أردوغان وجولته لثلاث دول خليجية . أبعادها وآثارها

د. أحمد سينو

بعد فوز أردوغان بانتخاباته الأخيرة ، يترتب عليه القيام بالكثير من الأعباء التي تثقل كاهله ، مثل انهيار الليرة التركية أمام الدولار والتضخم الكبير في الاقتصاد التركي وغلاء المعيشة والبطالة التي بدأت تتفشى أكثر من السابق والضيق الشديد من عبء اللاجئين وبالأخص اللاجئين السوريين الذين باتوا ينافسون العمالة التركية في سوق العمل ، وفي جميع المؤسسات التركية كالمستشفيات والمدارس وغيرها ، والمحاولات القسرية بدأت بترحيل السوريين إلى مناطق رأس العين وتل أبيض وغيرها وهم غير أهلها الأصليين من إدلب وحلب الذين كانوا في الاصل موالين لتركية ومرتزقتها ،ولا يمكن التكهن أو الركون إلى السياسة الأردوغانية في المستقبل القريب خاصة بعد الاستدارة التركية الأخيرة نحو أمريكا والغرب الأوربي وتمرير صفقات بالحصول على طائرات اف 16 من الولايات المتحدة وتحديث السلاح التركي الجوي بقبوله انضمام السويد إلى الناتو والمطالبة بدخول تركية إلى الاتحاد الأوربي والثمن كان الالتفاف على صديقه بوتين رئيس روسيا الاتحادية بعد توقف مسار أستانة الذي خرج بوعود منها لا أكثر ودعوته الحالية للرئيس السوري بشار الأسد لزيارة تركية وأنقرة والمأمول منها أنها لن تحقق أي نجاح ، لأنه لن ينسحب من الأراضي التي احتلتها تركية في الشمال السوري مثل عفرين وإدلب ورأس العين وتل أبيض ،ولكنها قد تكون مناورة تركية جديدة يأمل منها الحصول على بعض المكاسب إن لم يكن من بشار الأسد ربما من العرب والمبادرة العربية بل وربما من إيران نفسها ، ومن الأعباء الأخرى التي يسعى أردوغان الحصول على مكاسب دوليه واقليمية كارثة الزلزال التي ضربت تركيا وابتزاز المجتمع الدولي والعربي والاسلامي ، لتنهال الهبات والمساعدات والقروض وغيرها على تركية وهي لاتزال ورقة فعالة في يده ، ثم هنالك ورقة مياه نهري دجلة والفرات التي لايزال يلعب بها مبتزاً الدول الإقليمية الجارة مثل العراق وسوريا والتي تتسبب بكارثة إنسانية حقيقية لقطعه المياه اللازمة لجيرانه ومدنهم في سوريا والعراق الذين باتوا على حافة العطش والاختناق ،ناهيك عن الجفاف الذي تتعرض له الاراضي الزراعية ، مما يسبب كارثة بيئية واقتصادية رغم محاولات رئيس وزراء العراق بحل هذه المسألة في زيارته الاخيرة إلى تركيا لينال العراق حصته النظامية والمقررة من مياه دجلة والفرات، والسؤال هل سيتغلب أردوغان على كل هذه المشكلات الإقليمية والداخلية ، أم ستكون أوراق سياسية يسعى إلى استغلالها لصالح بقائه في السلطة ويقضي على التضخم وانهيار الليرة التركية ،أم سيكون حلاً مؤقتاً إلى حين ، والجواب هو في زياراته لدول الخليج الهامة الثلاث ونعني المملكة العربية السعودية ومن ثم دولة قطر وأخيراً دولة الامارات العربية المتحدة ،ووفق وسائل الإعلام رافق الرئيس التركي في جولته الخليجية أكثر من 200 رجل أعمال في كافة الاختصاصات الصناعية والتجارية والاستثمارية وتم عقد منتديات اقتصادية مشتركة بين تركية والسعودية وبينها مع دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة ، ومن الواضح أن أردوغان سيحقق مكاسب تبلغ المليارات من الدولارات مع الدول الخليجية الثلاث المذكورة ومن أبرز هذه الصفقات صفقة سلاح المسيرات التركية التي تسمى البير قدار مع السعودية إضافة إلى إشراك المملكة السعودية في التصنيع، وضخ مبالغ مالية أكثر من 10 مليارات من الدولارات في الخزينة التركية، وقد بلغ حجم التبادل التجاري في النصف الاول من العام الحالي 2023م حوالي 3ونصف مليار دولار ،وفي هامش الزيارة قدم الرئيس التركي هدايا في الدول الخليجية التي زارها ، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد وأمير قطر سيارات توغ الكهربائية التركية كنوع من الإشارة إلى تقدم الصناعات التركية ،الأمر الذي دفع بالسعودية إلى توقيع 16 اتفاقية تعاون، والجدير بالذكر الإشارة إلى علاقات الصداقة والعلاقات القائمة بين دولة قطر وتركيا فقد وقفت الدولتين إلى جانب بعضهما رغم الاحداث والعواصف السياسية التي ضربت المنطقة فقد وقفت تركيا إلى جانب قطر ودعمتها في وجه الحصار السعودي الإماراتي لأن الجانبين يدعمان حركة الإسلام السياسي وخاصة الاخوان المسلمون لذلك كانت العلاقات بين الجانبين مستقرة وفي تنام وتطور تام فقد وقفت قطر أيضاُ إلى جانب تركية في ازمتها عندما ضرب الزلزال مناطق تركية وقدمت الدعم أكثر من غيرها لذلك نقول أن العلاقات بين الجانبين في تطور دائم ومستقر كما وقفت قطر إلى جانب تركية في أزمة اللاجئين ودعمت المشاريع الأردوغانية في بناء المساكن والمخيمات في عفرين وغيرها بمعنى أنها سوف تقوم بدعم الاقتصاد التركي ودعم الليرة التركية والتضخم بأقصى إمكاناتها ،

أما بالنسبة لجولة أردوغان في الامارات لم تكن أقل من سابقاتها من حيث التعاون والاستثمار فتهدف هذه الشراكة الوصول إلى 40 مليار دولار في غضون 5سنوات وتم تأسيس صندوق بقيمة 10 مليار دولار لدعم الاستثمارات في تركية ،وهذا ما يجعل تركيا من بين أهم عشر دول أساسية شركاء في التنمية والبناء في دولة الإمارات العربية المتحدة .ويمكن التكهن أن الجولة الأردوغانية للخليج لم تكن بمعزل عن الاستدارة التركية نحو أمريكا والناتو لأن الاقتصاد التركي يغرق ويحتاج إلى من ينتشله لذلك هي الان في وجهتها نحو أمريكا والاتحاد الأوربي خاصة وأنه لم ينل ما يبتغيه من الروس والصينين خاصة في سورية وفي أوكرانيا وربما والمتوقع أن يؤثر على السياسة التركية الداخلية ، وعلى خطواتها القادمة في سورية شرط أن ينال حصته من إعادة الإعمار في سورية ، وأن يكون له دور في حل الأزمة السورية وفق قرار 2254 الدولي ويميل إلى قبول الوضع في شمال شرقي سورية في ظل الإدارة الذاتية، ولنترقب.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى