقاز والدول العربية. من ناحية أخرى تفتقر سوريا في الوقت الراهن إلى دستور وطني وقانون اجتماعي يستجيب لمثل هذه القضايا، وتندرج معظم سياسات سلطة دمشق في هذه الملف على تقوية سلطتها بتعيين هؤلاء في المراكز العسكرية الحساسة وتحويلهم إلى ميليشيا للسلطة المركزية، وما يعزز هذا الاعتقاد وجود العشرات من المقاتلين الأجانب في تنظيمات إسلامية أخرى تعتبر معترضة على سياسة التستر بـ”البدلة والكرافتة” الليبرالية لإقامة نظام إسلامي سني مثل القاعدة وداعش وحزب التحرير الإسلامي.

تشير معظم الآراء التي تقصاها مركز روجآفا للدراسات الاستراتيجية إلى أن فرض الحلول لملف المقاتلين الأجانب يشكل تهديداً للأمن الوطني السوري، ويتطلب الأمر توافقاً وطنياً، من ناحية أخرى يمكن استثمار هذا الملف لبناء الثقة مع البلدان التي ينحدرون منها والمجتمع الدولي بتقديم تعهدات موثوقة بعدم تشكيلهم خطراً على الأمن والسلم الدوليين والتعامل معهم كمواطنين عاديين وفقاً للمعايير القانونية، بشرط عدم تورطهم في انتهاكات بحق المواطنين السوريين، وهذه أمور يتم مناقشتها من قبل المختصين في القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية ومعالجة المشكلات في إطار العدالة الانتقالية.

تتقاطع معظم الآراء المتداولة حول ملف المقاتلين الأجانب حول أربع قضايا على المستوى الوطني السوري، ذات أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وأمنية، يؤثر عليها هذا الملف وتشكل تداعياتها هواجس لكافة المكونات السورية، وهي: الهوية الوطنية السورية، والتماسك الداخلي، والطوائف، وتأسيس الجيش السوري الجديد. وبغرض تحديد أكثر القضايا الدارجة في نقاشات المهتمين بالشأن السياسي، والتي على أساسها يتم استبيان الموقف العام؛ وفي سبيل معرفة رأي المهتمين حول التداعيات الكامنة وراء دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد، تم إعداد استبيان إلكتروني (الكتروني- يوتيوب) مكون من سؤال واحد مغلق، وتم نشره بتاريخ 2025.05.11 وتم إنهاءه بتاريخ 2025.05.19 وشارك فيه عينة من المهتمين بالشأن السياسي، وذلك بالشكل التالي:

السؤال: برأيك ما هي أبرز تداعيات دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد؟

1- يرسخ الطائفية     2-يضعف الهوية الوطنية    3-يزيد الانقسام الداخلي     4-يعزز من قوة الجيش السوري

وكانت الإجابات بالشكل التالي:

أكدت غالبية العينة (58%) على أن ازدياد الانقسام الداخلي يعد أبرز “تداعيات دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد”، وتشير هذه النسبة إلى مدى القلق الذي يساور المهتمين بالشأن السياسي حيال الاتجاه الذي تسير فيه عملية إعادة بناء النظام السياسي والأمني للدولة السورية، خاصة أن جميع المقاتلين الأجانب لا ينتمون إلى الثقافات المحلية، وقد يجمعهم الإسلام بنسبة ما مع المجتمعات السنية إلا أنهم سيبقون غرباء عن التاريخ السوري وعن باقي المكونات السورية، كما أن دمجهم في مؤسسة عسكرية مسؤولة عن الدفاع عن البلاد يشكل خطراً كبيراً مقارنة بدمجهم في الحياة المدنية استناداً إلى تجارب الدول في دمج اللاجئين في الحياة الثقافية والاجتماعية. كما أن مشاركة الأجانب في المؤسسات ذات المهام المصيرية أو إدارتها يجعل السكان الأصليين في حالة عدم يقين تجاه هذه المؤسسات في مواجهة التهديدات والأخطار الخارجية خاصة أن جميع هؤلاء المقاتلين سافروا إلى سوريا لهدف إيديولوجي يتمثل بإقامة دولة إسلامية لا تعترف بالحدود القائمة بين الدول وأوطان الشعوب ولم يأتوا لتحرير سوريا والسوريين من ظلم النظام البعثي ومن ثم المغادرة أو الاندماج في المجتمع السوري في إطار الهوية الوطنية، لذلك فإن تجنيس مثل هؤلاء بالهوية السورية وإدارتهم لشؤون السوريين سيخلق نوع من الاغتراب بالنسبة للمجتمعات السورية المحافظة على ثقافتها وأعرافها خاصة أن الكثيرين من المقاتلين ارتكبوا انتهاكات بحق السوريين في سياق مشاركتهم في المعارك بين التنظيمات الإسلامية والمعارك التي خاضوها في المدن والأرياف ضد قوات النظام البعثي، وكثيراً ما يتداول المثقفون تساؤلات عن “كيفية دفاع شخص أجنبي عن الهوية السورية بعد أن فشل في حماية هويته الوطنية وهجر بلاده التي يزعم أن شعبه يتعرض للظلم على يد النظام القائم فيها”، الأمر الذي يشير إلى عدم الثقة بهم كونه من الممكن أن يعملوا على خدمة اجندات أخرى غير حماية الوطن وهو ما يعزز الشكوك ويضعف الثقة بالجيش. وبالتالي لا يمكن إنكار الهواجس حول تحول هؤلاء المقاتلين إلى سببٍ لإضعاف الهوية الوطنية وهو ما أكدت عليه 20% من العينة، حيث تعبر هذه الاستجابة عن جانب آخر من قضية الانقسام الداخلي التي أكدت عليها غالبية العينة.

بخصوص قضية الطائفية التي باتت هاجس كل السوريين خاصة بعد الانتهاكات التي ارتكبت بحق العلويين والدروز والمسيحيين، ترى نسبة 21% من العينة أن “ترسيخ الطائفية” يعد أبرز تداعيات دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد، ويعكس هذا الرأي السياسة الطائفية التي تنتهجها سلطة دمشق في كتابة الدستور الخاص بها ومعايير صياغة القوانين والقرارات، وترسيخ سلطة الطائفة السنية على الشعب السوري المتنوع في معتقداته وثقافاته. كما أن الجيش الذي يرتكز على طائفة محددة لا يمكن أن يتحول إلى جيش وطني، ويعد بشكل من أشكال استهتاراً بتضحيات مكونات الشعب السوري لرفع الظلم عن نفسه وطموحاته لبناء دولة المواطنة. من ناحية أخرى يتبنى جميع المقاتلون الأجانب أيديولوجيا إسلامية متطرفة تكفر المكونات التي لا تنتمي إلى الطائفة السُنية ولا تتبنى المذهب الخاص بهم، ومعاركهم فيما بينهم وهجماتهم على المكونات الأخرى أبرز دليل على هذه الحقيقة.

وتشير النسبة المتدنية جداً (1%) إلى أن أبرز تداعيات دمج المقاتلين الأجانب هو تعزيز قوة الجيش السوري، إلى عدم اقتناع معظم العينة بالمبررات التي تُقدمها سلطة دمشق لفرض دمج هؤلاء المقاتلين في وزارة دفاعها وتقوية جيشها، من ناحية أخرى تشير هذه النسبة إلى اهتمام العينة بتعزيز قوة الجيش السوري الذي استخدم على مدار عقود لقمع الشعب السوري. وتشير معظم التفاعلات والتعليقات على الاستبيان إلى وجود إشكالية في تعريف الجيش السوري، وأمكن ملاحظة التساؤلات التالية في سياق التفاعلات، هل الجيش السوري الجديد سيكون جيش النظام لفرض سلطته؟ أم جيش الشعب للدفاع عن وجوده؟ ومن المفروض أن تكشف الفترة القادمة عن الكثير من الحقائق المتعلقة بهذا الملف. وبالتالي فإن دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد يزيد من الانقسام الداخلي، وتشير التجارب العالمية إلى أن أي مشروع لتشكيل الجيش الرسمي لا يستند إلى إرادة الشعب سيواجه بالرفض المجتمعي والسياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush