تشتت المعارضة وتراجع أردوغان

الكرد مع من ؟؟؟؟

تشهد تركيا خلال الفترة الأخيرة تشنجات ومناكفات بين الأحزاب الرئيسية حيال سياسة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، فالأحزاب المعارضة لم تصل بعد إلى مستوى تمثيل حقيقي بحيث تكون قادراً على احتواء الوضع الداخلي وما يمر به من تسارع وتيرة التراجع الاقتصادي وتدهور الحالة المعيشية وخاصة بعد تدهور الليرة التركية، بالإضافة إلى المسألة الكردية، والمناقشات التي تجري حول إجراء انتخابات مبكرة.

فالمتابع لما هو مستجد على الساحة السياسية التركية سيرى مزيداً من التقلبات التي ستنعكس سلباً على الشأن الداخلي، لإصرار العدالة والتنمية على سياساته التي تؤرق كاهل المجتمع، من التدخلات واحتلال الدول المجاورة، واحتكار عجلات الاقتصاد بالفئة السياسية المقربة من أردوغان والعدالة والتنمية، أدى بالاقتصاد وخاصة بالعملة إلى التخبط وخسارة الكثير من قيمتها، وتورطه في قضايا الفساد، ما تسبب في حدوث أزمة مالية واقتصادية كبيرة، توسعت رقعتها لتشمل قطاعات الكهرباء والبنزين والماء وكافة خدمات القطاع العام بعد الزيادات المتتالية على هذه الخدمات لتصل الزيادة إلى نسبة عالية تتراوح بين 100 إلى 120%.

وبحسب زعيم حزب الديمقراطية والتقدم علي بابا جان الذي كان وزيراً للاقتصاد في حكومات أردوغان المتتالية حتى عام 2016، أكد على تراجع الاحتياطات المصرف المركزي إلى ناقص 60 مليار دولار مع احتمالات قوية لإفلاس الخزانة في القريب القادم.

بالإضافة إلى كم الأفواه وقمع أصوات المعارضة في مختلف القطاعات من مؤسسات المجتمع المدني إلى البرلمانيين منذ عام 2016 بعد المحاولة الانقلابية المزعومة، والسيطرة على حوالي 95% من وسائل الإعلام الخاصة والإعلام الحكومي بأكمله.

أدت جميع هذه الوقائع إلى خسارة حزب العدالة والتنمية لشرائح واسعة من القواعد الاجتماعية التي تؤيده، ولكن افتقار الأحزاب المعارضة إلى برنامج إصلاحي ضمن تكتل موحد، يزيد من استمرارية أردوغان في قمعه وبطشه بحق المجتمع الكردي والتركي، على الرغم من التأكيدات التي يطلقها بعض رؤساء الأحزاب، حزب الشعوب الديمقراطي، وكمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، وعلي بابا جان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، على ضرورة إجراء انتخابات مبكرة لإزاحة أردوغان وحزبه من السلطة.

لا تزال القوى المُعارضة للعدالة والتنمية مشتتة وغير قادرة على استغلال الأزمات التي افتعلها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية المتطرفة، وبلورة رؤية إصلاحية تتضمن بما فيها تبني القضية الكردية وكيفية حلها، بالإضافة إلى حالة تباين واختلاف بين الأحزاب المعارضة من سياسة أردوغان الخارجية، بين الرفض والقبول، احتلال سوريا وليبيا خاصة، وهذا ما يؤثر بشكل كبير على عدم تبلور رؤية واضحة من حزب العدالة والتنمية،

 وأمام هذا الواقع يتجه الوضع التركي نحو نفق مظلم، في ظل حالة ترقب لما ستكون عليها تركيا بعد الانتخابات المقررة في حزيران يونيو في عام 2023، فيما تظهر تكهنات تفيد بإجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية العام الحالي، في حال اقتناع أردوغان بأنه لن يستطيع الفوز في الانتخابات القادمة، بالإضافة إلى اعتبارات دستورية تتضمن منع الرئيس من الترشح لولاية ثالثة، إلا في حال إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المحدد قانونياً وفق الدستور التركي.

وبحسب استطلاعات الرأي الرسمية الأخيرة تؤكد على عدم فوز أردوغان في الانتخابات القادمة، حيث بلغ نسبة التأييد له حوالي 40%، 33% لحزب العدالة والتنمية و 7% للحركة القومية (الائتلاف الحاكم).

 أما بالنسبة لأحزاب تحالف المعارضة، فقد توقّعت استطلاعات الرأي أن تحصل معاً على 44-46% (الشعب الجمهوري 25% – الحزب الجيد 15% – حزب المستقبل 2% – حزب الديمقراطية والتقدم 4%- حزب السعادة 1%- الحزب الديمقراطي 1%)، مقابل 12% لحزب الشعوب الديمقراطي، الذي دعم مرشحي المعارضة في العديد من المدن، ومنها اسطنبول وانطاليا ومرسين خلال انتخابات آذار/مارس 2019

وبناء على تلك الأرقام ومعدلات التصويت لكل حزب، يتصدر حزب الشعوب الديمقراطي واجهة المشهد السياسي التركي مجدداً، لكونه يملك مفاتيح المعادلة، وتغيير مسار نتائج الانتخابات في حال إجرائها.

 بعد انتخاب البلديات في عام 2019 ادركت أحزاب المعارضة أهمية الناخب الكردي ومدى الحاجة لحزب الشعوب الديمقراطي في كسب أية معركة انتخابية مقبلة، ويترافق مع ذلك وجود الكثير من النواب داخل حزب العدالة والتنمية أهمية استمالة حزب الشعوب الديمقراطي، ولكن نتيجة التركيب السياسي للائتلاف الحاكم، من العنصرين والقوميين المتطرفين، من المستبعد أن يقوم أردوغان بهكذا خطوة، ففي حال القيام بذلك هناك مسائل على أردوغان حلها وتغيير سياساته حيال الكرد، من إيقاف حملات الإبادة السياسية ضد حزب الشعوب الديمقراطي وإرجاع البلديات التي استولى عليه، والإفراج عن المعتقلين السياسيين والناشطين الكرد، وهذا يتطلب موافقة من القوميين وأرغنكون.

زر الذهاب إلى الأعلى