التقارب السوري – التركي
جلسة حوارية
عقد مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية بتاريخ 10-8-2024 جلسة حوارية عبر تطبيق (زووم) بعنوان: (التقارب بين النظامين السوري والتركي وتداعياته على المنطقة)
ضيوف الجلسة:
- علي رحمون (نائب الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية)
- فاتح جاموس (معارض سوري)
- قاسم الخطيب (معارض سوري)
تناولت الجلسة المحاور التالية:
- هدف الاحتلال التركي من التقارب مع حكومة دمشق، المواقف الدولية والإقليمية.
- سيناريوهات التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي.
- التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي، وحل الأزمة السورية.
في المحور الأول تحدّث السيد قاسم الخطيب عن أهداف الاحتلال التركي، وأكّد أنّ الاحتلال التركي يسعى من خلال هذا التقارب إلى محاربة أي مشروع وطني سوري وتعزيز نفوذه والعمل على مشروعه التاريخي بالهيمنة على المنطقة؛ لأنّ لديه مشروعًا قديمًا جديدًا وهو المشروع العثماني، كما يهدف لامتصاص نقمة وغضب الشارع أو المعارضة التركية، هذه المعارضة التي تحرّض دائما على حزب العدالة والتنمية وبنفس الوقت تحرّض على أردوغان وحكومته بشكل شخصي، ويسعى الاحتلال التركي أيضًا لإرضاء الحليف الروسي، لأنّ التقارب بين النظام السوري وأنقرة يخدم المشروع الروسي.
وأشار الخطيب إلى أنّ الكرد ليسوا وحدهم موجودون في شمال وشرق سوريا وكذلك في شمال غرب سوريا، لذا؛ فإنّ المستهدف هو الشعب السوري في مشروعه الوطني.
ونوّه إلى أنّه يمكن تغيير الاتفاقات القديمة التي كانت موقّعة قبل عام 2011 وستكون هناك سلطة أمر واقع إذا ما حدث أي تقارب، وهذه الاتفاقات في الأيام القادمة أو المراحل القادمة تعطي لتركيا الحق في التدخّل أكثر وأكثر في الشأن السوري، وتعطيها الحق في أن تعتبر تلك المنطقة (المحتلّة من قبل قواتها ومن قبل أذرعها) سلطة أمر واقع ولا تراجع عنها.
أمّا السيد علي رحمون
فقد أكّد أنّ تركيا لديها أطماع لعلها تستطيع من خلال سياسة “القضم التدريجي قطعة قطعة” أن تحقّق ما سُمّي بالـ “ميثاق الملّي” وهي (تركيا) تعاني من مشكلة داخلية على الصعيد الاقتصادي والسياسي. والخروج من هذه المشكلة يكون من خلال إرضاء الحليف الروسي، وتحاول العودة إلى اتفاقات “سوتشي” التي لم يتحقّق إلّا جزء بسيط منها، واتفاقات “سوتشي” كانت برعاية روسية وإيرانية وتركية.
وأكّد السيد رحمون أنّ هذه المسألة معقّدة جدًّا، ومن الصعب جدًّا أن تحقّق تركيا ما تطمح إليه من جهة، وكذلك من الصعوبة تحقيق ما يحاول النظام السوري الوصول إليه من جهة أخرى، ونوّه إلى أنّ ما يتمّ تصوّره في حالة التطبيع بين النظام السوري وتركيا هي حالة إعلامية أكثر من أن تكون حالة حقيقية واقعية على الأرض.
بخصوص اتفاقية أضنة؛ قال السيد علي رحمون: “نستطيع القول أنّ الاحتلال التركي سيوسّع هذه الاتفاقية إن استطاع”. وأشار إلى أنّه ضمن عملية التطبيع بين الحكومة التركية والنظام السوري هناك أكثر من إشارة إلى ذلك ضمن هذه الاتفاقات؛ وهي حفظ أمن الحدود، وبالتالي؛ كانت هناك أراء من قبل الحكومة التركية ترى بوجوب أن يمتدّ الشريط الحدودي الذي يحقّق لها أمنها بعمق 30-40 كم، وبالتالي؛ حسب اتفاقية أضنة كانت 5كم أما اليوم فأصبح أكثر بكثير.
وطرح السيد رحمون، بهذا الخصوص، عدّة تساؤلات:
- السؤال الحقيقي: لماذا يجب أن يكون حماية حدودها في العمق السوري وليس ضمن الجغرافية المعترف بها كحدود الدولة على الجانبين على سبيل الافتراض؟
- ممّ يجب حماية حدود تركيا؟ هل لدى السوريين حشود عسكرية في مواجهة تركيا؟
بل على العكس؛ فمن يستخدم القوة ويستخدم العنف هي الحكومة التركية، وهي التي احتلّت وتحتلّ ومازالت تهيمن وتسيطر على الكثير من الجغرافية السورية، بالتالي؛ قد تكون تطمح لتثبيت ما تم تحقيقه على الأرض السورية من خلال المعاهدات والاتفاقات.
- هل تنجح تركيا في تحقيق ذلك؟ وهل هناك مناخ موضوعي وذاتي يسمح لها بذلك؟ أعتقد أنّه لن يسمح لها هذا الظرف بذلك، لذا؛ تحاول تصدير أزمتها الداخلية من جهة، والاستجابة للضغط الروسي من جهة ثانية.
السيّد فاتح جاموس أكّد أنّ الوضع في سوريا بالمجمل هو وضع غير طبيعي؛ فهو في مستوى من الأزمات الوطنية وليس له شبيه في عصر تشكيل الرأسمالية؛ وهي نوع من الانقسام الوطني العميق على كلّ المستويات.
وقال: “بصفتنا سوريين علينا أن نفكّر من منظور جيوسياسي ومن منظور استراتيجي… أمّا موضوع العلاقة مع تركيا فإنّ السلطة السورية تعتقد جازمة أنّ تأثيرات الأزمة السورية على تركيا تسمح لها بتحقيق العديد من المكاسب عدا الأولويات.
كما تطرّق السيد فاتح جاموس إلى العديد من النقاط المتعلّقة بمجلس سوريا الديمقراطية، والعلاقة بين النظام السوري ومجلس سوريا الديمقراطية وما تسمّى المعارضة.
المحور الثاني: سيناريوهات التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي
تحدّث السيد قاسم الخطيب عن سيناريوهات التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي وتأثيرها على مناطق غرب الفرات جغرافيًا واجتماعيًا، والخيارات المتوفّرة لدى الشعب لسدّ الطريق أمام السياسات التي تستهدف وجوده وكيانه.
في البداية وضّح السيد الخطيب موقف السوريين؛ وأكّد أنّ السوريين المهجّرين من كل المناطق السورية، سواء من درعا أو حمص أو ريف دمشق أو من هنا وهناك، أعتقد أنّهم عبّروا عن موقفهم من خلال المظاهرات والاعتصامات ضدّ التقارب التركي – السوري.
ثم تحدّث عن السيناريوهات؛ وأكّد أنّ العراق عمل من أجل هذا التقارب واليوم تعمل موسكو، وذكر تصريح السيد بوغدانوف (المبعوث الروسي للشرق الأوسط) “أنّ موسكو مستعدّة لإنجاح هذا اللقاء”.
وتابع الحديث: “إنّ اللقاء سيكون أولا على مستوى القمة، وبنفس الوقت لن يكون للمعارضة السورية (التي خرجت منذ آذار 2011) أي دور في هذا التقارب؛ لأنّ المعارضة السورية أساسًا، وعلى رأسها الائتلاف، لا يتكلّم أو لا يصرّح باسم المعارضة السورية ولا باسم مصالح الشعب السوري، وإنّما يأتمر بأمر الأجهزة الأمنية التركية، وسواء الائتلاف أو الحكومة السورية التي يعتبرونها الحكومة المؤقّتة، تتبنّى أي تصريح حسب ما يتّفق مع مصالحها”.
وأشار إلى أنّه في حال حدوث هذا التقارب سيكون هناك اجتماع للجان أمنية واستخباراتية وسياسية، كما أنّ المعارضة السورية ومن يمثّل هذه الثورة بعيدون كلّ البعد عن تلك الاجتماعات، ولا أحد سيستفيد (سوريين أو معارضة سورية)، وسيكون مضرًّا لكلّ السوريين ويبدأ تسليم مَن عارض هذا النظام، وفي نفس الوقت ستعمل حكومة دمشق وأجهزته الأمنية أيضًا بتسليم مَن عارض أردوغان من داخل سوريا.
ونوّه السيد قاسم الخطيب إلى أنّ هذا الأمر (التقارب) بعيد المنال؛ وذلك لأنّ الفاعلين فيه من داخل سوريا كثر، وهذا التقارب يتطلّب في النهاية قرارًا دوليًا، والقرار الدولي غير جاهز للتقارب، وإنّما لا يتجاوز الأمر تصريحات لوسائل إعلامية تركية وتصريحات للنظام السوري يصرّح، وهي عبارة عن (مسك العصى من المنتصف) لردع السوريين هنا وهناك.
فيما تحدّث السيد علي رحمون عن التقارب وأكّد أنّ الشروط المطلوبة من الطرفين غير قابلة للتحقّق؛ فتركيا لها شروط مطلوبة من النظام السوري، وللنظام السوري شروط أيضًا، والطرفان غير جاهزين لتحقيق هذه الشروط؛ لأنّ مضمون الشروط العامة التي تقدّمها تركيا هي الدخول في العملية السياسية وفق القرارات الدولية، والنظام حتى اليوم غير قادر على تحقيق ولو جزء بسيط منه.
وتابع السيد علي رحمون حديثه: من المفروض علينا نحن كمناطق إدارة ذاتية وكقوى وطنية سورية أن نكون يدًا واحدة في مواجهة الاحتلال التركي والنظام السوري على حدّ سواء؛ لتحقيق الحلّ السياسي الذي يمكن أن يحقّق لنا بعضًا من الشروط التي تعيد لنا ما بدأ به السوريون، وهو تحقيق الحرية والكرامة، وبالتالي؛ لابدّ من وجود مناطق فيها نوع من الاستقرار لتحقيق هذه الشروط، وهذا يوضّح المحاولات المستمرّة لزعزعة الأمن والاستقرار في مناطق شمال شرق سوريا، بدءًا من دير الزور، لخلط الأوراق من جديد وكأنّها رسالة من قبل النظام للأتراك بأنّني أقوم بمواجهة قوات قسد، أو محاولة لدغدغة مشاعرهم من جهة، ومن جهة أخرى هناك تأثير إيراني على المنطقة، لذلك خلط الأوراق من قبل إيران على أساس مواجهة أمريكا وقوى الإرهاب وما شابه ذلك. وأكّد السيد علي أنّ اعتمادهم على أدوات إرهابية لن يكون إلّا لصالح الإرهاب وليس في صالح ما يصبون إليه جميعًا.
فيما يخصّ الخطوات التي اتّخذتها الإدارة الذاتية لسدّ الطريق أمام تداعيات التقارب بين الاحتلال التركي وحكومة دمشق على مناطق شمال وشرق سوريا، قال السيد علي رحمون:
“لا يمكن أن نكون مع التطبيع على حساب الشعب السوري، لكن أي حلّ سياسي يحقّق مصالح الشعب السوري سندعمه”. ودعا السيد علي كل القوى الوطنية، وكل الشرفاء في الشمال الغربي وفي الداخل السوري إلى التواصل وإيجاد رؤية مشتركة، بناءً على توافقات ناتجة عن الحوارات المشتركة، للوصول إلى ما يحقّق الأمان والسلام للجميع في كل المناطق السورية، وليست في منطقة واحدة.
المحور الثالث: التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي، وحلّ الأزمة السورية
في جوابه عن سؤالنا حول التقارب بين حكومة دمشق والاحتلال التركي، وحلّ الأزمة السورية أجاب السيد قاسم الخطيب:
إنّ المسألة السورية أبعد وأعمق من أي تفاهم يجري بين دمشق وأنقرة، وحلّ الأزمة السورية يتطلّب موقفًا دوليًا؛ فهناك قرارات دولية، واليوم نحن بحاجة إلى موقف دولي وتفاهمات كبرى، وستكون دمشق وأنقرة جزءًا من هذه التفاهمات ولن تكون دمشق ولا أنقرة الأساس في حلّ الأزمة السورية، ولا يمكن أن تكون دمشق وأنقرة فاعلة في حلّ الأزمة السورية، وهذا التقارب سيبقى جزئيًا ما لم يكن هناك اتفاق دولي على حلّ الأزمة السورية بشكل منفرد دون حلّ الأزمة في منطقة الشرق الأوسط ككل.
وتابع السيد علي: إنّ حلّ المسألة السورية من خلال الشعب السوري يحتاج إلى مشروع سوري – سوري، مشروع وطني لتوحيد القوى الديمقراطية التي تم تحييدها منذ عام 2011 وحتى هذا التاريخ، قسم منها حيّدته أطراف عربية، وقسم آخر حيّدته أطراف إقليمية وعلى رأسها تركيا وإيران، أمّا نحن كقوى ديمقراطية فلم نتمثّل بشكل فعلي ولم نأخذ دورنا الحقيقي على مدار 13 سنة التي مضت من تاريخ الأزمة السورية.
ودعا السيد قاسم إلى مؤتمر للقوى الديمقراطية ككل، ويُمثّل مثل الخط الوطني في أيّ حلّ سياسي مستقبلي، وأكد أنّه لا النظام استطاع أن يخدم السوريين ولم ينفّذ أي مطلب من مطالب السوريين، وبنفس الوقت لم يستطع المجتمع الدولي حتى الآن أن يقدّم شيئًا لحلّ الأزمة.
ودعا السيد قاسم أيضاً الإدارة الذاتية إلى خلق البيئة الآمنة للسوريين، وأكّد أنّهم سيعودون بالآلاف إلى مناطق شمال وشرق سوريا، التي تشكّل بيئة آمنة للحوار والتفاعل وعقد مؤتمر سوري – سوري لتوحيد القوى الديمقراطية.
ووجّه السيد قاسم رسالة إلى مجلس سوريا الديمقراطية عن طريق السيد علي رحمون؛ مفادها: أنّه (إذا توفّرت البيئة الآمنة للسوريين ستفتح كل الأبواب لعودة السوريين الموجودين على الأراضي التركية إلى مناطق شمال وشرق سوريا، ويبدأ المشروع الوطني الحقيقي لكافّة السوريين)
وفي حديثه حول ما إذا كان الحوار بين شرق الفرات وغربه سيكون نقطة البداية للحوار السوري – السوري، ولحل الأزمة السورية، قال السيد قاسم الخطيب: إذا ما كان غربي الفرات متطرّفون، فمن تحاور؟ جبهة النصرة أم الجولاني أم تحاور المؤتمرين بإمرة الأتراك إذا كان على رأسهم رئيس الائتلاف الأسبق الذي يصرح ويهاجم شرقي الفرات يومياً.
وأكّد السيد قاسم على مسألة القوى الديمقراطية التي لم تأخذ حقّها الطبيعي بتمثيل الشعب السوري، وأنّ هناك الكثير من القوى الديمقراطية والشخصيات الوطنية السورية الوازنة التي تحلم بسوريا دولة خالية من الإرهاب والاستبداد للقيام بهكذا مشروع.
وأشار إلى أنّ هذه المبادرة غير موجودة، ومرة أخرى دعا السيد قاسم خلال الجلسة السيد علي رحمون لتبدأ (مسد)، كحاضنة سياسية في شرق الفرات، بفتح الأبواب على مصراعيها للقوى الديمقراطية من أجل عقد مؤتمر وطني لهذه القوى، والعمل على بناء وطن مستقبلي لكل السوريين.
وفي نهاية الجلسة أجاب السيد قاسم عن بعض التساؤلات حول مصير الهياكل التي تشكّلت منذ بداية الأزمة السورية، والتي مثّلت المعارضة، وعن إرسال عناصر ما يسمّى بالجيش الوطني إلى شمال العراق لمحاربة حزب العمال الكردستاني (والتي طرحها بعض المشاركين في الجلسة).
الجدير بالذكر أنّ هذه الجلسة تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي يقوم بها مركز روجافا للدراسات الاستراتيجية بشكل دوري، لتسليط الضوء على أبرز القضايا المحلية والاقليمية والدولية ومناقشتها مع الباحثين والمختصّين، تلك القضايا التي تؤثّر بشكل مباشر أو غير مباشر على الوضع في سوريا عمومًا ومناطق شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص.
متايعة الجلسة الحوارية عبر الرابط ادناه: