الإمارات والبراغماتية الخليجية الجديدة

علي يونس

لم يكن يدور في خلد قادة الإمارات، أن تحالفهم مع السعودية في خوض الحرب في اليمن ضد الحوثيين ،وإعادة الشرعية إلى اليمن. ستطول لسنوات، لكن الأدهى أن الحوثيين حلفاء إيران الجار اللدود للإمارات والمحتلة لجزر الإمارات الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ،تخطوأ الخطوط الحمراء ووصلت مسيراتهم وصواريخهم إلى قلب المدن الإماراتية

 ولعل من المنطق أن تلجأ الإمارات إلى الصديق الأمريكي لوضع حد لتجاوزات الحوثيين عبر مدهم بالاسلحة النوعية لكبح جماح المسيرات الحوثية، إلا ان المزاج العام الأمريكي يميل إلى وقف الدعم ووضع حد لهذه الحرب عبر إيقاف بيع الأسلحة إلى الإمارات والسعودية والخروج بصيغة لا غالب ولا مغلوب، بل أن السياسة الأمريكية الجديدة في الخليج في عهد ترامب أظهرت علنية أنه دول الخليج دفع ثمن للحماية الأمريكية لها،كما أن بايدن ينتهج سياسة خجولة في تعاملها مع الخطر الحوثي، وهذه ما يثير حفيظة دول الخليج ويعزز من مخاوفها، بأن تكون هناك صفقة بين إيران وواشنطن فيما يخص الملف النووي الإيراني، تكون دول الخليج كبش فداء لها.

وقد أقدمت الإمارات على خطوة محفوفة بالجدل، حين قررت إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع اسرائيل رغم علمها أن ذلك سيؤدي إلى حملة استهجان من الأنظمة القومية والحكومة الفلسطينية ،إلا أنها تعتبر أمنها القومي فوق أي اعتبار، وقد كانت الإمارات تأمل بمساعدة اسرائيل لها في التصدي للمسيرات والصواريخ الحوثية، إلا أن هذه الأسلحة من الصعوبة رصدها وإيقافها عن الوصول إلى أهدافها في الداخل الإماراتي، وهكذا تولدت قناعة لدى القادة الإماراتيين، أن الحل يكمن في البحث عن طريقة لإيقاف هذا المسيرات لا صدها

وقد واتت الإماراتيين فرصة العمر، وذلك باندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وقد استغلها قادة الإمارات أفضل استغلال ومن المرجح أن هناك اتفاقاً جرى بين الروس والإماراتيين يقوم على وقوف الإمارات على الحياد فيما يخص الغزو الروسي لأوكرانيا وهذا ما تجلى في امتناع الإمارات عن التصويت على قرار يدين روسيا في مجلس الأمن ولا سيما أنها عضو غير دائم فيها وهذا ما اثار استهجان وسخط واشنطن والاتحاد الأوروبي، كما أنها لم ترضخ للطلبات الأمريكية بزيادة انتاجها من النفط لتلبية حاجة السوق العالمية في حال الإستغناء عن النفط الروسي أو حظر شرائه، وقد شملت الصفقة أيضاً إضفاء الشرعية مجدداً على النظام السوري وذلك باستقبال الرئيس السوري في أول محاولة عربية لفك العزلة عنه منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وهذه الخطوة الإماراتية أثارت ردود أفعال مستهجنة من الدول الغربية وصلت إلى حد الإدانة والتلويح بفرض عقوبات على الدول الإماراتية، كما أن الإمارات سمحت للأثرياء من الروس بالانتقال إلى دبي بعد أن ضاقت بهم الأحوال في الغرب جراء العقوبات التي فرضت عليهم فيها وكل ذلك فعلته الإمارات مقابل وعد روسي بايقاف هجمات الحوثيين عليها عبر التوسط لدى الإيرانيين بمنع الحوثيين من مهاجمة أهداف داخل العمق الإماراتي، وهذا ما حدث.

إن انتهاج الإمارات سياسة معادية لواشنطن قد يجر عليها الويلات في حال فشل الغزو الروسي لأوكرانيا أو سقوط بوتين لكن لا خيار آخر لديهم طالما واشنطن عاجزة عن حمايتهم وروسيا لديها مفاتيح الحل، والأيام حبلى بالمفاجآت.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى